الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

خارطة زمنية للمصالحة الفلسطينية

نشر بتاريخ: 15/10/2017 ( آخر تحديث: 15/10/2017 الساعة: 17:00 )

الكاتب: د. هاني العقاد

على مدار سنوات الانقسام الاسود كان وفدا فتح وحماس يتحاوران ويقضيا عشرات الساعات في بحث ادق النقاط في كل قضية وكل ملف ويتفقا ويخرجا للإعلام بذات اللغة والتصريحات ويقولا ان الانقسام قد انتهي وبالتالي بقي امامهم تطبيق ما تم الاتفاق عليه واليوم التالي يصطدموا بمعيقات كبيرة مادية وبشرية، لم تضغط الحالة وكانت قوة الدفع الفصائلي في توهان بين الاثنين فصائلي ولم يكن اي ضغط شعبي لان الشعب كان مقموعا ولم تتوفر اي قوة عربية فاعلة ترعى وتراقب وتوجه الطرفان لتطبيق ما اتفقوا عليه ولم يتفقوا على جدول زمني وخارطة زمنية لكل مراحل المصالحة وكانوا يتعاملوا مع القضايا رزمة واحدة وبالتالي كان حتمية الاصطدام بعقبات في الطريق وحدوث انتكاسات تعيد الطرفان الى الزاوية الاولى، ولعل انتكاسة تفاهمات الشاطئ شاهدة على ذلك، فقد اتفقوا في ذلك الوقت على تمكين حكومة الوفاق الوطني من العمل والذي اعلن فيه ان الانقسام اصبح شيئا من الماضي الا ان الانقسام استمر لأكثر من سنتين ونصف بسبب غياب القوة المتابعة الراعية والموجهة والضامنة في ذات الوقت والتي توفرت اليوم من خلال الاخوة في مصر.
انتهت حوارات فتح وحماس هذه المرة برعاية المخابرات المصرية واتفق الطرفان على تمكين الحكومة واستلام كامل مهامها في غزة وهنا اقول ان لا اتفاقات جديدة وما تم التوصل اليه هو تفاهمات جدية حول جدول زمني دقيق لتمكين حكومة الوفاق من العمل واعادة هيكلة وتأهيل الوزارات والهيئات واستلام المعابر الحدودية وادارتها، ولعل الملاحظ اليوم في هذا الاتفاق ان الطرفان ركزا على ضرورة ان تتولى الحكومة كامل مسؤولياتها المدنية والادارية والامنية، ولعل ما تم الاعلان عنه هو خارطة المصالحة وليس اتفاق مصالحة جديد او حتى تفاهمات جديدة، وهنا حددت هذه الخارطة تواريخ هامة لعمل الحكومة في كافة الملفات واهمها ملفي الوزارات والامن وعمل الحكومة في المعابر وعمل الحكومة لترتيب الاجواء لانتخابات عامة وبالتالي يلزم الحكومة العمل حسب تلك التواريخ وانجاز مهامها في حدود ما تم الاتفاق عليه.
لقد حددت خارطة طريق المصالحة التي اعلنت في القاهرة تواريخ محددة لإنجاز كافة الملفات فقد اتفق الطرفان على ان يكون الاول من نوفمبر القادم موعد هام ومحدد لتسلم الحكومة المعابر ونشر حرس الرئيس بالتشارك مع الامن الوطني على طول الحدود بين غزة ومصر وبالتالي توحيد الاجهزة الامنية في الضفة والقطاع من خلال عمل لجنة من الضباط التي تم تسميتها لتعمل مباشرة تحت امرة وزارة الداخلية الفلسطينية وبتوجيه واشراف امني مصري بل ومتابعة دقيقة لكل تفصيلات عمل هذه الاجهزة وحددت مرجعيتها على ان يكون القانون الاساسي الفلسطيني وخاصة المادة 85 ، كما حددت خارطة المصالحة المدة المطلوبة للحكومة لكي تنجز ملفي الوزارات والموظفين وكلفت اللجنة القانونية والادارية التي تم الاتفاق عليها لإنجاز ذلك في حد اقصى 120 يوم من تاريخه، كما حددت خارطة المصالحة تاريخ لقاء الفصائل الفلسطينية الموسع في القاهرة لإسناد تنفيذ كافة مراحل المصالحة وتوفير متطلبات استعادة الوحدة الفلسطينية وتقييم المرحلة الاولى وبالتالي نقاش المراحل المستقبلية وطبيعة وشكل الحكومة الفلسطينية الجديدة ,وايضا الاتفاق على موعد محدد لاجتماع الاطار القيادي لمنظمة التحرير الفلسطينية للبدء في تنفيذ برنامج تحديث هياكل منظمة التحرير الفلسطينية ودمج كل المنظمات والفصائل العاملة على الارض تحت لواء المنظمة انطلاقا من عقد المجلس الوطني الفلسطيني بحضور الكل الفلسطيني والاتفاق على استراتيجية العمل النضالي الفلسطيني خلال المرحلة المقبلة , بالطبع سيوفر هذا الاجتماع مناخ مناسب لتجنيد كل الفصائل الفلسطينية للدفع باتجاه ضمان نجاح برنامج منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد لكل الفلسطينيين اينما كانوا وتواجدوا كما و يوفر هذا الاجتماع ضمانات مناخية لاستقلال عمل الحكومة دون تدخل او وصاية من احد , كما ويكون هذا الاجتماع مؤتمرا وطنيا يلتزم فيه الجميع بالإقرار ان برنامج اي حكومة فلسطينية يجب ان يكون برنامج الرئيس وعقيدتها هي العقيدة الوطنية وشعارها الموطن اولا ورفع المعاناة عنه وتيسير اموره الحياتية بما يضمن كرامته وكرامة ابنائه ويضمن الا ندخل في مرحلة مقاطعة و حصار دولي من جديد .
لم تترك المخابرات المصرية خارطة المصالحة دون تحديد اليات التابعة والرقابة والرعاية والتقييم المستمر فقد قررت مصر ان يكون هناك اجتماع ثنائي شهريا لتقييم كافة إنجازات الحكومة على الارض ومدى تمكنها من مهامها كاملة وبالطبع ستكون اللجان الفنية والامنية المصرية حاضرة في كل اجتماع تقيمي، وقررت مصر ان تقيم لجنة امنية مصرية بشكل دائم في السفارة المصرية بغزة لتبقى قريبة من الحدث وتتابع على الارض كل صغيرة وكبيرة في عمل الاجهزة الامنية والتأكد من سلامة عقيدتها الوطنية، ولعل المخابرات المصرية تدرك ان مسألة الامن هي من اهم المسائل التي يتوجب على الحكومة الفلسطينية انجازها لان نجاح حكومة الوفاق في فرض حالة امنية في القطاع تعني ان هذه الحكومة اصبح لها هيبة وهيبتها في قوتها وقوتها لا تتوفر الا بتوفر القوة الامنية وشفافية ومهنية كافة الاجهزة الامنية ومدي قدرتها على حماية امن المواطن والوطن على السواء وانفاذ القانون حسب ما نصت علية اللوائح والقوانين .
[email protected]