السبت: 04/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

تجربتي مع الكتائب.. أبو عمار.. ومروان البرغوثي..(3)

نشر بتاريخ: 18/12/2017 ( آخر تحديث: 18/12/2017 الساعة: 14:04 )

الكاتب: منذر ارشيد

الحلقة الثالثة
مقدمة...
ما أكتبه ليس سهلا ولا مجرد تسلية فوالله إنه محفور في عقلي ووجداني وأكتب وأنا أرتجف وأحيانا أبكي... ليس على الشهداء بل على الأجيال الصاعدة التي سنورثها الفشل أذا بقينا على هذا الحال... نعم نحن فاشلون... ومن لا يعترف بهذا فهو كاذب أو جاهل.... تمحصوا وتفكروا بما تقرأون..
وتعرفوا على هذا الإسراف والتبذير في الجهل.. وعدم تشغيل العقل وتجميد أمام الطموح الشخصي المؤدي إلى التهلكة.. وكأن المناضلين حطب فقط كي نتدفأ عليهم. 
إخواني أحبائي لا أريد تقليب المواجع ولكني وأشهد الله أني فقط أريد أن ننتصر على أنفسنا أولا وذلك من خلال التوقف عن الأنانية والغلو والفوقية والإدعاء والتباهي والكذب والنفاق واللصوصية..
فلا يمكن أن يستقيم حالنا إلا إذا استقمنا مع الله، ودون ذلك فتضحياتنا ودماء شهدائنا وكل ما نقدمه سيكون عبثا ووبالا ولا يحدث لنا نصرا بل مزيدا من الهزائم...
علينا أن نتعرف على الخلل الذي فينا وكيفية الخلاص من أزماتنا ومشاكلنا وننتقل إلى مرحلة جديدة تؤدي بنا وتوصلنا إلى الحقيقة الغائبة عنا حقيقة الصراع بيننا وبين عدونا وترسيخ ثقافة أن *الحق أحقُ أن يُتبع* وان ننتهج النهج الصحيح وتتوقف عن العبث. الذي إعترض مسيرتنا النضالية ونرتقي ونسمو لمستوى فلسطين بكل ما تعنيه الكلمة.... اللهم أشهد
كتائب الأقصى...متى وكيف..!؟
كما أسلفت في الجزء الثاني بدأت مرحلة جديدة من المواجهات بين الشباب والعدو، كنت قبل أشهر في بيت لحم موظفا رسميا ورغم ذلك كنت يوميا في المواجهات..وكانت التظاهرات في كل مواقع التماس مع العدو كما في جميع أنحاء الوطن، كان العدو يطلق قنابل الغاز والرصاص المطاطي الخفيف وتطور الأمر بسرعة بعد أن ضاق ذرعا بالمواجهات اليومية...
وفي أحد الأيام سقط شهيد طفل في مخيم عايدة اسمه علي الجواريش رحمه الله ..أطلق عليه النار حارس وزير الدفاع مردخاي، قامت الدنيا ولم تقعد حتى أنه جاء إلى بيت لحم يوسي ساريد كان رئيس حزب ميرتس المعتدل وانا من استقبله وقد جاء معزيا ومعتذرا باسم الشعب الإسرائيلي مستندا الجريمة ومما وزير الدفاع المسؤولية ودافعا للدية.. أحضر معه المال وقف والد الشهيد ورفض الدية وقال مخاطبا ساريد ...
لا أريد مالكم ..هل تستطيعون إعادة إبني إلي ...!؟
أبو عمار هو قائدنا وهو من يعطينا ونأخذ منه أما انتم فمالك حرام علينا لانكم غاصبون لارضنا فارحلوا عن أرضنا وانت يا ساريد إرحل من وجهنا... خرج ساريد وهو يلعن مردخاي وحارسه.
وهذه إشارة هامة توضح أن المجتمع الإسرائيلي كان يرفض التصعيد ....ويخشى من ردات الفعل، ولكن بعد أشهر وقد بدأ القتل اليومي إنفلتت الأمور وبدأت مرحلة المواجهات المسلحة، وبعد أن تركت عملي في بيت لحم عدت إلى مدينتي في جنين كما ذكرت سابقا... وكنت على تواصل يومي مع الجميع
وبعد عدة مواجهات دامية خفت التظاهرات الشعبية وتحولت الإنتفاضة إلى مقاومة مسلحة..
اجتمعنا في المدينة والمخيم مع الفعاليات وكان الوضع في غاية التعقيد .. وكان من الضرورة بمكان السيطرة والتنظيم المحكم..
بدأ شباب الأجهزة الأمنية الإنضمام للمقاومة
ولكن السلاح لم يكن كافيا ً خاصة أن العدو بدأ الضرب العنيف بواسطة الطائرات المروحية الأباشي. . ناهيك عن التقدم نحو المدينة والمخيم بدبابات وأسلحة ثقيلة.
لم يكن قد أعلن عن تشكيل كتائب الأقصى أللهم إلا من مجموعات تم تشكيلها بقيادة ضباط من الأجهزة
حتى أنه تم الإعتماد على بعض الضباط ذوي الخبرة خاصة من الأمن الوطني (فدائيين قدامى )
منهم الشهيد أبو جندل وعقيد خبير بالمتفجرات نسيت أسمه
كان يدرب الشباب على صناعة العبوات أعتقد أنه استشهد
كان الحاجة للمال ملحا لشراء المستلزمات مواد لصناعة العبوات وذهائر وأسلحة
أذكر أننا بدأنا وقبل أن يأتي أي فلس من الخارج
وللتاريخ والإنصاف أذكر التالي...
أنا شخصيا كنت اتجول في سوق المدينة وأطلب تبرعات
وكنت أقول لأي تاجر أدخل متجره ..
(أريد منك تبرعا ً لموضوع هام جدا... غير هذا لم أكن أشرح..

شعبنا العظيم والله على ما أقول شهيد ..
كانوا يدفعون لي بدون أي سؤال أو إستفسار... وخلال يومين جمعت ما يقارب ال5 آلاف دينار...
ولكن هذا لم يكن كافيا....

إتصالات من الخارج

بدأت تأتينا إتصالات من خارج الوطن من إخوة كانو في القطاع الغربي... (موريس) لم يعد سرا فقد كتبت عنه الصحف والمواقع الصهيونية.. وأشهد أنه كان من أكثر العاملين ديناميكية وتأثير من خلال ما لديه من قدرة ومعرفة خاصة أنه عمل مع الشهيد أبو جهاد سنوات طويلة . مما أكسب علاقات واسعة تمتد من جنين حتى رفح..
وخلال أسبوعين تم تأمين مبلغ جيد
لم يكن لأحد في داخل الوطن أي مساهمة حتى بدأت القيادة وعلى رأسها أبو عمار بدعم الوضع.

تسمية الكتائب ووضع الشعار

تم الإتفاق من خلال مشاورات جرت بين القادة الميدانيين من جنين ونابلس وطولكرم وبيت لحم والخليل ورام الله وحتى غزة... من خلال إخوة توثقت علاقاتهم في الأسر ومع قادة من الخارج تم خلالها الإتفاق على تسمية (كتائب الأقصى)
كل ذلك تم خلال شهر من بداية العمل المسلح
وهنا أشير لمسألة ...أن كل منطقة كانت تعتقد أنها صاحبة الفضل في تأسيس الكتائب وذلك لأن الظروف والمشاعر كانت واحدة وموحدة
بدون شك أن الأخ منير مقدح هو أول من قدم المساعدات المادية التي كان يحصل عليها من حزب الله
حتى أنه عين نفسه تحت إسم (ألحاج أبو أحمد) القائد العام لكتائب الأقصى... ورفضنا ذلك.. وقلنا لا يجوز هذا و لنترك الأمر عاما خاصة أن من في الميدان أحق من غيرهم..
وللحق التزم بارك الله به قدم الكثير

أبو عمار ومروان البرغوثي

رحم الله القائد الرمز أبو عمار وفك الله أسر القائد مروان البرغوثي...هنا أتمنى أن تعذروني فأنا ليس لي مصلحة بتزوير الحقائق ولا ب الإدعاء ولا بأي شيء من هذا القبيل
سأخبركم بما أعرفه وما شهدته وما سمعته وما عشته بكل جوارحي ... من الممكن أن يفوتني أمر أو نسيت شيء فاليذكرني ويحمي من يتذكر أو يعرف أكثر مني فأنا لا أملك كل الحقيقة
أولا الكتائب لم تكن بمبادره أوبقرار ولا بترتيب ولا بتخطيط
من أحد... وأعني هنا من أبو عمار
رحمه الله كان في وضع صعب جدا بعد أن تنكر العدو لتفاقم أوسلو.. وحاول جاهدا أن يصحح المسار السياسي من خلال تنفيذ العدو لما تم الإتفاق عليه.. فقرر قلب الطاولة من خلال الإنتفاضة.. وقد الأخ مروان جمهور فتح ومعه الفصائل حتى تحول الأمر إلى صدام مسلح
هنا نقطة الفصل التي نشأت عندها الكتائب
إستدعاء الشهيد أبو عمار... ودار بيني وبينه حوار انتهى بطلب التصعيد ووعد بالدعم المالي والسلاح
كنت في مخيم جنين مع الأخ القائد جمال حويل وكان ذلك بعد أن بثت قناة العربية شريطا مسجلا ومصورا لمجموعة في بيت في المخيم تصنع العبوات (الأكواع)
كنت في أشد حالات الغضب.. ويذكر أخي جمال اني قلت له كيف يحدث هذا.. الليلة سيتم الهجومية على المخيم

قال .. والله إني تفاجأت مثلك ..وهؤلاء فيه مراهقين لا يعرفون خطورة ما فعلوا... قلت له كيف يتم هذا بدون استشارتك ألست المسؤول.!؟
قال .. عالعموم هذا خطأ ولن يتكرر

ملاحظة
(في نفس الليلة قام الجيش بهجوم على المخيم وحاولوا دخوله ولكن الأبطال تصدوا له وسقط شهداء
وكانت بداية تمركز كتيبة بدبابات في حرش السعادة المطل على المخيم)

في هذه الأثناء قرع هاتف الأخ جمال.. وكأن المتحدث الأخ مروان... وقال هاي أبو العبد معي خذ إحياء معه
لم أكن أعرف من المتحدث وقال خذ إحياء مع أبو القسام
أبو القسام... مرحبا أخي أبو العبد كنت عند أبو عمار وتحدثنا حول الموضوع الذي حدث به أول أمس والأمور تمام ومعي كل ما يلزم اذا ممكن تحضر لرام الله غدا..!
طبعا فوجئت بالحديث عبر الهاتف وشعرت بالدنيا تدور حولي... وقلت... أنا لم ألتقي بأبو عمار ولم نتفق غلى شيء
وانا مش عارف عن ماذا تتحدث...
اعتقدت انه فهم علي واذا به يقول... يا أبو العبد مالك يا رجل احنا أولاد اليوم انت بعدك حامل علي عفى الله عما مضى انت أخ وحبيب (خلاف حدث حول تعيين البلديات وموقف في بيت لحم) وتابع ..نحن اليوم نحتاج لبعض من أجل العمل ومواجهة العدو ،
والرئيس تعهد بكل الدعم المطلوب وانت قائد وسيادته يثق بك

قلت.. أخي أبو القسام انا ناسي كل شيء وما تقوله ليس لي علاقة به.. واضح انك غلطان.. انا ما ليش في كل الموضوع اللي بتحكي فيها إطلاقا .. وهاي أخوك جمال خذ أحكي معه

الأخ جمال حاول ان يخفف الأمر.. بأني لا أقصد وو الخ
بعد أن أنهى المكالمة قلت ... يا أخي أنا أرفض هذا التصرف
التلفونات مكشوفه خاصة مروان .. كيف يحكي هيك عالمكشوف..!؟
جمال... يا أبو العبد أبو القسام قائد وثقة وهو معنا خطوة بخطوة ... واحنا بحاجة للدعم حتى نخلص من الدعم الخارجي
قلت .. انت بتحب تنسق معه انت حر أما أنا.. فلا
بالفعل لم اتواصل معه إطلاقا...لا من قريب ولا من بعيد...

وكانت هذه بداية علاقة الأخ مروان بالكتائب حسب معرفتي
يعني بعد أن تشكلت وسُميت وليس قبل ذلك

قبل حصار أبو عمار...... يتبع (4) الحلقةالرابعة