الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الشعب المصري وإصلاح المؤسسات

نشر بتاريخ: 10/05/2015 ( آخر تحديث: 10/05/2015 الساعة: 12:55 )

الكاتب: أيمن هشام عزريل

يتميز النظام السياسي المصري بأنه نظام رئاسي، وبأنه نظام قائم على تعدد المؤسسات السياسية الرسمية، وهي:
أولاً: المؤسسة التشريعية وهي صاحبة حق التشريع، وتتكون من مجلس الشعب وهو هيئة شعبية منتخبة وفقاً للقانون الذي يحدد نظام الانتخاب، والدوائر الانتخابية، أما اختصاصاته فهي مناقشة القوانين المقدمة من الحكومة، وإقرار السياسة العامة للدولة، ووضع الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العامة، ويمارس المجلس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، كما يتمتع بحق سحب الثقة من أحد نواب رئيس الوزراء أو الوزراء بعد استجوابه .

ثانياً: المؤسسة التنفيذية وتتمثل في رئيس الجمهورية والحكومة؛ فرئيس الجمهورية هو قمة السلطة التنفيذية، ويشارك مجلس الوزراء في وضع السياسة العامة للدولة، ويشرفان على تنفيذها، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ورئيس المجلس الأعلى للشرطة، ورئيس مجلس الدفاع الوطني، وراعي الحدود بين سلطات الدولة، والمسئول الأول عن الوحدة الوطنية وسلامة الوطن، وأداء مؤسسات الدولة.

عرفت مصر الأحزاب السياسة بمعناها الحديث في القرن التاسع عشر، تعبيراً لتفاعلات اجتماعية، واقتصادية، وفكرية معينة شهدتها في تلك المرحلة، والتي شهدت أيضاً نشأة وتطور مؤسسات الحكم الحديثة في مصر، وبدأت هذه الأحزاب في تشكيل جمعيات اجتماعية وسياسية، تبين أنها ليست فعالة فهي ليست وسيلة سلمية لتسوية الصراع على السلطة إذ قاطعها الكثير من القوى السياسية، وليست آلية للتداول على المناصب السياسية العليا، ولم يكن هدفها توعية وتثقيف المواطنين وتجنيد السياسيين والقادة، وعلى العكس من ذلك فكانت أهدافها إضفاء شرعية شعبية زائفة، وتعبئة الجماهير وراء الحكام، وصرف أنظارهم عن الإصلاحات السياسية الحقيقية، والتخفيف من حدة ضغوط المعارضين المنادين بالإصلاح في الداخل، وضغوط المطالبين باحترام حقوق الإنسان في الداخل والخارج، فأصبحت ونتيجة للقيود المفروضة مجرد آلية من آليات النظام الحاكم.

ولو نظرنا إلى خارطة الأحزاب السياسية في مصر؛ نلاحظ وجود حزب حاكم (الحزب الوطني الديمقراطي)، وأحزاب أخرى معارضة، فالحزب الحاكم هو المسيطر ويصفه البعض بالحزب المهيمن، رغم تعدد الأحزاب، ويلاحظ أن الحزب تغلب عليه الطبقة الوسطى مع عدد من رجال الأعمال، وخلوه لقاعدة جماهيرية واسعة، كما يعاني من غياب فكري واضح فمنهم ذو ميول (علمانية، متدينين، تقدمية، عروبية...) مما أدى إلى انتشار حالة الفوضى الداخلية وغياب التكوين والمهارات السياسية عن الكثير من أعضائه، بل وغياب لقيمة العمل الجماعي والمؤسسي عن أدائه.

إن هذه التجربة الحزبية لم تعبر عن تعددية حقيقية بسبب الولادة القيصرية للأحزاب السياسية، وسيطرة حزب الحكومة على الحكم، واحتفاظه بالأغلبية المطلقة، وعدم الفصل بين الحزب الحاكم والدولة أو بين رئاسة الحزب ورئاسة الدولة.
إن عملية الإصلاح السياسي تدفع بها مجموعة من المؤثرات، والمتغيرات الداخلية والخارجية، هذه المؤثرات تتباين في مدى قوتها وتأثيرها في تحقيق حالة الإصلاح السياسي، بما يتضمنه من توسيع قاعدة المشاركة السياسية، ونشر الثقافة السياسية الديمقراطية واعتماد آلية سلمية لتداول السلطات.
إن هنالك حقائق هامة نابعة من واقع المجتمع المصري التي يجب إدراكها، والتعامل معها ومعالجتها عند الشروع بأي عملية تنموية إصلاحية، حقائق شكلت على فترات طويلة مضت عقبات وعوائق حالت دون تحقيق الإصلاح المنشود.

إن الشعب المصري أصبح اليوم في أمس الحاجة إلى عملية تنمية جذرية تهدف إلى تحديث هيكله، وإصلاح مؤسساته ومعالجة أمراضه، وتجاوز حالات الركود، والتخلف فيه، وتفادي الضغوط الخارجية التي تطالب بإصلاحات سريعة مرتجلة، قد تتسبب في إحداث انهيارات وانقسامات.
ويمكن القول أن مصر يمكن أن تحقق تعددية سياسية حقيقية، إذا ما أبعدت الأحزاب والمكونات الأخرى عن القيود القانونية، وسمحت لها بالعمل السياسي الحر غير المقيد وابتعدت السلطة الحاكمة عن الهيمنة على مؤسسات الحكم.