الخميس: 16/05/2024 بتوقيت القدس الشريف
خبر عاجل
مصادر عبرية: إصابة في عملية طعن قرب مستوطنة "يتسهار" جنوب نابلس

هل تصلح مبادرة مروان البرغوثي لإنهاء الانقسام ؟

نشر بتاريخ: 27/04/2016 ( آخر تحديث: 27/04/2016 الساعة: 11:18 )

الكاتب: رائد محمد الدبعي

على الرغم من دخوله عامه الخامس عشر خلف القضبان، إلا أن المحتل لم ينجح في تغييبه عن المشهد السياسي في الوطن، ولم يحل دون مشاركته في نضال شعبنا، وتوقه نحو الحرية والاستقلال، مما أهله ليكون أكثر الشخصيات السياسية والوطنية شعبية في الوطن والشتات، وفق ما تؤكده مختلف استطلاعات الرأي خلال السنوات العشر الماضية.
تمتلك مبادرة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الأسير مروان البرغوثي الأخيرة التي أعلنها من زنزانته لإنهاء الانقسام الداخلي وتوحيد الصف الوطني، كل المقومات التي تؤهلها، لتكون بمثابة خارطة طريق حقيقية، وموضوعية، وعملية، وقابلة للتنفيذ والنجاح، وذلك لعدد من الأسباب الموضوعية التي تضاف لقامة صاحبها.

أولا، كونها المرة الأولى التي يتم استحضار ضحايا الانقسام الحقيقيين، واقتراح دور فاعل لقوى المجتمع المختلفة في إنهاء الانقسام، حيث أشارت المبادرة إلى ضرورة إشراك كافة القوى السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والفكرية، والأكاديمية، وممثلين عن الشباب، والمرأة والأسرى المحررين، وممثلين عن فلسطينيي الداخل والشتات، من أجل وضع إستراتيجية فلسطينية جديدة، ومن أجل إقرار وثيقة العهد والشراكة، المستندة إلى الميثاق الوطني، ووثيقة الاستقلال، ووثيقة الأسرى للوفاق الوطني، وهو الأمر الذي يمهد بشكل صلب لتحقيق المصالحة المجتمعية، التي أضحت مطلبا هاما، وممرا إجباريا، من أجل النفاذ نحو تحقيق وحدة الوطن، ,والنظام السياسي، والبرنامج الوطني الموحد، في ظل الأمراض الاجتماعية المتفشية في الجسد الفلسطيني، بسبب تراكم سنوات الانقسام.

وثانيا، كونها تصوّب وضع النظام السياسي الفلسطيني، وتحدد وظائف مكوناته بشكل دقيق، من خلال إعادة الاعتبار لدور منظمة التحرير الفلسطينية، كونها المرجعية السياسية لشعبنا في الوطن والشتات، والمظلة الجامعة، والممثلة للكل الفلسطيني، مما يتطلب إعادة تفعيلها، ومنحها سلطة اتخاذ القرار السياسي، والدبلوماسي، والتفاوضي، والمقاومة، كما حددت في ذات الوقت مهام السلطة الوطنية الفلسطينية، والتي تعتبر الابن الشرعي لمنظمة التحرير، ومشروعها الهادف إلى تحقيق الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، بإدارة شأن الخدمات في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، دون أن يكون لها سطوة على الشأن السياسي أو الأمني، وهو الأمر الذي من شأنه يعيد لمنظمة التحرير دورها القيادي في توجيه الشعب الفلسطيني، وتجنيد قواه في كافة الساحات.

وثالثا، فقد استطاعت المبادرة أن تجيب على السؤال الأكثر الحاحا في السعي نحو توسيع منظمة التحرير، لتشمل كافة القوى السياسية، بما فيها حركتي حماس والجهاد الإسلامي، ، وهو السؤال الذي يؤرق مضاجع اليسار واليمين، ألا وهو كيفية التمثيل في أطر المنظمة، دون إقصاء أحد، وبعدالة وموضوعية، حيث أجابت عليه المبادرة من خلال المزاوجة ما بين فلسفة تأسيس منظمة التحرير كونها إطارا جامعا، وحاضنا للكل الفلسطيني، دون تهميش أو إقصاء، مع الالتفات الموضوعي إلى حجم القوى السياسية والمجتمعية على الساحة الفلسطينية، من خلال ما ستعكسه نتائج الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة، وهو الأمر الذي عبرت عنه المبادرة بالقول "على قاعدة ما تعكس نتائج الانتخابات وضمان مشاركة الجميع بالحد الأدنى وعلى قاعدة التوافق"، مما يحفز مختلف القوى على المشاركة في عملية تفعيل المنظمة دون خوف من الإقصاء والتهميش .

ورابعا، اتصاف المبادرة بالشمول والعمق والواقعية، وتلمّس نبض الجماهير، فمن حيث الشمول، تشير المبادرة إلى ضرورة إطلاق حوار وطني شامل لوضع أسس ومبادئ وقواعد الشراكة الكاملة وغير المنقوصة في المنظمة والسلطة والحكومة والمجلس الوطني والتشريعي والمؤسسات المدنية والأمنية، ووضع مسودة وثيقة العهد والشراكة".

ومن حيث العمق والواقعية، تقوم المبادرة على أننا نمر بمرحلة التحرر الوطني بما يقضي بالتصرف حسب قواعد وشروط هذه الحالة، وتبني خطاب التحرر الوطني، وهو الأمر الذي لا يتعارض مع جهود بناء الدولة، والتأسيس لمجتمع حي، يقوم على أسس الحرية والمساواة، والديمقراطية، والعدالة الإجتماعية، أما من حيث تلمس نبض الجماهير، وحقوق المواطنين، فقد ركزت المبادرة على ضرورة التمسك بالتعددية السياسية والحزبية، واحترام حرية الرأي والتعبير، وحرية الصحافة، والحريات الشخصية والعامة، واستقلال القضاء، والنقابات، والاتحادات، وتعزيز دور المجتمع المدني والأهلي، ورفض كل أشكال التعذيب أو الاعتقال التعسفي، وتعزيز سيادة القانون، ومشاركة المرأة بشكل كامل، وحماية حقوقها ومكتسباتها، وتبني ودعم حملة المقاطعة الدولية، وانتهاج أسلوب المقاومة الأنجع، مع الاحتفاظ بحق شعبنا بكل الخيارات التي حفظتها لنا الشرعية الدولية، وهو الأمر الذي غاب عن كل أجندات لقاءات المصالحة السابقة، والتي ركزت على إنهاء الإنقسام السياسي، مغفلة دور الحريات، وضرورة تحقق الحقوق الأساسية القائمة على قيم المواطنة والمساواة والعدالة لتحقيقها، مما أهلها، وسيؤهلها مستقبلا للفشل.

لقد استطاع الأسرى وفي مقدمتهم مروان البرغوثي في أيار 2006، أن يهدوا شعبنا وثيقة الوفاق الوطني، والتي أضحت خريطة طريق للعلاقة بين الأشقاء في الساحة الفلسطينية، وعلى الرغم من أن الظروف الحالية تحول دون تطبيقها، إلا أن ذلك لا يلغي أهميتها كونها محط إجماع وطني شامل، وفي ذات السياق، فإن مبادرة مروان البرغوثي، والتي استلهم في وضعها دون شك رأي أخوته ورفاق دربه من قادة الحركة الأسيرة، تصلح لكي تكون قاعدة أساسية لأي جهود مستقبلية لإنهاء الانقسام، وهو الأمر الذي يستجوب الإصغاء لها، ودراستها بشكل جدي.