الثلاثاء: 30/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

همسة إلى معلمينا الأحبة

نشر بتاريخ: 20/05/2016 ( آخر تحديث: 20/05/2016 الساعة: 14:24 )

الكاتب: رائد محمد الدبعي

مد قطاع المعلمين الفلسطينيين الثورة الفلسطينية بخيرة قادتها ورموزها، من أمثال خليل الوزير وماجد أبو شرار، وصلاح خلف، وغسان كنفاني، وعمر القاسم، وصخر حبش، وغيرهم الآلاف ممن جعلوا من حقل التعليم، ساحات للتربية الثورية، وإنشاء أجيال من الفلسطينيين الثوار، الذين نفضوا عن أنفسهم عار الهزيمة، وخاضوا بكل شرف ووعي معارك الثورة والقرار الوطني المستقل، ومثل الاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين منذ تأسيسه عام 1969 أحد قلاع الثورة الأساسية في مواجهة الاحتلال، وأحد أبرز عناوين الحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية الموحدة لشعبنا في الوطن والشتات، من خلال تيقظ دائرة التنظيم الشعبي في منظمة التحرير الفلسطينية، لضرورة تنظيم وحشد طاقات هذا القطاع الهام والمؤثر في معركة التحرير، ، حتى غدا ممثلا لكل معلمي شعبنا في كل أصقاع الأرض، من خلال انتهاج أساليب نضالية متعددة، وتعبئة الطلبة وطنيا، وهو الأمر الذي ووجه بأقسى درجات العنف من جانب المحتل، فكان أن سقط منهم الشهداء والأسرى والجرحى والمبعدين.

ما يحدث اليوم من محاولات لتشكيل أجساما بديلة عن الاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين تحت أية مسميات كانت، لا يخدم قضيتنا الوطنية أبدا، ولا يخدم في ذات السياق مصالح المعلمين، ونضالهم النقابي المشروع، ويساهم بشكل حاد في شرخ وحدة العمل النقابي للمعلمين، ويضعف من فرصهم في تحقيق أي إنجازات نقابية مستقبلا، لكنه وقبل كل شيء، يشكل تجاوزا خطيرا، وهو محاولة ضرب تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية، كممثل شرعي ووحيد لشعبنا الفلسطيني، وإحداث خرق جديد في سفينة شعبنا التي تتلاطمها أمواج الانقسام الدامي، ورياح التآمر من مختلف الجهات، كما أنه يشكل اقتلاعا وإقصاء لمئات الآلاف من معلمي شعبنا في دول الشتات، الذين يشملهم اتحاد المعلمين، وهو الأمر الذي أعتقد جازما أن الغالبية العظمى من معلمي شعبنا، ينأون بأنفسهم عنه، ويرفضون أن يكونوا أداة لتعميق الانقسام، أو لضرب وحدة شعبنا في الوطن والشتات.

هذا لا يعني بأي حال من الأحوال بانه لا يحق للمعلمين رفع صوتهم، وممارسة نضالهم النقابي، واختيار من يمثلهم ويتحدث باسمهم، ولا يعني انه لا يحق لهم ممارسة كل الأساليب النقابية المشروعة والنقاشات الديمقراطية لتحسين أداء الإتحاد بشكل مضطرد، إلا أنني لا أرى أن الطريقة المثلى لذلك هي خلق أجسام بديلة، والدخول في صراع داخلي، واحتراب سيضعف بكل تأكيد من موقف المعلمين، ومن أي جهد مستقبلي للنضال من أجل قضاياهم، إذ أن هناك فرق واسع بين من يقوم بإصلاح بيته لاعتلال فيه، وبين من يحرق البيت بسكانه بمبرر الإصلاح، ففي حين استُقبل مطلب المعلمين بتغيير قيادة الاتحاد كونه لم يستطع تحقيق مطالبهم النقابية بتفهم شعبي كبير، فإن أي محاولة للانقضاض على جسم اتحاد المعلمين، الذي يشكل في الذاكرة الوطنية ميراثا نضاليا،وجزءا من مسيرة نضال شعبنا، سيقابل بكل الرفض والإستنكار، فمعلمينا هم من زرع في قلوبنا وعقولنا أن التفسخ والفرقة والانقسام، هي المرض الأكثر فتكا بنسيجنا المجتمعي، وأن الوحدة والحوار والتعددية، هي الحصانة الأكيدة التي تتحطم أمامها كل المؤامرات، ولا أرى أن معلمي فلسطين سيرضون على أنفسهم أن يكونوا في المكان الخاطىء، أو أن ينحازوا لغير الوطن، ووحدة مؤسساته، وقضاياه.

ختاما، أجد أن إنصاف أسرة التربية والتعليم، والعمل الجاد، والحقيقي من اجل توفير كل مقومات الحياة الكريمة لأعضائها، معلمين، وإداريين، يجب أن تكون أولويتنا جميعا، ويجب أن تجند لها كل الطاقات المادية والمعنوية، كما أن توفير كل متطلبات البيئة التعليمية المثالية، بما في ذلك تدريب المعلمين، وتطوير معارفهم باستمرار، هو واجب المجتمع بأسره، كما أن التمتع بأقصى درجات الحذر والوعي، وعدم الانجرار وراء مشاريع تزيد من مساحة الفرقة هو واجب كل معلمينا، وكل أبناء شعبنا.