الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

عن حفل صابر الرباعي في روابي!ّ

نشر بتاريخ: 31/08/2016 ( آخر تحديث: 31/08/2016 الساعة: 15:10 )

الكاتب: حيدر عيد

لازالت حفلة صابر الرباعي في روابي ثم التقاطه صورة مع ضابط اسرائيلي مبتسم على جسر الكرامة تثير الكثير من التعليقات المنددة و المؤيدة . رأي يرى أنه لا مشكلة في زيارة الفنانين العرب للضفة الغربية, و لكن المشكلة تكمن في التقاط صورة مع جندي اسرائيلي, و رأي آخر يرى أن زيارة المغني للأراضي المحتلة فعل تطبيعي بامتياز, و آخر يرى أن من "حقنا أن نفرح" و أن هكذا زيارات شبيهة بزيارة المساجين!"
كما برزت قضية مدينة روابي, حيث أقيم الحفل الكبير بحضور 18.000 فلسطيني, لم يكن بينهم غزياً واحداً لأن غزة مسلوخة عن الوطن/البانتوستان و عليه فإن مواطنيها غير مرغوب بهم.

و من هذا المنطلق, سنحاول أن نفصل الموقف من حفل الرباعي و ربطه بمدينة روابي. و في هذا السياق أعتقد أن المرجعية هي المجتمع المدني الفلسطيني ممثلا باللجنة الوطنية للمقاطعة, بما فيها الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية و الثقافية لاسرائيل. و كانت الأخيرة قد أصدرت ييانا أدانت من خلاله "صورة التطبيع" التي التقطها الرباعي مع الضابط الاسرائيلي, وطالبت الفنان بإعلان تأييده لمقاطعة إسرائيل "ورفض التطبيع مع نظامها الاستعماري والعنصري للتعويض عن الضرر الذي لحق بنضالنا الوطني جرّاء استخدام سلطات الاحتلال وآلته الإعلامية الضخمة لصورته من أجل الترويج للتطبيع مع الوطن العربي ولإضعاف حركة المقاطعة العالمية (BDS)"
و قامت الحملة بالتذكير بالمعاييرلزيارة الفنانين العرب للتضامن مع نضال الشعب الفلسطيني و ان هذه المعايير تشكّل الحد الأدنى الذي يتوقع الالتزام به، و أنها قيد التطوير حالياً، استناداً إلى حوارات مستمر مع الشركاء في فلسطين والوطن العربي.

و لكن أهم ما جاء في البيان, حسب اعتقادي, هو التركيز على "احترام المواقف والمبادئ المناهضة للتطبيع التي تتبناها الاتحادات والنقابات والمؤسسات الأكاديمية والثقافية والمهنية والفنية في الوطن العربي، والتي ترفض بشكل مبدئي أن يزور الأخوة والأخوات العرب الأرض الفلسطينية المحتلة بإذن من المحتل، بغض النظر عن أي اختلافات بين معايير المقاطعة لديها والمعايير التي يتبناها، مضطراً، المجتمع الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال."

فهل قام الرباعي باحترام المعايير الأخلاقية التي أجمع عليها الشعب التونسي المناضل؟ ألا ترفض كل القوى الشعبية و المؤسسات الفنية التونسية زيارة الأراضي المحتلة طالما هي تحت احتلال و استعمار استيطاني؟
و لم تنس الحملة تحميل "المسؤولية الأكبر" لما أسمته "الحدث التطبيعي" المتمثل في ظهور الفنان صابر الرباعي مبتسماً بجانب ضابط احتلال إسرائيلي لمنظمي الحفل من إدارة "روابي"، و قامت بالتذكير بتاريخ التطبيع العلني الذي رافق تأسيس المدينة. و موضوع روابي يجب أن يناقش في سياق آخر بسبب التشعبات التطبيعية و مشاركة حتى كبار مستشاري شارون,دوففيسغلاس,الذي يعمل كمستشار قانوني لروابي. و في لقاء معه في جريدة اسرائيل اليوم يرى فيسغلاس, الذي نصحبفرضحمية غذائية قاسية على سكان غزة حافة الموت من خلال حساب السعرات الحرارية التي يجب أن يسمح لهم بتناولها يوميا, يرى أن روابي "تقدم الكثير لاسرائيل و للتطبيع و التعايش!"

هل كان يجب على الرباعي أن يعرف كل ذلك عن روابي؟ و يفصله عن المبادئ العامة لزيارة الفنانين العرب للأراضي المحتلة؟ الحقيقة أن الجواب هو نعم, ففلسطين تستحق القليل من البحث من قبل الطاقم المصاحب للمطرب الغني! لماذا لا يزور مارسيل خليفة, زياد الرحباني, فيروز, جوليا بطرس, و غيرهم/ن من الفنانين/نات الأراضي المحتلة؟

البديل لحفل روابي حفل كبير بعيداً عن حراب الاحتلال يحضره كل الفنانين/ات العرب الذين حقيقة يؤيدون و يدعمون نضالنا, حفل شبيه بالحفلات الضخمة التي أقيمت في بريطانيا و أفريقيا لدعم النضال ضد الأبارتهيد و المطالبة بإطلاق سراحنيلسون مانديلا, أهمها ذلك الحفل الذ ي اقيم في استاد ويمبلي عام 1988 احتفالا بعيد ميلاد السجين الثوري ال70, و شاهده 600 مليون متفرج! ليكن حفلا تبثه القنوات العربية غير الرسمية , يطالب بإطلاق سراح سعدات و البرغوثي و باقي الأسرى, مثلا! هل يقوم الرباعي بالدعوة لهكذا حفل تكفيرا عن صورته التطبيعية مع الضابط "المبتسم", و الخدمة التي قدمها لاسرائيل, وإن كان بدون قصد كما يقول؟

بعد "اعتذاره", الشكلي حتى الآن, هل قام الفنان صابر الرباعي بإعلان تأييده لمقاطعة إسرائيل ورفض التطبيع مع نظامها الاستعماري والعنصري, كما طالبت الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية و الثقافية لاسرائيل؟ هل حقيقة يهمهالتعويض عن الضرر الذي لحق بنضالنا الوطني جرّاء استخدام حملة الهاسبراة, البروباغندا, الاسرائيلية لصورته مع الضابط "المبتسم"للترويج للتطبيع مع الوطن العربي ولإضعاف حركة البي دي أس, التي تعتبرها اسرائيل خطرا "استراتيجيا؟"
و أخيرا, هل سأل الرباعي الضابط الاسرائيلي "المبتسم" عن عدد الأطفال الفلسطينيين الذين قام بقتلهم؟