الأحد: 12/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

نقاش في واقع الهبة الشبابية الجماهيرية في ظل واقع الحركة الوطينة

نشر بتاريخ: 20/10/2015 ( آخر تحديث: 20/10/2015 الساعة: 15:16 )

الكاتب: يونس العموري

عناوين كبيرة وعريضة تحاول الاقتراب من حقيقة واقع المرحلة ومحاولة وصف الحالة او الاقتراب من حيثياتها، مع الاخذ بعين الاعتبار هذا الاجتهاد من قبل سادة التحليل والتوصيف لما جرى ويجري على الساحة الفلسطينية حيث تضارب الاراء وتناقضها ما بين من يصفها بالحراك الشبابي الشعبي غير المنظم او كون الحالة هبة جماهيرية احتجاجية لسياسات الاحتلال وممارسته ومن وراءه جيش المستوطنين في الاراضي الفلسطينية المحتلة عموما وبالقدس خصوصا وهناك من قال وما زال يحاول اثبات نظرية الانتفاضة بالمفهوم الكلاسيكي للفهم العملي للانتفاضة، وفقا لإستنتساخ تجربة الانتفاضة الاولى، وهنا من مضى بالتحليل باعتبار الشباب المتمرد على قيادته وفصائله قد اطلق هذه المواجهات الغاضبة كتعبير عن حالة الغضب، بعد ان ضاق ذرعا بكل ما له علاقة بالشأن الحياتي عموما، وعلى وجه الخصوص حالة الشباب المقدسي كجزء من الواقع المعيشي العام للمقدسيين حيث انسداد الافق، والاذلال اليومي من قبل سلطات الاحتلال وتغول المؤسسة الاستيطيانية عليهم وعلى مدينتهم واحياءهم ومقدساتهم ورموزهم الوطنية. 

وبعد ان فقدت الحركة الشباببية فعل التواصل مع كافة أطر القوى الوطنية التي باتت عاجزة عن استيعاب حالة الغضب العامة التي تعتمر الذات الجمعية الجماعية لهؤلاء الشباب، وحيث ذلك جاء هذا التعبير في اطار الفعل الغاضب غير المؤطر كلاسيكيا حتى اللحظة كتعبير ورغبة شبابية بالمساهمة في مسار العملية التفاعلية الشعبية الجماهيرية للخلاص من وقائع وقوانين باتت تفرض نفسها قصرا على المعادلة السياسية الوجودية للشعب الفلسطيني بالظرف الراهن ومن الممكن اعتبار ان هذا الحراك الجماهيري الشعبي انما يأتي في اطار التوق للخلاص من وقائع الواقع بمختلف معطياته ..

ان هذه المجموعات الشباببية من الملاحظ انها قد بدأت طريقها الى التواصل والتأثير بمجريات وقائع الأمور وسياسات السلطة وحتى الحزبية والفصائلية وبشكل علني ودون مواربة انما تنذر بخطورة ما بمكان ما، لابد من التوقف عندها وعند حيثياتها ومحاولة استقراءها بالشكل العلمي والعملي وما مدى تأثيرها والتأثر بها.. مع الأخذ بعين الاعتبار ان جل المشاركين في هذه المجموعات الشبابية المتحركة على الارض وبالمواجهات وحتى تلك الافعال والاعمال العملاتية الفردية الارتجالية وعمليات المقاومة، والطعن بالسكاكين، هم من ابناء التنظيمات والفصائل والقوى وان كانوا من المتنكرين لإنتماءتهم في إطار المجموعات الشبابية هذه، بصرف النظر عن الأسباب الكامنة وراء هذا التنكر والإنكار سواء أكانت الذاتية او الموضوعية او ما آلت اليه الأحوال العامة للقوى الوطنية عموما..

لاشك ان الحالة الفلسطينية حالة خاصة وفريدة من نوعها، فمواجهة الاحتلال ومواجهة القضايا الداخلية يشتت الفعل السياسي الوطني عموما في ظل معطيات الواقع الفلسطيني الراهن وفي ظل الأزمات الداخلية وترهل العمل الوطني الرسمي الذي اصبح غير مقنع بالمطلق للكل الشعبي الجماهيري ...

وإذ يأتي هذا الحراك الشعبي الشبابي الفلسطيني انما يعبر عن توق هؤلاء الشباب للخلاص من الثنائي المرعب المتمثل بالإحتلال والانقسام .. فهو التوق لأنهاء الأحتلال.. وللخلاص من جبروته وقمعه بهدف الشعور بالحرية وبإنسانية الانسان.. وهو التوق للإنعتاق من جبروت التقسيم والتجزيء.. وهو التوق للإنعتاق من الشتات واللجوء لتكون العودة.. وهم شباب أمن بإمكانية العمل والفعل بعد ان غاروا ووجدوا انفسهم مكبلين باطواق امراء منصات الخطاب والقول، وبعد اصبح هؤلاء الأمراء عجزة غير قادرين على الفعل والعمل والمبادرة الخلاقة التي من شأنها استقطاب واستيعاب الأطروحات الشبابية العملية، وكان ان تمترس الشباب الفلسطيني لأسابيع طويلة امام شاشات البث المباشر لمتابعة الفعل الاستطياني المتغول بكافة اماكن الاراضي الفلسطينية المحتلة وبممارسات الاجهزة الرسمية لدولة الاحتلال تجاه القدس واتجاه رموزه الوطنية، فوجدوا انفسهم بأخر الركب بعد ان ارتهنوا لإرادة زعامات القبائل الفصائلية وتنظيرات العقلنة والعقلية في خطابات الثوار القدماء من جيل الحرس القديم والذي ظل مسيطرا على مشهد صناعة القرار الفلسطيني الرسمي او ذاك الفصائلي الجهوي المتكلس والذي يختزل فلسطين من خلال مصلحته الحزبية والتي قد تتماهى بالخاصة ايضا ... اكتشفوا انهم في اخر ركب ثوار منطقة وقوى التغير فارادوا ان يحدثوا ضجيجا ليقولوا اننا هنا، يريدون اثبات الوجود بعد ان وجدوا انفسهم على هامش وارصفة القوى الفصائلية والحزبية وبعد ان ايقنوا انهم وقودا في تأجيج صراعات امراء القبائل التنظيمية، وانهم مستخدمون من الكل القيادي بصرف النظر عن مواقعهم السياسية..

ولا شك ان الحراك الشبابي الشعبي المعبر بذات الوقت عن مما لابد ان تكون عليه ساحة مواجهة الاحتلال والتصدي لعدوانيته عموما. فأطلقوا حملاتهم عبر الشبكة العنكبوتية في محاولة منهم لإستلهام لقرع جدران الخزان واحداث الضجيج في ظل الصمت المدوي .. فبادروا لطرح العناوين في عالمهم الإفتراضي ليكتشفوا امكانية ان يتحولوا الى ارادة فعلية للنزول الى الأرض واحداث الضجيج المؤشر القوي لفعلهم ولصوتهم هكذا كان اعتقادهم وهذا هو افتراضهم.. بأختصار شديد هذه هي الحالة الشبابية الفلسطينية الراهنة واذا ما صح او جاز مناقشة هذه الحالة فلابد ان نحدد منطلقات التحرك الشبابي في ظل هذه العناوين السالفة الذكر وهل يصح تحديد هكذا عناوين في ظل الأليات المطروحة للخلاص من الاحتلال وللخلاص من الانقسام ولتحقيق حلم العودة الى الديار..؟ وهل هذه التحركات او الحركات الإفتراضية في عالم الأنترنت تصلح لأن تشكل حالة ثورية شعبية مقاومة للإحتلال في ظل ادوات الاحتلال..؟ وهل من الممكن فرض قوانين جديدة على فعل التحرر والتحرير من خلال هكذا تحركات ان صح تسميتها بالإحتجاجات التي قد تصلح في دول ذات سيادة تواجه انظمتها الحاكمة وبالتالي الغاء قوانين المقاومة الشعبية وتلك الثورية ذات الأدوات والأساليب والوسائل الخاصة المعروفة والمعلومة لمواجهة الاحتلال وتحقيق الأهداف الجماهيرية التي اجمع عليها الشعب كل الشعب من خلال الصياغة الشعبية البسيطة..؟ وبالمنطق العقلاني وبالتجربة التاريخية كنتيجة طبيعة للفعل التراكمي للمقاومة الفلسطينية بكل مكوناتها..؟ هي اسئلة تكاد تطرح يوميا على الكل المهتم بالشأن العام ... فما هو السبيل لإعادة استنهاض الحالة الفلسطينية في ظل وقائع المرحلة الراهنة..؟ وفي ظل المشهد القيادي العام..؟ ومن خلال الأطروحات النظرية وكيف من الممكن اعادة التموضع للقوى الوطنية عموما..؟ بعد ان اصبحت و صارت لاهثة خلف مصالحها بإثبات الذات والوجود على الخارطه السياسية والكيفية العملية للتربع على عرش السلطه كفعل سياسي احترافي وذلك على حساب الفعل التحرري ومواجهة الاحتلال وسياساتها على الأرض الفلسطينية.

ان اخطر ما يجري الأن في ظل الحراك الشبابي الشعبي والهبة الجماهيرية الوطنية بوجه الاحتلال ( الانتفاضة ) هو هذا التنكر للقوى والفصائل الوطنية الفلسطينية وهو ما ينذر بهبوط حاد في فعل هذه القوى والفصائل وابتعادها عن نبض الجماهير وقواها الحية وحراكها الشعبي الشعبوي الأمر الذي قد يحمل معه الكثير من التغيير على المشهد الفلسطيني عموما وهنا لابد من التنبه الا ان الطبيعة لا تقبل الفراغ وحيث ان هذه القوى والفصائل قد احدثت فراغا حقيقيا في القدرة على استيعاب الحركات الشعبية الجماهيرية فلابد من ان تصعد قوى جديدة لا يمكن التنبؤ بشكلها او توجهاتها بالظرف الراهن والتي قد تكون الأقرب الى القوى الإئتلافية الليبرالية التي قد تصلح لمواجهة أزمات الداخل الفلسطيني ولكن حتما انها قد لا تصلح لمواجهة الاحتلال بقوانين الفعل التحرري وأتون المقاومة كتعبير طبيعي لإرادة الشعوب بتقرير المصير وتحقيق الحرية وبناء الدولة ذات السيادة وبالتالي تحرير الرض والانسان.