الإثنين: 06/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

قراءة عشية انعقاد المؤتمر العام السابع لحركة فتح ...

نشر بتاريخ: 22/11/2016 ( آخر تحديث: 22/11/2016 الساعة: 15:36 )

الكاتب: يونس العموري

في ظل السجال الدائر الآن حول الواقع الفلسطيني والسبل الممكنة للخروج من عنق الزجاجة، وانسداد الافق السياسي وفي ظل المتغيرات الاقليمية والدولية وتراجع اولويات المسألة الفلسطينية من اجندات الاهتمامات العربية والاممية وفي ظل خربشة معادلة المنطقة واختلاط قوانينها، وحالة الشلل وعدم المقدرة على خلق أطروحة سياسية إبداعية تستطيع إنهاء حالة الانقسام الحاد بالساحة الفلسطينية، وفي ظل الشرذمة التي باتت عنوان مسيطر على وقائع الفصائل والقوى الوطنية ككل ... وعدم القدرة على اختراق الفعل الابداعي الذي من شأنه قلب طاولة قوانين الفعل التسووي وعبثية المسار السياسي الذي افلس في ظل كل هذا تتجه الأنظار الى الساحة الفتحاوية وما يدور فيها من سجال داخلي، عشية انعقاد مؤتمرها العام السابع.

ولا نجافي الحقيقة إذا ما قلنا إن المؤتمر العام السابع لحركة فتح من الممكن أن يشكل الرافعة الفعلية للواقع الفلسطيني، إذا ما جاءت نتائجه وفقا لطموحات الكادر الفتحاوي، وللحركة الوطنية عموماً حيث ان الكل ينتظر وبقلق انعقاد هذا المؤتمر حيث أن محطة المؤتمر العام ستضع الحركة أمام مفترق طرق ليس بالسهل أو اليسير، بل إن نتائج المؤتمر وما سينبثق عنه سيغير الكثير من المعالم التي تشهدها فتح ، وبصرف النظر عن هكذا نتائج.

بمعنى أن فتح ما بعد مؤتمرها العام ستختلف حتما عن فتح ما قبل مؤتمرها العام، وستشهد الكثير من الانقلابات على الأقل في الصف القيادي التنفيذي الأول لها، وبالتالي ستتغير هنا الكثير من منطلقات ومفاهيم الفعل الفتحاوي على ضوء التغيرات بالشخوص القيادية التي ستأتي إلى قمة الهرم الفتحاوي بما تمثل، وإن كان ثمة صياغة جديدة للبرامج والرؤى السياسية لفتح ستتم نقاشها في أروقة المؤتمر العام ، إلا أن التغيير الأساسي والفعلي سيكون في الإطار القيادي وشخوصه، وهو ما سيحمل معه التغير الفعلي سلبا كان أم ايجابا.

وعلى هذا الأساس نجد أن ثمة ترقب وتعليق للأمال على الحالة الفتحاوية المستجدة وتداعياتها على الشأن الفلسطيني عموماً وعلى مسار وقائع القضية الفلسطينية بشكل أو بآخر. والسؤال الذي يفرض نفسه ما هي حقيقة وطبيعة فتح بالظرف الراهن؟؟ وهل فتح أمام استحقاقات التغيير لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟؟ وهل بالإمكان فعلا تحقيق هكذا تغييرات في ظل وقائع فتح الراهنة؟؟

وهل فتح اليوم هي بأيد أمينة أم تتنازعها الكثير من الاصطفافات التي لا علاقة لها بالحركة ومنطلقاتها ومسارها التحرري الثوري المعتمد على منطق وقانون الثورة..؟؟

هل حقا تم اختطاف هذه الحركة التاريخية المناضلة التي قدمت آلاف الشهداء وعشرات آلاف الجرحى والأسرى والمعتقلين على مدار أربعة عقود ونيف على يد من انقلب بالفعل على منطلقات ومفاهيم فتح...؟؟ وهل باتت الطفيليات تعبث بها من خلال محاولة سرقتها وامتطاء صهوتها ؟؟والذي تبلور في إطار تيار بات يعبر عن ذاته وعن نفسه من خلال التناقض والكثير وأساسيات الفكرة الفتحاوية ورؤيتها. هذا التيار الذي لا يملك حتى اللحظة أطروحة سياسية متوافقة وجوهر حركة فتح والذي استطاع إفراغها من مضامينها ومن محتوياتها، بل إنه قد تآمر عليها من الداخل، واستغل "فتح" للحصول على المكاسب ، مما أدى إلى ضياع الحركة (التي أصبحت غابة الجميع فيها ينهش بعضه البعض) بين أنياب المنتفعين والمتسلقين، حتى أضحت "فتح" مشروعا استثماريا لدى البعض؟!

وحيث ان المؤتمر قد اصبح حقيقة او قد يكون كذلك نلاحظ ان حالة احتقان وعدم رضى على قوام هذا المؤتمر والذي يدعى انها تمثيلي لكافة القطاعات والتي جاءت بالدرجة الاولى تحشيدية من منطلق مراعاة الجغرافيا والمحاصصة بين امراء القبائل الفتحاوية وهنا لابد من التوقف ومراجعة هذا التشكيل الذي جاء على النحو الأتي: حسب القوائم المنشورة في كشوفات موضحة لأسماء المشاركين وصفتهم التنظيمية وأماكن عملهم، تبين أن من بينهم أعضاء اللجنة المركزية، إضافة إلى 86 عضوا من المجلس الثوري للحركة، بعدما شطبت أسماء المفصولين بتهمة التجنح والعمل لصالح تيار النائب المفصول محمد دحلان وكذلك من وافتهم المنية. كذلك شملت القائمة أسماء 52 من أعضاء المجلس الاستشاري للحركة.

ومن بين المشاركين كذلك 198 عضوا من أعضاء أقاليم حركة فتح في الضفة الغربية، إضافة إلى 112 عضوا من أقاليم الحركة في قطاع غزة، إضافة إلى 128 عضوا من أقاليم الحركة في الخارج، و57 من المفوضيات، و146 من المنظمات الشعبية، وتشمل النقابات والاتحادات المهنية.
وحسب تصنيفات الحركة والمفوضيات سيشارك في المؤتمر151 عسكريا من الضفة الغربية وقطاع غزة، إضافة إلى 44 من السفراء والعاملين في البعثات الدبلوماسية، وعدد من نواب حركة فتح في المجلس التشريعي، ولوحظ غياب عدد منهم بالرغم من عدم صدور قرارات بفصلهم، إضافة إلى الآخرين الذين فصلوا من الحركة في أوقات سابقة.
وشملت القوائم أسماء المحافظين و12 عضوا من العاملين في مؤسسة الرئاسة الفلسطينية، و29 من العاملين في الوزارات والمؤسسات الحكومية، وعشرات الأسرى المحررين من الضفة وغزة، وأضيف إلى هؤلاء 193 عضوا مصنفين على بند الكفاءات والشبيبة وكوتة المرأة. 

ولابد من ان نقول انه لا اعتراض على ان يكون وضع المؤتمر تمثيلي يعتمد على الأسس التنظيمية النابعة من النظام والذي يعتمد على الماسسة ولكن الوضع الحالي لا يمت بصلة لأي معايير تنظيمية حقيقية وانما على منظومة التحشيد ومنطق المجاملة والضغط لتوسيع الحصص هنا او هناك وهذا ما بدا واضحا، الأمر الذي أخرج الكثير من كوادر وقيادات الحركة من منظومة قوام المؤتمر بل ان شخصيات قيدادية تاريخية وجدت نفسها خارج الأطار التنظيمي كانوا ولا زالوا لهم بصماتها في فتح، والفعل التمثيلي الذي يُقال عنه لا يعكس بالضرورة وقائع واقع فتح فهيئات الاقاليم التي تم تمثيلها بالكامل في الضفة الغربية وقطاع غزة لا تعكس حقيقة القوام الفتحاوي الحقيقي في هذا الساحة او تلك حيث ان هيئة الاقليم التي اعتلت منصة قيادة فتح بالمنطقة او الاقليم ليس بالضرورة انها قد جاءت وفقا لإرادة كوادر وقيادات فتح العاملة في هذه الاقاليم، والسؤال الذي تردد ويتردد كثيرا لماذا لم يتم تمثيل ساحات مناطق فلسطيني ال 48 التي تعج بالفتحاوين وبقيادات فتحاوية حيث ان الأمر ذاته ينعكس على قوائم الاسرى التي لم تمثل من خلالها ايا من اسرى مناطق ال 48 وهو الأمر ذاته سنلاحظه لو دققنا بقوائم التمثيل الأخرى للسفراء او العاملين بالسلطة او بداوئر منظمة التحرير ولماذا يتم تمثيل السفراء حيث انهم بالدرجة الاولى والاساسية موظفين ليس لفتح وبتمثيل فتح علاقة بالموضوع، بمعنى وان كان السفير فتحاويا او المدير العام بالسلطة فتحاويا بصيغة التمثيل الفتحاوي حيث ان معايير عضو المؤتمر ليس لها علاقة بالوظيفة والمهنة التي يشغلها العضو العامل بفتح ليصبح عضو مؤتمر عام لفتح مطلوب منه الكثير ....

مما لا شك فيه أن حركة فتح بالظرف الراهن وهي تستعد لمؤتمرها السابع والذي أعتقد انه تاريخي ومفصلي بتاريخها بل وبتاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية عموما لها ما لها وعليها ما عليها... فقد استطاعت فتح الثبات بوجه الضغوط السياسة وبمدارسها ومناهجها المختلفة للتأثير على قمة الهرم فيها لإنجاز تسوية سياسية للصراع العربي الإسرائيلي بأبخس الأثمان الممكنة، وبالتالي استطاعت قتح ومن خلال قائدها التاريخي ياسر عرفات أن تقول لا، بل إنه قد قال لا بوجه من قالوا نعم عربا وعجما وفلسطينيين وتصدى لكل المحاولات التي هدفت لتصفية القضية الفلسطينية من خلال الفتات السياسي المقدم آنذاك.

ومما لا شك فيه أن مسارات التسوية السياسية التي سارت فيه ومن خلالها حركة قتح قد دفعت بالكثيرين ممن لم يكن لهم تاريخ نضالي عسكري أو سياسي إلى القفز على السطح للانقضاض على كعكة "فتح"، وتبوؤوا لأنفسهم أمكنة ما كانوا ليحلموا بها يوما ...

إن الاستحقاق الذي تقف على أعتابه حركة فتح اليوم، وكما أسلفنا، تاريخي ومفصلي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فإما أن تتلاشى حركة فتح وتذوب في بحر تناقضاتها وتصبح مجرد حركة هلامية بلا شكل ولا تعبر إلا عن حفنة من الشخوص الذين امتهنوا وما زالوا يمتهنون ابتزازها عن طريق الفهلوة ولعبة المصالح والتجييش للعصبيات الشللية، من خلال فعل الإستزلام وربط الكثير من الكوادر بلعبة التوزانات من خلال الإستقطابات لصالح زعماء القبائل الفتحاوية المتصارعين على هرمها القيادي ، واما ان تبدأ صفحة اكثر اشراقا.

وحتى لا تضيع هوية فتح النضالية فلابد من إعادة الاعتبار إلى المؤسسات الفتحاوية من خلال إعادة بنائها وفقا للمعايير الحركية المنسجمة والمفاهيم الأساسية للفهم النضالي ولدور فتح التاريخي، وهذا يتطلب أولا تعرية كل المتآمرين على فتح من داخلها وتطهيرها من الطحالب التي علقت بمسيرتها، ونبذ التائهين والضائعين بين العجز والانحراف، الذين باتوا يحللون ويفلسفون التيه بل ويضعون له القواعد والمرتكزات من خلال مصالحهم الذاتية التي ترتبط وتتقاطع بالضرورة بمصلحة الطرف الآخر من معادلة الصراع الأساسية التي ترسم خارطة المنطقة إجمالا، وهو ما بات وللأسف أن فتح في موقع غير موقعها بهكذا معادلة، إذ صار يُنظر اليها وكأنها الحركة الليبرالية وعرابة ما يسمى بالتيار الإعتدالي على الساحة العربية...

من هنا لابد من أن يواجه الكادر الفتحاوي ذاته الآن اكثر من أي وقت مضى ليأخذ مكانه الطبيعي والريادي في معركة إعادة بناء وصياغة فتح من جديد، وإعادتها إلى جذورها. والاهم المحافظة على ادبياتها التي ارى انها باتت مهددة ومعرضة للتزوير والتغيير بمعالمها وتشويه تلك الادبيات والتأثير بالرؤية الاستراتيجية التي اعتمدت عليها فتح .... السؤال الكبير هل سيتخذ المؤتمر العام قرارات من شأنها تشويه تلك الادبيات بما يتوافق والمطلوب امريكيا وحتى اقليميا باللحظة الراهنة الفارقة ...؟؟ ام انه سيعيد الاعتبار لتلك الادبيات ويعيد بناءها وصياغتها بما ينسجم مع نضال وتضحيات ابناء شعبنا؟!