الجمعة: 03/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

ارهاب متبادل، ارهاب الضحية وارهاب الجلاد

نشر بتاريخ: 28/07/2016 ( آخر تحديث: 28/07/2016 الساعة: 21:00 )

الكاتب: عوني المشني

لماذا يعتقد الجلاد ان رد فعل الضحية يجب ان يكون مؤدبا وعاقلا وأخلاقي ، فطالما ان فعل الجلاد غير مؤدب وغير اخلاقي وغير عاقل ، وطالما ان الضحية وصلت لوضع غير قادرة فيه على وقف فعل الجلاد بحقها ، فمن الممكن ومن الطبيعي ومن المتوقع ان يأتي رد فعل الضحية خاليا من اي منطق ومتجردا من اي قيم وعديم الأخلاق ، فإذا كان فعل الجلاد هكذا فلا عجب ان يأتي رد فعل الضحية متشابها معه ومن ذات الصنف .
هذا ينطبق على فعل داعش ، والعمل الإرهابي الذي يقومون به ليس ضد الاخر فحسب بل ضد الذات ايضا . داعش ترتكب الفعل الاجرامي عديم الأخلاق والغير منطقي والمتجرد من اي قيمة إنسانية ، وهذا لا خلاف عليه ، لكن هل الفعل الغربي في بلاد المسلمين والعرب طيلة مائة عام واكثر كان اخلاقيا ومنطقيا وإنسانيا ؟؟؟؟
ان داعش وبما تمثله من فعل إجرامي ارهابي فهي تعكس سلوك الضحية التي تقمصت دور وقيم وسلوك الجلاد ، من قال ان الحرب على العراق اقل اجراما وإرهابا من سلوك داعش ؟؟؟ من قال ان الممارسات الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني اقل اجراما ودموية من سلوك داعش ؟؟؟ من قال ان مسلك فرنسا في الجزائر وإيطاليا في ليبيا وبريطانيا في فلسطين إبان عهد الاستعمار اقل إجراما من سلوك داعش .
ان من زرع بذرة الاجرام في المنطقة هو الغرب الاستعماري ، احتل الارض ، امتص دماء الشعوب ، سرق الخيرات والنفط ، فرض أنظمة عميلة ، زرع اسرائيل في المنطقة ، قسم الأمة ، سجن واعدم وهدم وجهل وارتكب كل الجرائم ، وبعد هذا يستغرب سلوك داعش !!!!!
ان من يزرع الريح يحصد الإعصار ، من زرع كل هذا الشر يحصد شرا أشد قسوة ، من ارتكب الجرائم سترتد عليه الجريمة .
داعش سلوك همجي عدواني مدان ومرفوض ، نحن نقول هذا هذا بأعلى صوت ، وبكل وضوح
فهل يستطيع الغرب ان يقول مثلا ان استمرار احتلال ارض شعب فلسطين هو عمل إجرامي مدان ومرفوض ويجب الان ان ينتهي ؟؟ هل يستطيع الغرب ان يقول ان ما ارتكب ضد العراق في حرب بوش عمل إجرامي وبربري وعدواني !!!!
هل يستطيع الغرب ان يقول ان داعش هي الابن الشرعي للجريمة المتواصلة ضد المنطقة منذ الحرب العالمية الاولى !!!
يجب ان يتحد العالم المتحضر للقضاء على الاٍرهاب ، الخطوة الاولى تعريف موحد للارهاب ، مكيال واحد للارهاب ، لا يوجد ارهاب مقبول وارهاب مرفوض ، لا يوجد ارهاب حضاري يغض الطرف عنه وارهاب غير حضاري يستهجن ، الاٍرهاب هو الاٍرهاب أيا كان شكله ومصدره
داعش ارهاب ، استمرار الاحتلال الاسرائيلي ارهاب ، الاستيطان ارهاب ، حصار غزة ارهاب ، الحرب الظالمة على العراق ارهاب
داعش مجرمة وهي ردة فعل الضحية ،
الاجرام دوما يبحث عن مسوغات وتبريرات ، داعش وجدت في الدين مسوغا ومبررا ، كذلك الامر هتلر وجد في العرق ، وبوش وجد في الأمن القومي الامريكي ، واسرائيل في المحرقة وجدت مسوغ ومبرر
انها الجريمة والارهاب الذي لا يعرف دينا او عرقا او قومية ، انه نزعة الشر والتي دائما تجد مبررا ومسوغا
علينا ان نتمتع بشجاعة وجرأة ، لن نرتعب من فرية الاٍرهاب اذا ما قلنا ان جرائم وارهاب داعش هي الوجه الاخر للعملة ذاتها والتي وجهها الاول الاستعمار الغربي والاحتلال الاسرائيلي والنهب الممنهج للمنطقة
لا ننسى ابدا ان الغرب وامريكيا على وجه الخصوص هو من اخرج الشيطان من القمقم ، أليس بريجنسكي مستشار الأمن القومي الامريكي في ذلك الوقت هو من انشأ وسلّح وشجع القاعدة في أفغانستان وأرسل المقاتلين العرب هناك ضد " الشيطان الروسي الأحمر " ، ليس لغزا محيرا ان معظم من شارك في تدمير ابراج التجارة العالمي هم سعوديون ، فالسعودية وبإدارة وتشجيع ودعم امريكيا هي من سلحت اسامة بن لادن وطالبان في أفغانستان وضد الاتحاد السوفييتي . فلم الاستغراب اذا ؟؟؟
لا ليس صعبا علينا ان نفهم ، حتى داعش والتطرف والذي يضرب الغرب هو نتاج صدام الحضارات ، نتاج الفوضى الخلاقة ، نتاج سياسة الغرب الاستعماري ، نتاج الظلم الفادح ، وما دام الظلم متواصلا ، ما دام الاحتلال متواصلا فقد يأتي وقت يكون فيه ارهاب داعش شيئا بسيطا وبسيطا جدا مما سيجري ، نعم ، الظلم ظلمات ، ولكل فعل رد فعل مساوٍ له ومعاكس له في الاتجاه . نظرية فيزيائية وتصلح ان تكون سياسية ايضا.