الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

قرارات..المرأة...التعليم العالي

نشر بتاريخ: 31/03/2017 ( آخر تحديث: 31/03/2017 الساعة: 13:35 )

الكاتب: سناء طوطح

"كل خطوة لتحقيق العدالة تتطلب تضحية ومعاناة ونضالاً وهناك أفراد، يكرّسون حياتهم لهذا دون كلل وبعاطفة جيّاشة"
مارتن لوثر كينج
عالم المؤسسات، في سيرة السلطة الوطنية الفلسطينية، يأتي في سياق النضال المرير والمستمر، الذي قدّم خلاله الشعب الفلسطيني الاف الشهداء والأسرى والجرحى، لأجل نيل حقه الوطني في حق العودة وتقرير المصير.
عالم المؤسسات الذي نمى وتطور بشكل تدريجي في ظل الظروف السياسية الاحتلالية في المنطقة، عالم نحترمه ونخضع تحت مظلته بشتى وزارته وهيئاته، وذلك وفقاً لنص المادة (6) من النظام الأساسي -الفلسطيني القانون الذي يقع في رأس الهرم القانوني- التي نصت على "مبدأ سيادة القانون أساس الحكم في فلسطين، وتخضع للقانون جميع السلطات والهيئات والمؤسسات والأشخاص".فالمهنية مطلوبة على مختلف القطاعات العامة والخاصة، ولا خلاف على ذلك، ونحن كفلسطينيون لا بد من أن نكون يد واحدة في ظل الاحتلال الصهيوني الذي يعرقل الكثير من توجهاتنا وارتقاؤنا.
الجامعات الفلسطينية المنتشرة في مختلف مناطق بلدنا الحبيب، جامعات حفرت أسماؤها في مختلف دول العالم، وكانت لها البصمة الإيجابية من تطور أكاديمي ومهني ومؤسساتي سواء مع الجامعات الأخرى إقليمياً ودولياً وسواء مع دول وحكومات، فكل تلك الجامعات أثبتت وجودها على مختلف المستويات، والجامعات الفلسطينية تعلم علم اليقين بضرورة احترام الأنظمة والقوانين التي تصدر من وزارة التعليم العالي التي تقطن الجامعات في كنفها ونقدّر جهودهم لدعم التعليم العالي في فلسطين والذي تنعكس صورته إيجاباً أمام العالم بأكمله، ولذلك عند النظر لنص المادة (24) من القانون الأساسي الفلسطيني نرى أنها نصت على"1. التعليم حق لكل مواطن، وإلزامي حتى نهاية المرحلة الأساسية، ومجاني في المدارس والمعاهد والمؤسسات العامة.2. تشرف السلطة الوطنية على التعليم كله وفي جميع مراحله ومؤسساته وتعمل على رفع مستواه.3. يكفل القانون استقلالية الجامعات والمعاهد العليا ومراكز البحث العلمي، ويضمن حرية البحث العلمي والإبداع الأدبي والثقافي والفني، وتعمل السلطة الوطنية على تشجيعها وإعانتها."
ولا أدري إن كان النص غامضاً لكي يصدر قرار من الهيئة الوطنية للاعتماد والجودة في التعليم العالي على ما تقوم به جامعة القدس تحت شعار أنه لا يوجد طلبات للجامعة لترخيص موقعين تم افتتاحهما في منطقتي دورا والزبابدة قبل فترة وذلك لأهداف إنسانية دفعت جامعة القدس إلى ضرورة إقامة فرعين في تلك المناطق، وذلك عوضاً عن تقديم العون والشكر لجامعة القدس لاستمرارها بتقديم رسالتها السامية في احتضان الطلبة وخاصة المحتاجين، فهي الجامعة التي لا تحرم طالب من طلب العلم الذي كفله له الدستور في العالم بشكل عام، وحسناً ما إن كانت جامعة القدس لم تتبع الإجراءات اللازمة مع وزارة التعليم العالي، لكن ما تصدره الوزارات لن تكون أقوى من القانون الاساسي الذي لا يجوز لقانون مخالفته، ونحن في فلسطين نعيش تجربة غير عادية، في ظل الاحتلال الإسرائيلي ،ففي القانون مثلا وفي حال تم اكتشاف تزوير ما في بينة ما ولم يكن لهذا التزوير أثر على القضية فلا يعتد به ولا يحاسب المزوّر، وأشبه تلك الحالة كحالة جامعة القدس، جامعة الشهداء ، حيث و إن لم تكن قد اتبعت الشروط اللازمة، مع العلم أن الجامعة تقدمت بذلك، ولكن لنفترض ذلك فإن افتتاح فرعين للتعليم في دورا والزبابدة هو عمل نافع لا مضرة فيه، بل على العكس هو يحارب الاحتلال بتلك التطورات، فجميعنا ندرك الصعوبات التي تواجه طلبة جامعة القدس لوصولهم لجامعتهم لتلقي العلم، وخاصة الحواجز العسكرية، والهجمات البربرية التي يقوم بها الاحتلال ضد جامعة القدس، وبالتالي وجود تلك الفروع في تلك المناطق البعيدة نوعاً ما هو الا لتعزيز العلم لمحبي العلم، والأهداف واضحة:-
أولاً رفع نسبة التعلم في فلسطين إلى أعلى المستويات عربياً.
ثانياً التسهيل على الطلبة ومقاومة العراقيل التي يواجهونها للوصول للجامعة (المركز الرئيسي).
ثالثاً الوصول إلى أكبر فئة قد تكون مهمشة لتعزيز العلم والتعلم.
رابعاً مراعاة الظروف الاقتصادية التي يمر بها الشعب الفلسطيني.
خامساً دعم علم المرأة بشكل خاص، وخاصة أن النساء في تلك المناطق عادة ما يمنعن عن التوجه للعلم بحجة عدم وجود جامعة قريبة، وهذا واقع أعلمه بشكل شخصي في المناطق إما المهمشة أو البعيدة.
وبذلك ما الضرر في إنشاء تلك الفروع، وما الضرر في حصول الدعم من وزارة التعليم العالي، التي تشهد تقدم ملحوظ في الساحة العربية والدولية، ومثل ذلك القرار لا يصب بمصلحة الوزارة بنظري.كما أن نص المادة (24) من القانون الأساسي واضح وصريح من حيث أن المساعدة في رفع مستوى العلم، وكذلك استقلالية الجامعات في الابداع والعلم والثقافة، فكيف نبدع إن كانت المرأة في تلك المناطق لا تستطيع الوصول إلى ساحة العلم.
فقبل أيام هنئ مجلس الوزراء بصدور اعتماد من الامم المتحدة بقرار بعنوان حالة المراة الفلسطينية وتقديم المساعدة لها، وها هنا ها هنا يظهر التطبيق الفعلي لمدى تقديم المساعدة للمرأة الفلسطينية لتمكينها وإثبات نفسها، وفي الحقيقة لا يتم ذلك إلا بحصول المرأة على العلم في الجامعة التي تنطلق من خلالها للمجتمع والعالم لتكن بذلك الوجه الحضاري لفلسطين.
وبالتالي فإن الوقوف أمام ما تقوم به جامعة القدس من إنجازات عظيمة، يؤدي إلى عزوف المرأة من إكمال مسيرتها العلمية، وهذا ما رأيته من خلال التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كثيراً من النساء الملتحقات ببرامج دورا والزبابدة أعربن عن استيائهم وعن عزوفهن عن التعليم في حال تم إغلاق تلك البرامج ، فكيف ستكون نظرة المجتمع الدولي في حال تم الاصرار على ذلك القرار من قبل التعليم العالي.ومن غير المنطق إقدام رئيس جامعة القدس على تقديم إنجازات عظيمة اقليمياً ودولياً والمجتمع الفلسطيني بأسره والمجتمع الدولي بأسره يدركون مدى النجاح الذي قدّمه رئيس جامعة القدس لجامعة الصمود، فأين المنطق حينما يأتي أخي من دمي وترابي ويقف عائقاً أمامي.
نحن نقّدر وبشدة جهود وزارة التعليم العالي، ولا ننكر سعيها المتواصل لتقديم العون والدعم للجامعات الفلسطينية، ونتمنى منهم أن يكونوا سنداً لنا ، نفخر ونفاخر بهم.
وكما قال ارسطو " افلاطون صديق ، والحق صديق ولكن الحق أصدق منه" .