الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

أبناء المسؤولين

نشر بتاريخ: 20/04/2015 ( آخر تحديث: 20/04/2015 الساعة: 15:13 )

الكاتب: سعيد زيد

تناول الصحفي ناصر اللحام في مقاله بعنوان "ثانيًا: أبناء المسؤولين" المنشور على وكالة معا الاخبارية، تداول فكرة إنشاء مدرسة للموهوبين زمن الرئيس الراحل ياسر عرفات، وموقف الأستاذ حافظ البرغوثي الرافض للفكرة، كونها ستتحول إلى مدرسة لأبناء المسؤولين؛ لأن كلاً منهم يعتبر ولده مميزاً وذكياً وعبقرياً كأبيه. 

ولإزالة تخوفات الأستاذ البرغوثي اقترح إعادة إحياء الفكرة من جديد، على أن تتبع المدرسة جامعة الاستقلال للعلوم الأمنية في أريحا، لتكون مدرسة خاصة بالموهوبين أبناء الفقراء ومتوسطي الحال. لأن الجامعة المذكوره تكاد تخلو من أبناء المسؤولين المتنفذين، رغم أنها جامعة حكومية مجانية، ووظائف خريجيها مضمونه؛ لأنها تختص بتخريج كادر مؤهل للعمل في الأجهزة الأمنية، ويتنافس على الدارسة فيها الطلاب الحاصلون على أعلى المعدلات في الثانوية العامة "التوجيهي".

ويدل خلو الجامعة من أبناء المسؤولين إلى تضحياتهم من أجل أبناء شعبهم الفقراء، فقد ذهبوا للدراسة في الخارج والجامعات المحلية، وتحملوا تكاليف مالية باهظة، وعذاب الغربة لإفساح المجال لأبناء الفقراء والشهداء ليدرسوا في جامعة أريحا؛ نظرا لأوضاعهم المادية الصعبة التي لا تسمح لهم بالسفر للخارج ودراسة تخصصات أخرى.

أبناء المسؤولين ليسوا بحاجة إلى الجامعة المجانية والوظيفة المضمونة، فلديهم ما يكفي من المال والسيارات الحكومية والمؤهلات التي لا يمكن الحصول عليها بالدراسة والمثابرة، التي تمكنهم من فتح الأبواب كافة، بما فيها الحصول على الوظيفة والدرجة التي يريدون، وبالتالي مستقبلهم مضمون. وقد يرجع خلو الجامعة من أبناء المسؤولين لكونهم مدللين مرفهين لا يستطيعون العيش في جو حار ورطب كأجواء أريحا، وأنظمة جامعية صارمة حريصة على تخريج أفضل الضباط للعمل في الأجهزة الأمنية، وتقديم أحسن الخدمات لأبناء شعبنا.

ويمكن أن يكون العامل الآخر الطارد لأبناء المسؤولين من الجامعة اقتصادياً، فالرواتب في الوظائف الأمنية متدنية قياسًا بالرواتب في الشركات ووزارة الخارجية والهيئات المستقلة وغير الحكومية التي يفضلونها، لجني المال الوفير الذي يمكنهم من العيش في بحبوحة، والمحافظة على مستوى اقتصادي واجتماعي مميز، بعيدا عن دفع ضريبة الدم التي يتم تأهيل خريجي الجامعة لتقديمها فداء للحرية والوطن، وقناعة أبائهم بأن مستقبل السلطة بشكلها الحالي غير مؤكد، ومستقبل هكذا دراسات في بلاد أخرى غير مضمون. وقد يرجع خلو الجامعة من أبناء كبار القوم بأن لا مجال للواسطة والمحسوبية، فالقبول يتم وفق أسس محددة ومعلنة، ومسؤولوها محصنون، ولا يخضعون للضغوط من أي كان.
وأيا كانت الأسباب، فإن التحاق أبناء المسؤولين بالجامعة لن يضيف إليها الكثير ، إلا أن وجودهم هناك سيدفع آباءهم إلى مزيد من الاهتمام بهذه الجامعة التي تعتبر مصنع الرجال.