الأحد: 19/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

فيدرالية بين غزة والضفة !!!

نشر بتاريخ: 05/01/2017 ( آخر تحديث: 05/01/2017 الساعة: 14:58 )

الكاتب: بهاء رحال

الفيدرالية كخطوة لحل معضلة الانقسام الحاصل، جاء هذا التصريح الذي لوح به الرجل الثاني في حركة حماس موسى ابو مرزوق ليدل على مدى عمق الفجوة في العلاقة الفلسطينية الداخلية خاصة بين حركتي فتح وحماس، حيث ترى الأخيرة أن موضوع الوحدة الوطنية في المدى المنظور غير ممكن وهي تستعيض عنه بفكرة الفيدرالية التي تزيد من رقعة الانقسام وتزيد من العقبات التي تقف في طريق المصالحة بدلاً تذليلها، فهل جاءت حركة حماس بجديد؟! أظن أنه نعم، والجديد هنا ليس في معنى الفيدرالية ومضمونها أو شكلها، ولكن الجديد هو موقف حماس الرافض لكل أشكال الوحدة الوطنية وتمسكها المطلق بزمام الحكم بعيداً في غزة، والذي ترفض أن تتنازل عنه من خلال صناديق الاقتراع والانتخابات، كما وترفض أن تمكن أي حكومة توافقية تحمل أي مسمى سواء كان حكومة الوفاق أو حكومة الوحدة الوطنية أو حكومة الكفاءات، أو أي حكومة أخرى ترفض أن تمكنها من ممارسة مهامها في قطاع غزة الذي تصر أن يبقى رهناً لحكم حماس كما هي الصورة عليه منذ أن بدأ الانقسام.

فهل ما جاء به موسى أبو مرزوق به شيئاً من المنطق؟!!
أظن أن الجواب كان من فصائل العمل الوطني الفلسطيني، حيث رفضت كل الفصائل والاحزاب هذا الطرح الذي من شأنه أن يعزز الانفصال والانقسام ويوسع الشرخ القائم بدلاً ردم الفجوات وتذليل الصعاب، ليعود الوطن واحداً موحداً، على قاعدة أن غزة والقدس والضفة هي وحدة واحدة تخضع لسيادة وقانون ونظام حكم واحد وتمارس السلطة التنفيذية صلاحياتها وفق القانون، وأن لا تبقى حالة الانقسام هذه قائمة، هذا الرفض الذي عبرت عنه أصوات أخرى عديدة غير الاحزاب والفصائل، لما يحمله ذلك الطرح من صبيانه سياسة، كونه لن يجلب إلا مزيداً من الاختلاف وتعميقاً لصور الانقسام، بل وأكثر من ذلك، فإنه سيكون حاضنة للانقسام والانفصال الحاصل، ولهذا فإن الجمهور الأوسع في المجتمع الفلسطيني رفض الفكرة بالمطلق فهي غير جديرة وغير ناضجة، ولا تعبر الا عن موقف وحيد لحركة حماس التي ترى من عين استمرار حكمها للقطاع بعيداً عن صناديق الاقتراع وما تفرزه الانتخابات.

وما البديل؟!!
البديل هو الانتخابات، على قاعدة الوطن الواحد وأن لا تبقى المحاصصة قائمة بين حزبي فتح وحماس، وأن يحتكم الكل لصندوق الانتخابات بشكل ديمقراطي سليم، حتى لا يبقى الانقسام وكأنه قدر الفلسطيني الذي لا مفر منه، فهذا هو الحل الذي يجب على الطرفان أن يسعيان له على الفور، دون هذا التلكؤ الحاصل منذ سنوات، تلك السنوات التي شهدت لقاءات واجتماعات وتفاهمات بالمئات دون جدوى في التطبيق على الأرض، وفي النهاية يخرج علينا أبو مرزوق ليرفع فكرة الفيدرالية والتي من شأنها أن تعزز الانقسام، لا أن تقوضه وتنهيه.
لقد أثبتت التصريحات الأخيرة عمق الفجوة واتساعها، وأننا لا نقترب من محطة انهاء الانقسام والوحدة الوطنية، بل كما نرى فإننا بعيدين كل البعد ما دام البعض يفكر في ترسيخ هذا الانقسام ويطرح مبادارت من شأنها استمرار هذا الانفصال لمصلحة حزبية ضيقة، وما دامت حالة رفض الاحتكام لصناديق الاقتراع قائمة، فليس أمام المواطن الفلسطيني أن يرى في المنظور أمامه سوى بقاء هذا الانقسام حتى يتم العدول عن كل فكرة تضر بالمصالحة ولا تخدم طريق الوحدة الوطنية، وإلى ذلك الأجل، سنبقى نتطلع إلى يوم تعود فيه الوحدة بين شطري الوطن، ذلك اليوم الذي تذوب فيه صور الانقسام وتتلاشى وتتحقق ارادة الشعب.