الخميس: 02/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

انفاق قطاع غزة ولعبة السياسة في اسرائيل

نشر بتاريخ: 01/11/2017 ( آخر تحديث: 01/11/2017 الساعة: 18:18 )

الكاتب: اكرم عطالله العيسة

عندما انطلقت اسرائيل في حربها على قطاع غزة عام 2014 كانت الانفاق التي تقوم حركة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بحفرها على قائمة الاهداف الاسرائيلية، لكن الحرب انتهت في حينه دون ان تحقق اسرائيل كامل اهدافها، وبقي موضوع الانفاق يشغل المجتمعين السياسي والعسكري في اسرائيل، الى ان جاء تقرير مراقب الدولة الاسرائيلية نهاية شهر شباط الماضي واشار الى حالة التخبط والفشل لدى القيادتين العسكرية والسياسية في اسرائيل في معالجة موضوع انفاق غزة.
كان وقع التقرير قاسيا على القيادة اليمينية الاسرائيلية المتثلة في نتنياهو وليبرمان وحتى على يعالون وزير الدفاع الاسبق في حكومة نتنياهو وذلك نتاجا للتأثير الذي يتركه تقرير المراقب العام للدوله على الراي العام واتجاهاته في اسرائيل، اضافة الى ما يمكن ان يتركه من حالة تنافر وتجاذب حتى داخل الكابينت الاسرائيلي نفسة بحيث يتهم كل طرف الاخر بالمسؤولية.
من المهم الاشاره ان موضوع الانفاق الواقعه على حدود قطاع غزة مع اسرائيل ليس موضوعا جديدا لكن ذروة التعامل معه كانت بعد اختطاف الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط والذي تم اختطافه من خلال نفق امتد من داخل قطاع غزة مخترقا الحدود عام 2006.
على الرغم من حدة الانتقادات التي اوردها تقرير مراقب الدولة لكلا القيادتين السياسية والعسكرية "نتنياهو ويعالون وغيرهم" الا ان نتنياهو لم يتسرع بخطوات عملية اتجاه قطاع خاصة ان الانتقادات الداخلية على حرب العام 2014 كانت حادة ومن جهات مختلفة في اسرائيل، فهي الحرب الاطول في تاريخ الاحتلال الاسرائيلي حيث امتدت 51 يوما.
من الواضح ان نتنياهو وحكومته كان يخططون لمرحة رد الاعتبار ولمحاولة اثبات انهم الاقدر على ادارة الصراع مع الفلسطينيين وكذلك انهم لم ينسوا موضوع الانفاق مطلقا لكنهم كانوا ينتظرون الوقت المناسب للقيام بذلك، وهذا الوقت المناسب هو خليط ما بين السياسي والعسكري والتكنولوجي والاستخباري اضافة الى حالة الخصم الفلسطيني.
اضافة الى الانتقاد الحاد من قبل مراقب الدولة الى نتنياهو على شكل ادارته للحرب الاخيره (2014) على قطاع غزة فان نتنياهو يتعرض هو وزوجته ساره الى سلسله من الاتهامات والتحقيقات المتعلقة بالفساد وهذا من شانه ان يضعف دوره وادائه السياسي ويزيد من احتمالية اقصائه سياسيا قبل موعد الانتخابات القادمة في حزيران 2019 لكن هذا الرجل المهدد كان يجب ان يفكر مليا قبل ان يقدم على قصف النفق وقتل 9 فلسطينيين وجرح ضعفهم.
اولا: حكومة الاحتلال امتلكت معلومات استخبارية قوية جدا عن مكان النفق، حيث تشير الكثير من التقارير الاسرائيلية ان اسرائيل كانت قد رصدت النفق منذ فتره طويلة وبالتالي فهي كانت اي اسرائيل تتحين الفرصة المناسبة للانقضاض. وكذلك امتلكت تكنولجيا جديدة لتدميره حسبما ادعى افيغدور ليبرمان وزير الدفاع في دولة الاحتلال. وهذا ما اعلن عنه المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي رونين مانليس حيث قال " ان الجيش الاسرائيلي كان يعرف جيدا عن مسار النفق، ولم يشكل خطر فوري، لكنه بعد تقييم الاوضاع تقرر التبكير بتدميره".
ثانيا: اسرائيل تدرك ان قطاع غزة منهك اقتصاديا وان الجمهور الفلسطيني الغزواي وبعد حرب العام 2014 ليس مهيئا للدخول في حرب وربما لا يشكل داعما قويا للمقاومة في حال تفكيرها بالرد على العدوان الاسرائيلي، خاصة في هذه المرحلة التي تتميز بالترقب والامل تجاه المصالحة.
ثالثا: تدرك اسرائيل ان الاطراف الفلسطينية المختلفة ستمارس الضغط تجاه بعضها البعض البعض من اجل عدم الرد والتصعيد خاصة انها في سياق محاولة وقف تصدع الانقسام واتمام المصالحة، وان الرد على العدوان الاسرائيلي في هذه المرحلة يعني وقف مسيرة المصالحة التي تواجه الكثير من العقبات عدا عن عدم الرضى الاسرائيلي.
رابعا: ان كلا من حركة حماس والجهاد الاسلامي وخاصة في هذه المرحلة من المصالحة وفي ظل النقاش حول سلاح المقاومة تبدوان غير معنيتين بالرد على اسرائيل وبالتالي من شأن ذلك طرح موضوع سحب سلاح المقاومة بقوة اكثر مما هو الحال الان حيث يبدوا ان الجميع وبما فيهم مصر واسرائيل وحتى السلطة الفلسطينية في رام والفصائل الفلسطينية تميل الى تقبل الامر طالما يمكن ضبط هذا السلاح وخاصة من جهة استخدامه ضد اسرائيل.
بعد مرور اكثر من يومين على عملية مهاجمة النفق من قبل القوات الاسرائيلية يبدو ان الارتياح سيد الموقف فالاحزاب الاسرائيلية خاصة تلك المتحالفة مع نتنياهو تشعر بالنشوة والانتصار خاصة ان حركتي الجهاد وحماس لم تقوما بالرد وبالتالي فان حزام المستوطنات المحاذية لقطاع غزة بقي هادئا وهذا بلا شك يقوي من حكومة نتنياهو وائتلافه اليميني حتى ولو مؤقتا.