الإثنين: 20/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

استهداف مسجد العريش انتحار ايدولوجي للإرهاب والإرهابيين

نشر بتاريخ: 26/11/2017 ( آخر تحديث: 26/11/2017 الساعة: 17:53 )

الكاتب: د. حسن عبد الله

بعد أن أيقن الإرهابيون بأن هزيمتهم باتت حتمية، بفعل ضربات الجيش المصري، والنجاح الذي تحقق في الميدان ضد التكفيريين الذين يقتلون ويدمرون وينهبون، بهدف تخريب المجتمعات العربية والعودة بها ممزقة مشظاة إلى الجهل والعصبية والتخلف، أراد صناع التقتيل بدعم من جهات خارجية لها مصلحة في تقويض استقرار الدولة العربية الكبرى، فاختاروا هذه المرة مسجد الروضة، وبالتزامن مع صلاة الجمعة، لكي يتسنى لهم اشباع غريزتهم الدموية، بقتل أكبر عدد ممكن من المصلين بينما كانوا يسجدون لله.
لقد استهدف رصاص الإرهابيين كل من تواجد في المسجد بصرف النظر عن العمر أو العمل أو العائلة، فالمطلوب هو قتل الجميع بلا استثناء، ساعين إلى إيصال مجموعة من الرسائل غارقة في الدم أولها إلى الحكومة وأجهزة الأمن المصرية، بالرغم أن الضربات التي تلقاها الإرهابيون، لم تنه وجودهم، وأنهم قادرون على تنفيذ مزيد من العمليات.
وثانيها: إيذاء وترهيب وتخويف بعض القبائل في سيناء المتعاونة مع الجيش كقبيلة "السواركة" في سبيل اجتثاث الإرهاب من المنطقة.
وثالثها: تبديد الطاقات المصرية في الساحة الداخلية، وعرقلة قيام مصر بدور فاعل في المنطقة، لا سميا بعد نجاح الوساطة المصرية في توحيد الساحة الفلسطينية ومتابعة تطبيق بنود الاتفاق التوحيدي، حيث نجحت القيادة المصرية، فيما فشل فيه آخرون طيلة عشر سنوات من الانقسام الفلسطيني، إضافة إلى ذلك فإن الدور المصري المتوازن فيما يخص أزمات وقضايا عربية، أخذ يقض مضاجع المنضوين في معسكرات الفتنة ودفع الأمور إلى اللارجعة، فقد بدا الموقف المصري ناضجاً ومسؤولاً بخصوص الساحات العربية "سورية وليبيا واليمن والعراق" وإعلان موقف هادئ ومتأنٍ بخصوص استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، وتأكيد القيادة المصرية، بأن الأمن والاستقرار في لبنان مصلحة قومية عربية.
أما الرسالة الأهم التي لم يقصد الإرهابيون إيصالها بالشكل والمضمون الحقيقيين، بل أنها قد وصلت ضمناً، ويمكن استشفافها بالتحليل، ومفادها أن الإرهاب فشل فشلاً ذريعاً في مواجهة الجيش المصري والصمود أمامه، وبالتالي تم اختيار أسهل الأهداف، ومعلوم أن المسجد وفي يوم الجمعة تحديداً يكتظ بالمصلين، وهم حينما يسجدون بين يدي الله، لا يتوقعون من أية جهة أن تجرؤ على مهاجمتهم. وأما وقد تجاوز الإرهابيون كل الخطوط الحمر واستهدفوا مسجداً في يوم الجمعة، فإن ذلك يؤكد سقوط ذرائعهم وشعاراتهم، فهم حينما كانوا يهاجمون الجيش المصري، سوَّقوا للعالم أنهم يقاتلون ويباغتون وفق ما تقتضيه ظروف الحرب، لكن أن يستهدف الإرهاب المساجد والكنائس، فإن ذلك يعني أن ايدولوجيتهم أطلقت النار على نفسها وانتحرت، وليس بمقدور أي إنسان عاقل أن يبرر بعد الآن جرائمهم أو يخدع بما يطرحون وينظرون.
لا دين ولا ضمير ولا أخلاق للإرهاب، وأن التستر بالدين أو التذرع بأنهم يحتكمون إلى مبادئ ومفاهيم دينية، كل ذلك قد تكشف وتعرى، فالمستهدف هو المواطن المصري البريء بصرف النظر إذا ما كان مسلماً أو مسيحياً، أي أن المجتمع المصري بمكونيه يقع في دائرة الاستهداف.
وأجزم في المحصلة النهائية أن المخطط الإرهابي التخريبي، يلفظ أنفاسه الأخيرة، وأن الاعتداء على المسجد، هو علامة ضعف وتفكك وليس علامة قوة،وأن مصر اجتازت مراحل صعبة ومعقدة ونجحت في امتحانات مصيرية، فجيشها متماسك، واقتصادها أخذ يمسك بحلقات تنموية مهمة، فيما الدور القومي والعالمي الذي صار جلياً في الشهور الأخيرة، يؤكد أن القطار يسير في الاتجاه الصحيح، ولا يمكن لأية قوة ظلامية أن توقفه أو تحد من اندفاعه.
إن مصر القوية المعافاة القادرة، هي ضرورة ملحة لكل العرب، فقد كانت في الماضي، وهي كذلك في الحاضر والمستقبل.