الثلاثاء: 30/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

نميمة البلد:ترامب ياهو والقدس...وارهاصات الانتفاضة الثالثة

نشر بتاريخ: 08/12/2017 ( آخر تحديث: 08/12/2017 الساعة: 12:51 )

الكاتب: جهاد حرب

لا يمثل قرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال ونقل السفارة من تل أبيب الى مدينة القدس جريمة بحق القانون الدولي أو مخالفة فاضحة لميثاق الأمم المتحدة أو تناقضا صارخا لقرار الأمم المتحدة التي وافقت عليها الولايات المتحدة ذاتها فقط وانما تحولا جوهريا في السياسة الامريكية ليس أكثر التصاقا بسياسة حكومة اليمين الإسرائيلي برئاسة بنيامين نتنياهو بل ترجمة فعلية لسياسته الصهيونية.
قرار ترامب ياهو الجديد بشأن القدس ينذر بانفجار الأوضاع في الأراضي الفلسطينية واندلاع الانتفاضة الثالثة في ظل أوضاع تشبه الى حد بعيد بأجواء العام 2000 المتمثلة بفقدان الامل بعملية سلام تضمن انهاء الاحتلال الإسرائيلي، وبتدخل امريكي فض؛ ففي الأولى كذب الرئيس الأمريكي بل كلنتون عند تحميل القيادة الفلسطينية مسؤولية فشل مفاوضات كامب ديفيد، وفقا للاعترافات الأخيرة لقادة إسرائيل آنذاك، والان ترامب ياهو يقذف بكرة اللهب بإعلانه نقل السفارة الامريكية الى القدس حاسما بذلك إحدى أهم قضايا الحل النهائي بل الأكثر رمزية تتعلق بعقيدة ووجدان العرب والمسلمين والمسحيين. دون احتساب لمخاطر لمثل هكذا قرار على مصالح الولايات المتحدة الامريكية ذاتها في المنطقة والقائمة بشكل أساسي على انتاج تحالف أمريكي عربي إسلامي سني في مواجهة إيران وكذلك التحالف ضد الإرهاب المنتج أمريكياً في الأصل، ناهيك عن التأثير في استقرار المنطقة ذاتها بغض النظر عن أوضاع الفلسطينيين ذاتهم.
اليوم التالي لقرار ترامب ياهو أظهر ارهاصات اندلاع أو انفجار انتفاضة فلسطينية في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي قد تتسع لتصبع عابرة للحدود "عربية وإسلامية" في مواجهة المصالح الامريكية في المنطقة. في ظني أن أحدا لن يتمكن، في الوقت الحالي، التكهن في شكل هذه الانتفاضة وطبيعتها، إذ تعتمد على عدة عناصر منها؛ مدى بطش الاحتلال في مواجهة الاحتجاجات الفلسطينية، والإجراءات الاسرائيلية في الأيام القادمة بمدينة القدس، واتباع بعض الدول بنقل سفارتها للمدينة المقدسة، ودرجة رد القيادة الفلسطينية على قرار ترامب ياهو، وتوفر غطاء عربي إسلامي لقرارات فلسطينية عميقة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، واتفاق حركتي فتح وحماس على برنامج نضالي لتوحيد الجهود الوطنية، وتشكيل إطار قيادي ميداني لقيادة الاحداث وتقديم برنامج يومي للمواجهة.
الرد على قرار ترامب ياهو أو الخيارات الفلسطينية متعددة ومتنوعة ما بين قيادة العمل السياسي على المستوى الدولي، وكذلك الثنائي الفلسطيني الأمريكي، الى قيادة عمل شعبي جماهيري في مواجه مستمرة، والى ملاحقة قادة الاحتلال أمام المحكمة الجنائية الدولية على جريمة الاستيطان المستمرة. سلوك هذه المسارات جلها أو بعضها يحتاج الى قيادة شجاعة وشعب قوي صابر والثانية لا خاب ظن أحدٍ فيها. والا بقي الفلسطينيون لا يجتهدون الا في إضاعة الفرص.