الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

حاييم رامون نام مبكرا واستيقظ متأخرا جدا

نشر بتاريخ: 10/11/2015 ( آخر تحديث: 10/11/2015 الساعة: 12:59 )

الكاتب: محمد خضر قرش

في مقالة ملفتة للنظر كتبها حاييم رامون أحد قادة حزب العمل ورئيس الهستدروت ووزير داخلية سابق في جريدة يديعوت احرنوت ونشرتها جريدة القدس يوم 3 نوفمبر الحالي بعنوان "لننقذ القدس اليهودية والحوض المقدس ونعيد التجمعات الفلسطينية للضفة" أفصح كما يفعل غيره من المسوؤلين السابقين بأن ضم 28 تجمعا وقرية للقدس الكبرى مثل بيت حنينا والعيسوية وقلنديا وشعفاط ومخيماتهما وسلوان وجبل المكبر وصور باهر والثوري كان من:أبرز الأفعال السخيفة الكبرى في تاريخ الصهيونية كما يقول حاييم رامون نفسه، فنحن ندفع ثمنا باهظا اليوم بالدم والدماء في عاصمة إسرائيل!!.وطبقا له يوجد في (عاصمة إسرائيل) اليوم فلسطينيون أكثر مما يوجد من يهود صهاينة ،والتعبير ما زال لحاييم رامون. 

والغريب ليس فيما أتى على ذكره رامون فهذا كان لنا واضحا منذ البداية لكن نشوة أو حمية الإحساس بالانتصار عام 1967 جعل التفكير الصهيوني لا يرى من الأمور سوى ما أفرزته الحرب وقتها مما جعلته لا يرى أبعد من أنفه أو أبعد مما بلغته أحذية جنود الاحتلال.وبحكم إصابته بأنفلونزا الصيف الحادة والتي تماثل حد السيف كما يقول المثل الشعبي، مما أفقد سلطات الاحتلال حاسة الشم ولم تعد قادرة وبالأدق لم تعد راغبة أو مستعدة لتوقع ما قد يحصل في المستقبل.فالتفكير بالنسبة لها توقف عند نهاية يوم الجمعة التاسع من حزيران عام 1967 والذي صادف ما يطلق عليه "شبات شالوم" أي دخول يوم السبت. 

لقد تجمد الزمن لديها عند ذلك التاريخ متوهمين بأنهم تمكنوا من توحيد القدس ومن يومها وكافة السياسيين وفي مقدمتهم رؤساء الحكومات يقسمون أغلظ الإيمان بما فيهم رامون نفسه، بأن القدس الموحدة لن تقسم مرة أخرى أبدا!! وبسبب سخافتهم وجهلهم وجبنهم السياسي كما يقول رامون،نجد بأن الفلسطينيين باتوا يشكلون نحو 38% من سكان العاصمة بشطريها الشرقي والغربي معا!!مع أنهم يدركون تماما كما كتب رامون بأن الأحياء التي ضموها للقدس الشرقية والمشار إلى بعضها آنفا لم تكن في أي فترة تاريخية جزءا من مدينة القدس.وما يقلقه أكثر من غيره هو أن متوسط عدد أعمار الطلبة من الفلسطينيين بكافة مراحل التعليم في القدس يصل إلى 57%، أي أنهم يشكلون الأغلبية بين قطاع الطلبة.وهو كغيره لا يرى إلا ما تنفقه مؤسسة التامين الإسرائيلية على العائلات المقدسية والمقدر بنحو ملياري شيكل سنويا متجاهلا كليا ما يدفعه المقدسيون لسلطات الاحتلال والبلدية والضرائب بما فيه مؤسسة التامين نفسها والذي يصل إلى ثلاثة أضعاف المبلغ المشار إليه.

وفي الحقيقة فان من أكثر الاحتلالات جدوى في العالم كله ماليا وبشريا هو الاحتلال الإسرائيلي.فوفقا لرامون فإن الوضع العبثي السائد حاليا لا يطاق ويجب تغييره وفورا ويضيف"فعلى الحكومة أن تقرر في أقرب وقت ممكن تصليح الخطأ المأساوي الذي ارتكبته عام 1967 وربما نسي رامون أن يكتب بان من قرر ضم التجمعات والقرى الفلسطينية إلى القدس كان حزب العمل الذي كان هو نفسه عضوا فاعلا فيه ووزيرا للداخلية فيما بعد وبمناصب أخرى أكثر أهمية رامون نام مبكرا جدا جدا ولم يستيقظ إلا أول من أمس ليعلن على الملأ ضرورة تعديل القانون الأساسي الذي تنص على إخراج التجمعات والقرى الفلسطينية من نطاق سيادة إسرائيل والأراضي البلدية للقدس وبهذه الطريقة حسب رأيه يتم إخراج نحو 200- 250 ألف فلسطيني من سكان المدينة.

الوزير السابق رامون لم يستيقظ خلال العقد والنصف الماضي على الرغم من شن سلطات الاحتلال لحروب عدوانية عديدة في الضفة والقطاع ولبنان وسوريا ذهب ضحيتها الآلاف من الفلسطينيين والعرب.ما أيقظه هو الاختلال الديموغرافي في المدينة المقدسة وإنفاق مليارا شيكل سنويا على العائلات المقدسية وهو لا يزيد عن ثلث ما يدفعه المقدسيون لسلطات الاحتلال سنويا.بالنسبة لرامون الاحتلال ليس خطيئة وجريمة بحق الإنسانية بل بالزيادة السكانية للفلسطينيين في القدس والتي أخلت في التوازن الديموغرافي .والسؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا لم تقم الحكومة الذي كان عضوا فيها وله فيها صوت مسموع من تغيير القانون الأساسي وإخراج القرى والتجمعات المذكورة من حدود بلدية الاحتلال؟؟ 

وهنا نريد أن نفزع ونصدم رامون أكثر ونقول له الحقيقة التالية:انه مع حلول عام 2020 على أبعد تقدير متحفظ جدا ،فأن عدد المقدسيين سيزيد عن عدد اليهود الصهاينة وان بإمكانهم لو أرادوا أن يكون رئيس البلدية مقدسيا صرفا ،وهذا ما قاله أكثر من عضو من مجلس البلدية حاليا.فوفقا للإحصائيات الإسرائيلية فإن كل خمسة يهود في القدس الموحدة مقابلهم أربعة مقدسيين .ومن المهم أن نقول لك(رامون) قبل أن تغفو مرة أخرى ولا تستيقظ إلا بعد عام 2020،أن الحل لا يكون بتغيير القانون الأساسي وإنما بالانسحاب من القدس والأرض الفلسطينية كلها. فصديقك يائير لبيد رئيس حزب يش عتيد صرح لجريدة "يديعوت احرنوت" في نفس اليوم الذي كتبت فيه مقالك، "انه حان الوقت لإخراج الفلسطينيين من حياتنا إلى الأبد، عبر بناء جدار فصل جديد مطلق (يقصد جدار فصل آخر غير القائم حاليا) فهو لا يريد العيش معنا بل الانفصال كليا. وهو يتخوف مثلك من التهديد الديموغرافي الذي يعتبره من اخطر ما يواجه إسرائيل!! وقد كشف عن عنصريته كما فعلت أنت وغيرك حينما قال:" لا نريد فلسطينيين يهددون حياتنا مع سكاكين في الشوارع، تخيلوا أن 360 ألف فلسطيني في القدس ينتخبون للبلدية فعندها يكون لدينا رئيس بلدية فلسطيني يقرر متى تكون الصلاة في الأقصى وحائط المبكى (البراق)، يجب أن يكون فصل مطلق بيننا وبينهم لا نريد العيش معهم بعد". ما تنكرونه اليوم هو ما ستعترفون به غدا وهو أن المشكلة الأساس هي في الاحتلال العنصري الإسرائيلي للقدس وفلسطين. وكل ما تطرحونه ليس أكثر من ذر الرماد في العيون. 

نحن باقون هنا فلتشربوا البحر.فبعد خمس سنوات من الآن إذا لن تنسحبوا من القدس وفلسطين نحن من سيقرر مصيركم ونحن من سيتولى رئاسة بلدية القدس كلها وسنحقق نبوءة يائير لبيد وغيره.الفزع الذي سيصيبكم بعد خمسة أعوام سيكون كبيرا وغير محدود وقل مثيله .