الأحد: 05/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

تأجيل الانتخابات هو القرار الصائب

نشر بتاريخ: 05/10/2016 ( آخر تحديث: 05/10/2016 الساعة: 10:45 )

الكاتب: بهاء رحال

اتخذت الحكومة الفلسطينية قرارها بشأن تأجيل الانتخابات بعد ان قررت المحكمة العليا اجراؤها في الضفة فقط وهذا هو القرار الصائب والحكيم في ظل حالة الهرج والمرج التي تسود الشارع الفلسطيني، فاذا كانت الانتخابات ستزيد من رقعة الانقسام فما حاجتنا لها، وما حاجتنا للديمقراطية اذا لم تكن نوراً يهتدى اليه في ليل ظلام الانقسام نحو طريق الوحدة الوطنية واعادة اللحمة الى الوطن والى المجتمع الفلسطيني الذي لا يزال يعاني من هذا الانقسام اللعين والذي يتواصل وتتسع رقعته بعدما عقدنا العزم وجمعنا الامنيات اننا نقترب من نهاياته، خاصة مع بدء اجراءات الاعداد لانتخابات البلديات والتي كانت في البداية بارقة أمل حتى بدأت المحاكم في غزة تأخذ قراراتها في قضايا الطعن بالقوائم الانتخابية، الأمر الذي كشف حينها كم كانت النوايا الحزبية مبيته وقائمة على فكرة الاستحواذ على صندوق الانتخابات والتحايل على الديمقراطية.

المناخ الفلسطيني العام غير صحي لاجراء الانتخابات البلدية والمجالس المحلية، نظراً لحالة الانفصام في المواقف ومحاولة الاستحواذ على صناديق الاقتراع الامر الذي سيزيد الوضع السياسي تعقيداً، وبالتالي ستزداد معه حالة الانقسام المستمر والمتواصل الى ان تعود الحياة الديمقراطية الحقيقية والصحيحة الى مكانها الطبيعي، وفي ظل ما هو معاش فان الامر أشبه بالمستحيل لأن العقبات التي تعترض العملية الانتخابية كثيرة وكبيرة وتحتاج الى جهود مضنية لتذليل هذه العقبات حتى تكون العملية الديمقراطية بشكلها السليم ولا تكون العملية الديمقراطية سليمة الا اذا سلم الصندوق الانتخابي من عمليات الاستحواذ عليه من هذا الفصيل او ذاك، وأن تكون آلية قبول او رفض القوائم الانتخابية على قاعدة القانون ومقتضياته وليس على قاعدة الحزب او الفصيل والتنظيم، كما وأن الانتخابات التي تنبت في ظل هذه البيئة المتوترة لا يمكن لها ان تنتج ديمقراطية حقيقية تخدم مصالح المواطن والوطن وعليه فان قرار التأجيل هو القرار الاكثر حكمة في ظل هذه الظروف وهذه العوامل السائدة.

قرار التأجيل جاء بعد ان عصفت بالساحة الفلسطينية مجموعة من الاجتهادات التي بعضها اصاب وبعضها اخطأ، وبين شد وعزم وسجالات عقيمة خلال الفترة الماضية عقّدت الاوضاع الداخلية أكثر وزادت من المشاحنات والملاسنات التي ادت الى إحداث توتر عام، وقد اصبح واضحا وجلياً أن الانتخابات اذا جرت ستزيد من رقعة الانقسام، وستزيد الاوضاع الداخلية تعقيداً، الامر الذي لا نريده لاننا كنا ننتظر من هذه الانتخابات ان تكون خطوة في الاتجاه الصحيح لرأب الصدع وان تكون قاعدة للبناء عليها نحو عودة الشرعية الواحدة ولحمة الوطن عبر صناديق الاقتراع، ولكن جرى العكس وهذا أمر مؤسف، لم نكن نتطلع أن يحدث، وكم اخطأنا حين ظننا اننا بلغنا رشدنا واصبح بوسعنا ان نكون جديرين بديمقراطية حقيقية تحقق لنا ما نصبوا اليه، حالنا حال الشعوب الواعية القادرة على حل مشكلاتها عبر صناديق الاقتراع التي هي الفيصل والحكم الذي يلجأ له الجمهور في حل النزاعات والصراعات الحزبية والفصائلية، لا عبر الادوات الأخرى.

الانتخابات التي كان ينتظر منها ان تكون نواة حقيقية تدفع عجلة المصالحة كي تعيد دورانها في الاتجاه الصحيح، وان تكون نقطة البداية على طريق الوصول الى انتخابات تشريعية( برلمانية) ورئاسية تضمن عودة وحدة الوطن المنقسم وانهاء حالة الاختطاف الذي يتعرض له قطاع غزة منذ سنوات، هذه الانتخابات توقفت واعلنت الحكومة عن تأجيل عقدها، وهذا باعتقادي هو القرار السلم كون كل المؤشرات كانت تنصب على ان هذه الانتخابات سوف تعزز الشرخ القائم وسوف تزيد من حالة الانقسام وستزيد الاوضاع الداخلية تعقيداً، ونحن في غنى عن ذلك ويكفينا ما نعانيه فلسنا بحاجة الى ما يعزز الانقسام، بل بحاجة الى ما ينهي هذا الانقسام السائد والذي طال آمده وأفضى الى تعطيل الحياة الديمقراطية الى جانب آثاره الكارثية في شتى النواحي الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.