السبت: 04/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

فتح وأسئلة المؤتمر السابع

نشر بتاريخ: 11/10/2016 ( آخر تحديث: 11/10/2016 الساعة: 15:24 )

الكاتب: رائد محمد الدبعي

لا يمكن اقتصار تصنيف ما يجري من ترتيبات لعقد المؤتمر السابع لحركة فتح قبل نهاية العام الجاري على الإطار التنظيمي الفتحاوي الداخلي، وليس من الموضوعي التعاطي معها بمعزل عن الارتدادات المجتمعية التي تصاحب، وتلي أي تحوّل أو إزاحة في مواقف الحركة تجاه مختلف القضايا السياسية والاجتماعية، والاقتصادية، والأمنية، إذ شكلت المؤتمرات العامة لحركة فتح تاريخيا، حدثا وطنيا وإقليميا استثنائيا، وكانت عيون الراصدين، وقلوب المتابعين تترقب مخرجاته بكل شغف، حيث شكلت مسيرة حركة فتح عبر العقود الخمسة الماضية -ولا زالت- مسيرة الحركة الوطنية الفلسطينية، بكل ما لها من إنجازات، وما عليها من كبوات، إذ استطاعت حركة فتح عبر قيادتها لمنظمة التحرير الفلسطينية منذ نهاية ستينيات القرن الماضي إلى اليوم، وللمجلس التشريعي الفلسطيني من العام 1996 حتى بداية العام 2006، قيادة الشعب الفلسطيني، متسلحة بشرعية التمثيل، التي حظيت بها الحركة سواء من خلال صندوق الاقتراع، أو التوافق مع قوى اليسار الفلسطيني، والحركة الوطنية الفلسطينية، كونها كبرى الحركات الفلسطينية، وأوسعها انتشارا .

نجاح المؤتمر لن يقيّم بأسماء المؤتمرين، ولا بأسماء الفائزين - على الرغم من تأثر فكر الحركة، وخطابها تاريخيا بالخلفيات الفكرية لقادتها- ولا بحجم المشاركة الدولية، أو التغطية الإعلامية لفعالياته، إذ أنها تفاصيل هامشية، ستنطفئ بإسدال الستار عن فعاليات المؤتمر، وتبقى مخرجات المؤتمر، من نظام داخلي، وبرنامج سياسي، وبرنامج بناء وطني، هو الأساس الذي يحكم أداء الحركة، ويوجه سياساتها خلال فترة المؤتمرين.

تقف حركة فتح اليوم أمام عدد من الأسئلة المجتمعية، والسياسية والاقتصادية الهامة، التي لا يمكن للمؤتمر القفز عنها، أو الإجابة عنها بشكل ضبابي عابر، أو بأنصاف إجابات، يقف في مقدمة تلك الأسئلة أي مجتمع نريد؟ وما هي الأدوات والأساليب التي ستقود نحو ذلك، وما هو دور المرأة في ذلك المجتمع، وما هي أدوات تمكينها، وسياسات منحها حيز حقيقي في القرار والقيادة، بعيدا عن الإنشاء والكلام النظري، وما هي ضمانات منحها دورا مؤثرا في الهياكل القيادية للحركة والسلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية، وما هي رؤية الحركة للشباب، بشكل يتجاوز العبارات الكلاسيكية بأنهم مستقبل الوطن، وبناة مؤسساته، إلى سياسات عملية تضمن مشاركة حقيقية لهم في رسم المستقبل، وصنع القرار، بالإضافة إلى أسئلة العدالة الإجتماعية، والمساواة، والتضامن الدولي، والتسامح، ليس من قبيل الإشارة في سطور المؤتمر، إنما من خلال تبني سياسات واضحة تقود نحو تحقيق تلك القيم.

أما على الصعيد الإقتصادي، فعلى حركة فتح أن تحدد مسارها بشكل جلي، فمن غير المنطقي أن تؤسس الحركة التي تعتبر جزءا أصيلا من الأسرة الإشتراكية الديمقراطية على المستوى العالمي، لاقتصاد ليبرالي رأسمالي، وليس من الممكن أن تترجم قيم العدالة الإجتماعية، وتحقيق العدالة في توزيع الثروة، وايجاد آليات لمحاربة البطالة، والفقر، وخلق اقتصاد أخلاقي، يقوم على مبدأ التحرر من التبعية للإحتلال، إلى حقيقية على أرض الواقع، دون قيام حركة فتح، بتحويل تلك الشعارات العريضة، إلى برامج عمل واقعية، تأخذ بعين الاعتبار الوضع السياسي والاقتصادي للمجتمع الفلسطيني في كل أماكن تواجده، وتمد جسورا من التعاون مع رأس المال الوطني الملتزم، والمؤمن بواجبه التنموي في الوطن والشتات.

أما على صعيد النظام الداخلي، فيشكل المؤتمر فرصة فريدة لتجديد شباب الحركة، ولتزاوج تجربة الجيل الأول والثاني من أبناء الحركة، بأفكار الشباب ومبادراتهم الخلاقة، ولمنح المرأة والشباب دورا أوسع وأكثر تأثيرا في هياكل الحركة ومؤسساتها، وفي تحديد الصلاحيات والواجبات لكل أطر الحركة، بشكل ديمقراطي وشفاف، يضمن المسائلة والمحاسبة من قاعدة الهرم إلى الرأس، ويحقق دورية عقد المؤتمرات الحركية في موعدها .

أما على الصعيد السياسي، فعلى الحركة أن تجيب خلال المؤتمر على عدد من الأسئلة، وفي مقدمتها، أين نقف، وإلى أين نتجه، وما هي الادوات، إذ يشكل المؤتمر محطة هامة، لتقييم سياسات الحركة، وبرامجها في مجالات المقاومة الشعبية، والدبلوماسية العامة، وإنهاء الانقسام، وبناء مؤسسات الدولة، وعلاقة الحركة بالحكومة، ورؤاها المستقبلية مع المحيط الإقليمي والدولي.
يبقى المؤتمر السابع لحركة فتح، سواء عقد قبل نهاية العام الجاري، أو بعد ذلك دون التطلعات الوطنية للمجتمع الفلسطيني ككل، ولأبناء الحركة وكادرها بشكل خاص، ما لم يجب على الأسئلة السابقة بكل وضوح، ويضع من البرامج والسياسات ما يضمن تحقيقها.