الثلاثاء: 21/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

نحن بحاجة الى الفلزات

نشر بتاريخ: 12/06/2016 ( آخر تحديث: 12/06/2016 الساعة: 12:32 )

الكاتب: رامي مهداوي

عندما أستمع الى القيادات الفلسطينية بمختلف الوانها وأنواعها ومذاهبها الفكرية، أشعر وكأنني أستمع الى مواطن يجلس في مقهى يتناول الأرجيلة مع كأس شاي ويتحدث مع أصدقاؤه.. أشعر وكأنني أستمع الى محلل سياسي أكل عليه الدهر وشرب... أشعر وكأنني أستمع الى بائعة الصبر والتين أمام سوق الخضار_ التي أرهقها واقع البلاد_ تتحدث عن حلول للخروج من الوضع الحالي!! أشعر وكأنني أستمع الى أستاذ يعلم مادة مدخل العلوم السياسية في إحدى الجامعات!! متناسية القيادات بأنهم قيادات وصانعي قرار؟! متناسين بأنهم يمثلون الأحزاب والفصائل؟! متناسين بأنهم يمثلون المؤسسات المكونة للنظام السياسي الفلسطيني من منظمة التحرير.. المجلس التشريعي.. متناسين بأنهم قياديين في النقابات والمؤسسات الأهلية.. متناسين بأنهم قياديين وليس مواطنيين عاديين؛ ويجب أن لا يكون لسان حالهم كلسان أي مواطن عادي.

أصبحت أصاب بالغثيان كلما إستمعت الى هذه القيادات؛ لأسباب كثيرة؛ أهمها بأن كلامهم عبارة عن طحن الماء دون أي جدوى تذكر على الصعيد الفعلي والعملي وحتى السياساتي، ومن كثرة تكرارهم لما يقوله أصبحنا نحفظه عن ظهر قلب. عندما يتحدثون في المؤتمرات وورش العمل تجدهم في كلماتهم ومداخلاتهم يتحدثون بلغة المواطن، والمبكي أيضاً بأنهم يتفننون بوصف الواقع الذي نعلمه ونعيشه نحن كل دقيقة من زمن الصمود على هذه الأرض، ليتعاملوا معنا كأننا سواح وغرباء دون معرفتهم بأننا حراثين هذه الأرض.

هذه القيادات أصبحت في الوقت الحالي من حيث الفعل أشبه بالمواد العازلة بأنواعه المختلفة: العزل الحراري، العزل الصوتي، العزل الصوتي والحراري، العزل الرطوبي. الهدف من هذا العزل أولاً وأخيراً هو الحفاظ على ذاتهم، وذلك من خلال عزل صوت المجتمع وعدم ايصاله وتمثيله على طاولة صناعة القرار، أو بالعكس تماماً من خلال الإكتفاء بالصمت خلال صناعة القرار وعند خروجهم من الإجتماع يتحدثون بلسان المواطن!! فيتهافتون الى وسائل الإعلام بتصريحاتهم ومؤتمراتهم الصحفية وكأنهم تناسوا من هم؟! أو خوفهم على ذاتهم ومصالحم أنساهم من هم وما هي الأدوات التي يمتلكوها من حيث الفعل، متسترين على ذاتهم بالتبرير بأنهم لا حول لهم ولا قوة!!

لنتفق بأن المواد العازلة لا حول لهم ولا قوة، إذن حان الوقت لإفساح المجال لمن لهم المقدرة والقوة بأن يكونوا مواد موصلة وأن ينقلوا الطاقة الكهربائية من أسفل الهرم الى أعلاه حتى تضاء الطريق التي علينا مجتمعين ان نسير بها. ان عزل تلك القيادات الحرارة والضغط وغضب الشارع الفلسطيني عن صانع القرار وعدم ممارسة سياسة المصلحة العامة والحفاظ عليها سيؤدى في أي لحظة الى تفجير قد لا نستطيع أن نتحمله أو تخيله. والمزعج بالأمر بأن تلك القيادات العازلة لا تكتفي فقط بعملية العزل وإنما إحباط كل من يحاول أن يتحول الى موصل حراري "فلزات" ويقوم بنقل حرارة وكهرباء المجتمع.