الخميس: 02/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

مبادرة عباس للمصالحة ما لها وما عليها

نشر بتاريخ: 03/07/2016 ( آخر تحديث: 03/07/2016 الساعة: 16:03 )

الكاتب: حسام الدجني

مسئول ملف المصالحة في حركة فتح عزام الأحمد يقول في تصريحات خاصة لموقع 24 الإماراتي نشرت الجمعة، إن "الرئيس عباس طالب عبر الوسطاء القطريين والأتراك من حماس القبول بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، على أن يتم حل القضايا العالقة بين الطرفين بعد ظهور نتائجها"، لافتاً إلى أن "حركة فتح مستعدة للمصالحة ولقبول نتائج الانتخابات"، وأضاف الأحمد أنه "لا يمكن ربط مصير الوطن بقضية موظفي حماس، والذين فجّر الخلاف حول مصيرهم، جولة الحوار الماضية بين الحركتين، مشدداً على أن حركة حماس تختلق الأعذار والمشكلات في مختلف لقاءات المصالحة".

تصريحات الاحمد لم يصدر حتى كتابة تلك السطور أي تعقيب من حركة حماس و غيرها من الفصائل، إلا أننا نستطيع استشراف موقف حماس من المبادرة، وتحديداً فيما يتعلق بثوابت حماس في هذا الملف وهو القبول بانتخابات تشمل كل المؤسسات السياسية الفلسطينية وعلى رأسها المجلس الوطني الفلسطيني، ولا أعتقد أن الرئيس سيعارض هذا الطلب، وحتى لا نقع في شرك الافتراضات لابد من وضع صانع القرار أمام مسئولياته عبر تحليل مبادرة الرئيس عباس والسيناريوهات المحتملة.

ما يحدث في الحالة الفلسطينية هو دمقرطة الانقسام، فعندما يوافق الرئيس محمود عباس على إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني قبل المصالحة الحقيقية بينهما؛ فهذا يعني حسم الانقسام أو الانقلاب عليه عبر الخيار الديمقراطي، وهذا يدفعنا إلى الحديث عن المخاطر المتوقعة من وراء تلك الخطوة.
العودة للشعب هي الخيار السليم والأمثل لحسم الخلافات في أي نظام سياسي ديمقراطي بالعالم، ولكن الحالة الفلسطينية لها خصوصيتها التي تتمثل في:

1- بقاء الاحتلال على الأرض الفلسطينية، وتأثيره المباشر وغير المباشر على القرار الفلسطيني.

2- انفصال جغرافي طبيعي بين الضفة الغربية وقطاع غزة بسبب الكيان العبري.

وبذلك تتلخص مخاطر إجراء الانتخابات قبل التوافق على ميثاق شرف وخطوات عملية تنهي الانقسام، وتعالج تداعياته المجتمعية، وترسم ملامح الإستراتيجية الوطنية للمرحلة المقبلة، إذ تصبح الانتخابات مشكلة وليست حل.
كيف تصبح الانتخابات مشكلة؟، قد توضح النقاط التالية معالم المشكلة في الحالة الفلسطينية:

1- شكل العلاقة بين مكونات النظام السياسي وأبنيته المختلفة على سبيل المثال (ماذا لو فاز تيار المقاومة بالمجلس الوطني وقرر حل السلطة الفلسطينية مثلاً؟) (وماذا لو فازت حركة فتح وأرادت سحب سلاح المقاومة لأن الرئيس عباس يعلن برنامجه بشكل واضح بأنه ضد عسكرة الانتفاضة، كيف سيكون المشهد؟).

2- العلاقة المتوترة بين طرفي الانقسام فتح وحماس وأزمة الثقة بينهما (هل يسلم أحد طرفي الانقسام السلطة في المنطقة التي يسيطر عليها للطرف الآخر، إن فاز بالانتخابات؟).

3- الدور الأمني والوظيفي للسلطة الفلسطينية المرتبط بالتمويل المالي من قبل الدول المانحة، وهذا يطرح السؤال التالي: ما هي رؤية الفصائل الفلسطينية لسلاح المقاومة؟، وما هو مستقبله؟، وكيفية التعاطي معه؟

4- المصالحة المجتمعية وقضايا الدم التي لم تحل حتى اللحظة (فازت فتح أو حماس، واستغلت إحدى العائلات ذلك، وصفت حسابها من قاتل ابنها).

5- علاقة الإقليم بالحالة الفلسطينية، فنحن نعيش حالة انقسام أفقي تجاوزت حدود القطرية، وعليه ستكون الانتخابات مدخلًا لمزيد من الاستقطابات التي ستجر الحالة الفلسطينية إلى أتون معارك جانبية.

6- العلاقة المتأزمة بين مصر وحماس؛ ففي حال فازت حركة حماس بالانتخابات لا أحد يعلم طبيعة الموقف المصري من ذلك، وعليه يجب أن تسبق الانتخابات مصالحات داخلية وخارجية.

وهناك العديد من المحاذير الأخرى، ومن هنا إنني أدعو القيادة الفلسطينية بكل ألوانها السياسية لأن تبدأ بالخطوات التالية:

• التوافق على إستراتيجية وطنية تلزم كل الفصائل الفلسطينية، وتكون نتيجة الانتخابات داعمة لتطبيقها.

• البدء الفوري بإجراء المصالحة المجتمعية، وتعويض ضحايا الانقسام.

• إنهاء ملف موظفي الحكومة السابقة بما يضمن دمجهم بالحكومة، وبما يعزز مبدأ المشاركة السياسية.

• ضبط إيقاع الخطاب الإعلامي الوحدوي داخليّاً وخارجيّاً.

• أن يقود الرئيس بصفته مصالحة إقليمية بين حماس ومصر.

• أن تكون الانتخابات قائمة على مبدأ المشاركة لا المغالبة، وأن توقع الفصائل وثيقة تضمن تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد إعلان النتائج.

خلاصة القول: لا أحد ضد الانتخابات، ولكننا نخشى أن نعود للمربع الأول، ولذلك وضعت رؤية للوقاية من ذلك أتمنى أن يأخذها صانع القرار بالحسبان، وأن يعمل الجميع على محاكاة كل السيناريوهات، وأن نغلب السيناريو الوطني الذي يعيد لقضيتنا العادلة مكانتها بين الأمم.