الخميس: 02/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

إلى العزيز بهاء بعلوشة

نشر بتاريخ: 12/12/2017 ( آخر تحديث: 12/12/2017 الساعة: 10:22 )

الكاتب: د.محمد المصري

أخي وصديقي أبو أسامة، اسمح لي أن أشاركك هذه السنة أيضا، ذكرى الزهرات الثلاثة الذين رحلوا "سلام، وأحمد، وأسامة" والذين مازالوا في قلوبنا.
اسمح لي أن أتذكر معك أيضا الراحلين الشهداء من أهلي، برصاص العمى والغدر، كان علينا أنا وانت يا صديقي وكل الحريصين على هذا الوطن أن ندفع ثمن كوننا فلسطينيين، وأن نكون في الخنادق الأولى وأن نحمل لواء الشرعية.
أما هذه السنة أيها الصديق العزيز، فإن ذكرى رحيل أبناءك الصغار برصاص "الكبار" ، بغض النظر عن أسماءهم أو أجنداتهم او موجهيهم يتزامن مع أحداث أليمة وجسيمة، وأحداث وذكريات لها في القلب "ألم وبهجة" إذ يشاء الله سبحانه وتعالى ببالغ رحمة وحكمة أن يرحم شقيقك وأن يتغمده برحمته ويسكنه فسيح جناته، وإذا غاب شقيقك في ريحان شبابه، فإن عصافير الجنة سلام وأحمد واسامة سيكونوا بانتظاره، وإن زملائك وإخوانك وأصدقائك الذين كانوا بالأمس إلى جانبك وأينما ذهبت هم من تقاسموا معك المهمة والهم والاهتمام، فأنت لست وحيدا أيها الصديق العزيز.
انت أحد المشاركين في هذا المشروع، وأنت أحد حماته وأكثرهم انضباطا ودقة.
أيها الصديق العزيز، أكتب إليك هذا اليوم، ليس من أجل التذكر فقط، ولا لاستعادة اللحظات الأليمة، ولكن أكتب اليك لأقول: ان في مثل هذا اليوم، حيث تتكاثر غيوم الحزن وعواصف الشر من فوق رؤوسنا وعلى تلال وطننا، حيث تبلغ ذروة ذلك قرار رئيس أكبر امبراطورية بسلب عاصمتنا منا ومنحها - دون وجه حق- لمن لايملك ولا يستحق، يقدمها لدواعش العصر، لأكثر حكومة ارهابية بالتاريخ المعاصر، أقول انه في مثل هذا الحدث فأننا نحتاجك ونحتاج أمثالك، أولئك الذين خبروا المواجهة والألم والصعوبة، ثم تجاوزوها الى مرافئ الصبر والنصر معا، انتصرنا على أنفسنا، وتصالحنا مع الذات وكبرنا على جرحنا ونظرنا للوطن- ومن أجله ننسى ثاراتنا.
في مثل هذا اليوم تبدو الأمور كلها غير مشجعة، وغير مواتية، نتذكرك ونتذكر معاناتك مع الموت والصبر، وقدرتك المدهشة على البقاء والتجاوز والعبور الى مناطق التوازن والالتزام، كنا معك وإلى جانبك في ذلك اليوم الاسود وشعرنا بنبضك ودقات قلبك، وكم مرة توقف هذا القلب الكبير، وكنت مصرا على العيش، وتجاوز المخاوف ودعوت بأن يكونوا بالجنة.
وطننا أبو أسامة أكبر منا جميعا، نحن لاشيء بدونه، مهما قدمنا ومهما فعلنا، يظل وطننا أكبر منا، ونحن هذا اليوم، يبدوا أننا على ابواب جولة جديدة من البذل والعطاء والتضحية.
في مثل هذه المناسبات، فإن ذوي التجربة وأولي العزم هم الذين يتقدمون، وعندما نصرخ عاش الوطن، فإننا نقول بذات الوقت إنه قد نموت ليعيش الوطن.
أخي ابو اسامة، أقدم اليك باقة ورد أعلقها على جدران قلبك الكبير والعالي، وان سبقتك والتقيت ابناءك هناك، سأقول لهم، إني تركتك خلفي لتقوم بما هو مهم، ولهم الحق أن يفخروا بك.