الكاتب: اسامة خليفة
صباح يوم الأحد 22 حزيران/ يونيو2025 أعلن الرئيس الأمريكي ترامب أن بلاده نفذت هجوماً ناجحاً جداً على 3 مواقع نووية إيرانية، بينها منشأة فوردو، دون أدنى اهتمام بانتشار إشعاعات نووية على الإيرانيين وعلى شعوب الدول المجاورة، بذريعة منع إيران من امتلاك سلاح نووي، وهو يدري أن قصف مفاعل نووي سلمي يعني تحويله من السلمي إلى سلاح فتاك قاتل لملايين الناس، ويتجاهل ذلك عامداً متعمداً بهدف إيذاء البشر والقتل بلا مبرر اعتاد عليه فريق القتل الأميركي الإسرائيلي اللذين يتكاملان في أبشع صورة، وقال ترامب إنه تم إسقاط حمولة كاملة من القنابل على الموقع النووي الأساسي في فوردو، مؤكداً أن موقع فوردو النووي انتهى. وطالب طهران بالموافقة على إنهاء هذه الحرب بشروط تعتبر استسلاماً كاملاً من غير المتوقع أن توافق عليها طهران، وسترفضها جملة وتفصيلاً، والرفض يعني استمرار حالة الحرب.
بالأمس كانت التوقعات تتحدث عن السيناريوهات المحتملة لما بعد التدخل الأميركي في الحرب دعماً لإسرائيل،
اليوم تتحدث التوقعات والتحليلات عن سيناريوهات ما بعد إعلان وقف إطلاق النار، منذ صباح الأحد كان العالم يترقب وينتظر ما سيقرره القادة الإيرانيون بخصوص طبيعة الرد، الرد السياسي الفوري تمثل في إدانة إيران للهجمات الأمريكية واعتبرتها انتهاكاً خطيراً، وتوعدت بالرد العسكري، وكانت إيران قد حذرت الولايات المتحدة من أن دخولها الحرب إلى جانب إسرائيل سيعرض مصالحها في الشرق الأوسط لـخطر شديد، وقالت الخارجية الإيرانية إن طهران تعتبر أن من حقها مقاومة العدوان العسكري الأمريكي بكل قوتها، وأضافت أن «على العالم ألا ينسى أن أمريكا بدأت الحرب على إيران في خضم العملية الدبلوماسية .. وأن الصمت أمام هذا العدوان الصارخ يعرض العالم لخطر شامل وغير مسبوق». ولم تصمت طهران وباشرت بهجمات على إسرائيل بعد الضربات الأمريكية، وسبق لإسرائيل أن رفعت مستوى التأهب بعد الضربات الأمريكية مباشرة لكنها أعلنت عن إصابة ما لا يقل عن 16 شخصاً بجروح، بعدما أطلقت إيران دفعتين صاروخيتين عقب القصف الأمريكي لمواقعها النووية، وفق مصادر إسرائيلية.
وأثيرت التساؤلات حول جدوى الضربات الأميركية وما سبقها من ضربات إسرائيلية، وأثرها على تدمير البرنامج النووي الإيراني، في هذا السياق أكدت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن طهران ستواصل أنشطتها النووية، وقالت المنظمة في بيان نشرته وسائل الإعلام الرسمية «تؤكد منظمة الطاقة الذرية الإيرانية للأمة الإيرانية العظيمة أنه رغم مؤامرات أعدائها الخبيثة... فإنها لن تسمح بتوقف مسار تطوير هذه الصناعة الوطنية (النووية) التي هي ثمرة دماء الشهداء النوويين»، ووصفت الهجمات الأمريكية بأنها همجية وتنتهك القانون الدولي.
أما نتائج وتداعيات هذه الضربات، فستكون خطيرة ويترقب العالم كيف ستكون ردود إيران، فقد اعتبر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن الضربات الأمريكية على المفاعلات النووية الإيرانية شنيعة، وأكد أن تداعياتها ستكون دائمة وأن دخول أميركا للمواجهة يعني أن الحرب ستأخذ أبعاداً إقليمية. وبأن إيران تحتفظ بكل الخيارات للدفاع عن سيادتها، وبيّن عراقجي أن الولايات المتحدة ارتكبت انتهاكاً خطيراً لميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي، ومعاهدة حظر الانتشار النووي، عبر مهاجمة المنشآت السلمية النووية للجمهورية الإسلامية.
ورغم أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أعلنت يوم الأحد -اليوم التالي للهجوم الأميركي- عدم رصد أي زيادة في مستوى الإشعاعات خارج مواقع المنشآت النووية التي قُصفت بما فيها فوردو، إلا أن رافائيل جروسي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يعتزم عقد اجتماع طارئ لمجلس محافظي الوكالة الاثنين 23 حزيران/يونيو 2025، في ضوء الوضع في إيران، وستقدم الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقييمات إضافية حول الوضع في إيران مع توفر المزيد من المعلومات. إذ لم تُظهر صور فضائية حرارية من وكالة ناسا الأميركية لأبحاث الفضاء أي آثار لانبعاثات حرارية في منشأتي نطنز وأصفهان، بينما أظهرت الصور انبعاثاً حرارياً في مفاعل فوردو النووي الإيراني بشكل بارز وواضح. من جهته قال الحرس الوطني الكويتي في بيان عبر منصة إكس يوم الأحد 22/ حزيران/يونيو 2025 إنه لم يتم رصد أي ارتفاع بمعدلات الإشعاع في الأجواء والمياه الكويتية، وذلك بعد ساعات من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب تنفيذ ضربة مباشرة على 3 مواقع نووية في إيران.
وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الضربات الأمريكية على منشآت إيران النووية بأنها «تصعيد خطير في منطقة تواجه مخاطر، وتهديد مباشر للسلم والأمن الدوليين». وقال غوتيريش «هناك خطر متزايد من أن يخرج هذا الصراع عن السيطرة بسرعة، مع عواقب وخيمة على المدنيين والمنطقة والعالم». وأضاف «في هذه اللحظة الحرجة، من الضروري تجنب دوامة الفوضى. لا يوجد حل عسكري، السبيل الوحيد للمضي قدماً هو الدبلوماسية. الأمل الوحيد هو السلام».
النوايا الأميركية الشريرة لقصف المنشآت النووية مبيتة تضمنت خداعاً، وكشفت تواطؤاً أميركياً إسرائيلياً، يوم الجمعة 20/6 -أي قبل أقل من 48 ساعة من الضربات الأميركية- قال ترامب إنه سيمهل إيران أسبوعين كحد أقصى، مؤكداً أن تلك المهلة هي الوقت المناسب لرؤية إذما كان الإيرانيون سيعودون إلى رشدهم أم لا، وادعى ترامب أنه قد نصح نتنياهو بعدم اللجوء إلى القوة والعمل العسكري، وأنه يفضل السعي لعقد تفاهمات دبلوماسية جديدة مع طهران بوساطة سلطنة عمان بشأن برنامجها النووي.
وأدانت وزارة الخارجية العمانية العدوان غير القانوني، ودعت إلى خفض التصعيد الفوري والشامل، وأن ذلك يهدد بتوسيع رقعة الحرب ويشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة الذي يحظر استخدام القوة وانتهاك السيادة الوطنية للدول وحقها المشروع في تطوير برامجها النووية للاستخدامات السلمية.
وبينما تؤكد دول العالم سلمية البرنامج النووي الإيراني، يصفه نتنياهو أنه يعرض السلام العالمي للخطر، وأشاد بـما وصفه بالقرار الجريء لترامب بقصف المنشآت النووية الإيرانية، وقال إن استهداف ترامب المواقع النووية الإيرانية سيغير التاريخ، وعبر عن شكره للرئيس الأميركي دونالد ترامب على تنفيذ الهجوم على المواقع النووية، بدوره ترامب حذر إيران من الرد وخيّرها بين السلام أو المأساة، ما يفتح الباب على مصراعيه لسيناريوهات عدة وحرباً طويلة وتداعيات قد تكون غير متوقعة وخارج الحسابات، فالثنائي يعمل وفق المقولة التي أعداء السلام يخادع بـها «السلام الذي تأتي به القوة». نقلت القناة 14 عن مسؤول كبير أن ترامب أبلغ نتنياهو يوم السبت 21/6 بتوقيت شن الهجمات على المواقع الإيرانية. من جهتها، قالت هيئة البث الإسرائيلية إن نتنياهو وترامب أجريا اتصالاً هاتفياً قبل ساعات من الهجوم الأميركي على المنشآت النووية الإيرانية، وأكد نتنياهو أن الهجوم الأميركي على المواقع النووية الإيرانية تم بالتنسيق الكامل مع إسرائيل، مشيراً إلى أن ترامب اتصل به فور انتهاء العملية.
بعد 12 يوماً من القصف المتبادل أعلن الرئيس الأميركي ترامب عن هدنة مع إيران تدخل حيز التنفيذ اعتباراً من صباح يوم الثلاثاء 24/6 الترجيحات تشير إلى أنها لن تقود إلى سلام دائم، أحد السيناريوهات المحتملة أن تقوم حرب جديدة في أقل من عامين وهي المدة التي يتوقع أن تتمكن إيران من ترميم وإصلاح ما هدمته الحرب والقصف العنيف على المنشآت النووية والوصول إلى كمية اليورانيوم المخصب الذي يعتقد أنه أصبح مدفوناً داخل مفاعل فوردو تحت صخور وركام جبل، وقدر البعض أن إيران يلزمها سنتين على الأقل لعودة لتخصيب اليورانيوم، خلال هاتين السنتين يتم تطوير منظومة الصواريخ الاعتراضية من قبل مراكز البحث العلمي والتكنولوجي الإسرائيلية والأميركية اعتماداً على التفوق العلمي مستخلصين تجربة حرب الاثني عشر يوماً ونتائجها، بالمقابل لن تكون إيران لاهية تغفل عما يعد من تطوير وتجهيز وحياكة مؤامرات، وستعمل على تطوير برنامجها الصاروخي الهجومي، وربما الدفاعي في التصدي للطيران، وضرب أسطورة تفوقه المطلق، لكن السناريو الآخر المرافق يجري في المجال الاستخباراتي الذي تتفوق فيه CIAالأميركية بإثارة المشكلات والتناقضات الداخلية لإحداث الفوضى، أو الإعداد لقلب نظام الحكم، أو استخدام المعارضين والجواسيس في الإعداد لضربة داخلية مساندة لضربات خارجية من إسرائيل مع التنسيق مع الولايات المتحدة بالطريقة والأسلوب ذاته الذي جرى في اليوم الأول لحرب الاثنا عشر يوماً، لكن بطريقة أكثر فاعلية من المرة السابقة بحيث تحسم المعركة من الساعات الأولى.
السيناريو الثالث لا يفترض وجود مرحلة من المفاوضات المتعثرة، تُستأنف الحرب بشكل أعنف خلال فترة قصيرة فيما لو تمكنت الولايات المتحدة مستغلة تفوقها التكنولوجي من تطوير منظومة صواريخ اعتراضية فاعلة خلال فترة قصيرة لا تتمكن خلاله إيران من لملمة أمورها بعد الضربات القوية المؤثرة لدفاعاتها الجوية، بحيث تسيّد الطيران الإسرائيلي الأجواء الإيرانية، وهذا السيناريو له مقدمات، تحاول الولايات المتحدة فرض شروط سياسية على إيران تعتبرها إيران شروط استسلام، لم تستطع الولايات المتحدة فرضها من خلال الحرب، وتريد فرضها بالسياسة، كما يحصل في مفاوضات مع إسرائيل بشأن الحرب على غزة، وقبلها الحرب على لبنان.