الأحد: 05/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

اجتماع حكومة الوفاق في غزة

نشر بتاريخ: 01/10/2017 ( آخر تحديث: 01/10/2017 الساعة: 09:51 )

الكاتب: بهاء رحال

صفحة الانقسام التي يأمل الكل الفلسطيني طيها وإلى الأبد لن تطويها الحكومة من خلال اجتماع وحيد تعقده في غزة، رغم أهمية الاجتماع في مكانه وزمانه، والكل يعلم أن هذه الحكومة هي حكومة من الكفاءات والتكنوقراط وهي ليست حكومة حزبية أو فصائلية، وهذا يعني أن الاجتماع سيأخذ طابعاً شكلياً بحت، إلا إذا ترافق بجهود مخلصة من قيادتي فتح وحماس وبقية الفصائل التي ستساهم في انجاح الخطوات من خلال الدفع الحقيقي باتجاه تجاوز العقبات التي قد تعترض الطريق، وهذا يعني أن لا نعلق الكثير من الآمال على الاجتماع القادم رغم أهميته، ولكن حتى لا نصاب بالخيبة علينا أن لا نُحمِّل الحكومة ما ليس بوسعها، وأن لا نحملها ما لا تستطيع أن تحمله وحدها، خاصة إذا لا قدر الله وبدأ البعض بوضع العصي بالدواليب، وهذا سيعيدنا للمربع الأول.
النظرة هذه ليست متشائمة لأجل التشاؤم، ولكن خلال السنوات السابقة تعودنا على أن تفشل جهود المصالحة، وبات من الواضح أن مسألة المصالحة مرتبطة بعوامل كثيرة، بعضها ليس فلسطيني وبعضها لا علاقة له بالوطنية الفلسطينية، فهناك ظروف كثيرة وتدخلات كبيرة ودول وأطراف وتجاذبات لا حصر لها، كانت على الدوام تزيد العقد، وتوتر الأجواء وتضع الكثير من العقبات أمام انهاء الانقسام، ولهذا فان الكثير من الجهود كانت تفشل، فهل تغير الحال! وهل خَفَت الضغوط! وهل ما نشهده فعلاً بداية جديدة لطي صفحة الانقسام وتحقيق مصالحة وطنية شاملة على قاعدة الوطن الواحد والمصير المشترك والقضية التي لا يمكن أن تعيش في ظل التشرذم الحاصل.
تابعنا تصريحات كثيرة خلال الأسابيع الأخيرة، وخرجت تصريحات تحمل بشائر وأمل، فهل تتكلل بالنجاح وتصدق الأقوال الأفعال؟.
هذا هو السؤال المشروع لدى المواطن، أن تصدق الأقوال الأفعال، لأننا كدنا أن نفقد الأمل، مع استمرار ذلك الانقسام البغيض الذي لن ينتهي إلا إذا صدقت النوايا الوطنية لدى الفصائل والتنظيمات وفي مقدمتها حركتي فتح وحماس، فهل نحن حقاً أمام لحظة فارقة! هل نحن حقاً أمام لحظة الوحدة وإنهاء الانقسام! أم أن الصورة ستعود بعد وقت لذات الشبه، إلى ذلك السواد المعتم في النفق الذي كلما حاولنا الامساك بنهاياته دفعنا لدهاليز جديدة. كم نخشى التفاؤل، لكننا لم نقطع الأمل.
إنها الفرصة التاريخية التي انتظرها الجميع، وهي لحظة الصفح عما مضى، بعيداً عن كل الأصوات التي تحاول أن تعكر صفو الأجواء التي تمتلئ بكل أسباب الوفاق الوطني، فليس أجمل من أن نرى لحظة التصالح الكبير، والوفاق الوطني المنشود على طريق تحقيق الأهداف الوطنية، ليس رغبة في التصالح فحسب، بل أملاً ننشده ليلتئم الشمل الفلسطيني من جديد، على قاعدة الوطن الحر، ومواجهة الاحتلال ومخططاته، وتجسيداً لوحدة الأرض والشعب التي تعبت الانقسام والانفصال وهذا التمزق الذي أخذ من أعمارنا شوطاً في دهاليز الاختلاف والمناكفة. فهل نضجنا لنطوي صفحة سوداء في تاريخنا المشرق؟
لحظة فارقة، ومنعطف قلق يرجو الكل الفلسطيني تجاوزه دون أي خيبة، ودون صفعة تعيدنا لذات البداية الشاقة التي كرهنا صورتنا فيها، صورة الانقسام والتراشق الكلامي والتجاذبات المرهقة التي تستنزف الطاقات في الوقت الذي نحتاج فيه لكل الجهود في مواجهة مخططات الاحتلال الذي يسعى لتكريس واقع الانقسام وبناء المزيد من المستوطنات التي تبتلع الأرض الفلسطينية طولاً وعرضاً وتفرض واقعاً جغرافياً وديمغرافياً يطيح بالآمال، وهذا يتطلب إلى جانب انجاح جهود المصالحة توافقاً وطنياً على برنامج مقاومة جاد وفاعل يُمَكن من وقف زحف المستوطنات وتمددها، ويوقف عمليات التهويد في القدس، ويدفع العالم للضغط على حكومة الاحتلال لإلزامها بتطبيق قرارات الشرعية الدولية.
المهم أيضاً في الأمر هو كيفية مواجهة الأيدي التي ستحاول التخريب، وستسعى لوضع العراقيل أمام اتمام المصالحة، وهذا يتطلب جهدا اضافيا حثيثا من الكل الوطني، واليقظة الدائمة خاصة وأن حكومة الاحتلال ستسعى لخلق الفتن، وسوف لا تدخر جهداً في وضع العصي في الدواليب لتعكير صفو الأجواء والدفع باتجاه العودة إلى مربع الانقسام، لهذا فان حركتي فتح وحماس وبقية الفصائل الآن على المحك لكي لا تسقط في الفخاخ والقنابل الموقوتة الموضوعة في الطريق الوعر، وعليها أن تُبحر حتى تصل بنا إلى شاطئ النجاة موحدين، وقادرين على المواجهة في مرحلة صعبة جداً وظرف عربي ودولي معقد، وتطورات خطيرة تعصف بالمنطقة.
وفي هذه المرحلة علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا وواضحين، فحكومة الوفاق الوطني لا تحمل المصباح السحري في يدها ولا تدعي ذلك، فهو في يد الفصائل والقوى الوطنية صاحبة القرار، قرار الفصل وقرار المصير المشترك في انجاح هذا الجهد المبذول وهذه البشائر التي بدأنا نتلمسها، فهل تكون التنظيمات الفلسطينية على قدر وعودها وشعاراتها، وهل هي جادة فيما تقول، هذا هو السؤال الذي ستجيب عنه الأيام القليلة القادمة.