الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

المصالحة تنقذ قطاع غزة من عملية تجويع وترويع

نشر بتاريخ: 15/10/2017 ( آخر تحديث: 15/10/2017 الساعة: 17:04 )

الكاتب: د. حسن عبد الله

عندما سلكت حركة حماس طريق المصالحة وجعلت منه خياراً لا رجعة عنه، لم يكن خيارها فورياً أو لحظياً، بقدر ما كان خلاصة قراءة دقيقة ومعمقة، وبهذا انتصرت لمصلحة المواطن المطحون، متجاوزة حسابات ذاتية، كون التشبث بالحكم والسلطة، كان من المؤكد أنه سيؤدي إلى نتيجة كارثية في القطاع، ونحن نتحدث هنا عن مصير مليوني مواطن، يتكدسون في بقعة جغرافية ضيقة، معدومة الموارد، محاصرة، في ظل نسب بطالة تكاد تتصدر هرم المتعطلين عن العمل على مستوى العالم.
لقد عانى القطاع حروباً وتدميراً وصمد بإرادته وإصراره، ولم ينكسر، ولم يرفع الراية البيضاء وهو يواجه اعتداءات شرسة بأحدث تكنولوجيا الحروب الحديثة، لكن حرب التجويع كانت هي الأقسى والأشد والأكثر خطورة وبطشاً، لأنها تستهدف الأسر والأطفال والمسنين، في ظل حاجتهم إلى غذاء ومأوى ومدارس ومشافي وتجهزيات طبية.
وقد التقت قراءَة حماس، مع قراءَة أخرى مشابهة للوضع في قطاع غزة، من قبل السلطة وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، حيث بالرغم من الانقسام، لم يتم اسقاط لحظة واحدة حقيقة أن القطاع جزء لا يتجزأ من الوطن، وألا دولة فلسطينية مستقلة ومكتملة بمعزل عن القطاع، على اعتبار أن القطاع جناحها الثاني، ولا مجال للتحرك والاستمرار ومخاطبة العالم بجناح واحد.
الاحتلال طالما تذرع بالانقسام، مدعياً لا وجود لطرف فلسطيني يمثل الفلسطينيين مع تعدد السلطات والاستراتيجيات وبالتالي فإن المصالحة قد أسقطت وعرّت هذا الإدعاء، ومن جهة ثانية، فإن بعض الأطراف الدولية حاولت قصداً ومع سبق الإصرار والترصد خلط الأوراق، بوضع حماس ضمن خليط الحركات التكفيرية التي تجتاح بعض الساحات العربية، مع أن حماس لها موقف واضح من هذه الحركات أعلنته مراراً، فهي فكراً وأسلوباً لا تلتقي مع أي منها، وحتى ان الحركات التكفيرية لم تترك مناسبة دون توجيه إصبع الاتهام إلى حماس أو التشكيك بها والتحريض ضدها.
فما يجمع حركة حماس مع حركة فتح والفصائل الفلسطينية هو كثير، وما يفرقها عن الحركات التكفيرية هو كثير أيضاً والحركات التكفيرية لا تتعامل مع الآخر وإنما تنكره وتناهضه بل تعمل على اقتلاعه واجتثاثه، فيما أن حماس تؤكد باستمرار، أنها جاهزة للانخراط في منظمة التحرير التي تجمع المتدين والعلماني والماركسي والليبرالي والقومي، بمعنى أنها تؤمن بالتعددية، وإلا ما الذي دفعها لخوض الانتخابات وانتهاج المسار الانتخابي الديموقراطي.
إن الحقيقة الماثلة المؤكدة في الساحة الفلسطينية، مفادها أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين، ولا يوجد ممثل آخر، وقد ثبت بالملموس وعبر التجارب والوقائع، أن أي أجسام موازية أو بديلة سيكون مصيرها الفشل، كونها تشتت وتربك، وتضر بالقضية ومستقبلها.
والسؤال هل الفلسطينيون أمام تجربة جديدة ومرحلة أكثر وضوحاً من أية مراحل وتجارب أخرى؟
نجيب بنعم، ولكي يكتسي عظم " النعم" بلحم العافية والحيوية، فإن هناك من ينبغي إنجازه وبالسرعة الممكنة.
أولاً – مغادرة منطق الاستراتيجيتين ومخاطبة العالم باستراتيجية سياسية ودبلوماسية واحدة، تمثل الكل الفلسطيني وتشكل دستوراً للجميع.
ثانياً – توحيد الأجهزة الأمنية، فلا شعب على وجه الكرة الأرضية، يستطيع أن يعيش ويستمر برؤيتين أمنيتين مختلفتين متصارعتين.
ثالثاً – عدم تضييع الجهد في نقاش النسب والحصص في منظمة التحرير، وترك ذلك للصندوق الانتخابي، الذي يحدد الأوزان والأحجام، وعندها لا يستطيع أحد الإدعاء بتضخيم حصته، إذا لم يقرر الصندوق الانتخابي ذلك.
رابعاً – حل مشكلة الموظفين، وتسوية الحالات العالقة في قطاع غزة، ليتأكد المواطنون أننا أمام سلطة جامعة ومنصفة.
خامساً – التوجه إلى عمقنا العربي والعالم أجمع كسلطة واحدة، تمثل الفلسطينيين تحت شعار واحد ألا وهو التحرر والاستقلال في دولة تقام على حدود الرابع من حزيران تضم الضفة والقطاع بعاصمتها القدس الشرقية.
حينها يستطيع الفلسطينيون مجتمعين فرض وقائع ومعطيات جديدة، بتأييد عربي ودعم دولي، مسقطين كل الذرائع والحجج، مقدمين أنموذج وحدة لأناس يحترمون أنفسهم ويتسامون على خلافاتهم وينتصرون لقضيتهم وشعبهم.