الإثنين: 06/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

خيارات الحاله الفلسطينية..بعد قرار ترامب

نشر بتاريخ: 21/12/2017 ( آخر تحديث: 21/12/2017 الساعة: 11:06 )

الكاتب: محمد حجازي

سألنا أستاذنا الكبير غازي الصوراني أبو جمال " مفكر فلسطيني " , سؤالا مهما برفقة أحد الأصدقاء , ماهي خيارات السلطة الفلسطينية في الوقت الحاضر بعد قرار الرئيس ترامب , بإعتبار القدس عاصمة " لدولة " إسرائيل , ونقل السفارة الأمريكية إليها , سؤال يبدو سهل لبعض السياسيين الذين يسقطون رغباتهم في السياسية , ولكن في جوهر الأمر سؤال صعب وحساس , لأن الإجابة عليه تتطلب جرأة غير عادية . حسابات السياسة و المصالح في الإقليم باتت تتحكم بالحالة الفلسطينية , فالإدارة الأمريكية لديها من القوة و التأثير على بعض العرب و غير العرب , بأن تجعلهم يبدأون بالضغط على الرئيس أبو مازن للقبول بصيغة ما تعيده إلى مسار التسوية السياسية و الرعاية الأمريكية , وقد تكون هناك إقتراحات على سبيل المثال , بان القرار الأمريكي يخص القدس الغربية و لا يمس القدس الشرقية ذات الحساسية السياسية و الدينية لدى المسيحيين و المسلمين الفلسطينيين و العرب على حد سواء , و بأن وضع القدس الشرقية ستحدده المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية اللاحقة و برعاية أمريكية , هذا بالطبع إحدى السيناريوهات المحتملة , ذلك لأن هناك وجهة نظر لدى بعض السياسيين , أن الرئيس أبو مازن الذي راهن على التسوية و على الرعاية الأمريكية طيلة حياته , لا يستطيع الإستمرار بذلك القرار الذي إتخذه بعدم العودة للرعاية الأمريكية , و رفضه لقاء الموفدين الامريكيين إلى الأبد , ولكن هذا الخيار لا يمكن أن يعطي الفلسطينيين ضمن موازين القوى الحالية أي شئ يخص القدس الشرقية , حيث تم رفض ذلك في مؤتمر كامب ديفيد الثاني في 11 تموز عام 2000 , فكيف الآن مع تحول إسرائيل إلى دولة إمبريالية صغرى في المنطقة , يقودها إتلاف حكومي هو الأشد تطرفا في تاريخها , إلى جانب ضعف العرب وهزالتهم في دعمهم للفلسطينيين , معادلة تبدو مستحيلة أمام الفلسطينيين , تؤشر بأن القضية الفلسطينية , بدأت بالتموضع في مرحلة جديدة , " ما بعد الرهان على التسوية و على الراعي الأمريكي " , هذه المرحلة وحتى تبقى القضية الفلسطينية حاضرة , وجب على الفلسطينيين تحقيق وحدتهم السياسية كجماعة سياسية واحدة لها برنامجها السياسي الواضح , و مؤسسات تستوعب الجميع , وقبل ذلك , الإقرار و الإعتراف بأن الرهان على التسوية فشل بطريقة مروعة و أن حل الدولتين إبتعد كثيرا , و من جهة أخري فشل أيضا برنامج حركة حماس " المقاومة " ووصل إلى طريق مسدود , و أصبحت غزة محكومة بمعادلة الهدوء مقابل عدم التدمير , " لاحظوا كيف تغيرت المعادلة " , من التهدئة مقابل فك الحصار , و التهدئة مقابل الغذاء , إلى التهدئة مقابل عدم تدمير قطاع غزة , و هذه المعادلة يعززها الوضع العربي الغارق بالفشل , بعد ضرب دول المركز و إشغالها بمشاكلها الداخلية , " سوريا و العراق و مصر " لصالح دول الأطراف السعودية و غيرها .
في هذا الجانب وجب على الفلسطينيين إعادة تعريف وظيفة السلطة الفلسطينية , حتى تكون جزءا من معركة الحرية و الإستقلال , و هي بخطر فيما لو شعرت إسرائيل , بأنها باتت عبء على مشروعها بتحويل الضفة إلى كانتونات معزولة , وفي هذا الإطار منحت الجمعية العامة للامم المتحدة فلسطين , صفة دولة مراقب غير عضو في 29 نوفمبر2012 , و بهذا القرار الهام أصبحنا دولة تحت الإحتلال , و بعد فشل مسار التسوية و الرعاية الأمريكية وجب علينا أن نتصرف , كدولة تحت الإحتلال , و أن نذهب إلى محكمة العدل الدولية , التابعة للأمم المتحدة و " لقراراتها صفة الإلزام , تلجأ إليها الدول في حل النزاعات الدولية " , وعضوية المحكمة من 15 عضو يجري إنتخابهم من الجمعية العامة و من مجلس الأمن لمدة تسع سنوات , أعتقد بأن ذهابنا لهذه المحكمة أجدى من محكمة الجنايات الدولية , التي تتحكم بها الدول العظمى و خاصة الولايات المتحدة الأمريكية , و الذهاب إلى محكمة العدل , جزء من نضالاتنا على الصعيد الدولي , بمعنى أن نبدأ بفتح الصراع مع العدو الإسرائيلي و أن تكون معركتنا سياسية قانونية , تستند إلى نضالات جماهيرنا على الأرض و بشتى أشكال المواجهة و خاصة , العمل على تحضير شعبنا للذهاب إلى إنتفاضة شعبية شاملة , يكون عنوانها الحرية و الإستقلال , و أن تكون القضية الفلسطينية , محور إهتمام العالم و أن نعيدها لتكون قضية العرب المركزية .
لا يمكن تخيل القضية الفلسطينية , بعد قرار الرئيس ترامب , و هي تراوح مكانها , عاجزة تماما , فبقاء الحال على ما هو علية يعد إنتحارا , لا بد من إنجاز إنهاء الإنقسام و قبل ذلك التوافق على برنامج سياسي , ينقلنا إلى مرحلة نضالية جديدة , نحن على أعتابها وفي خضمها , مرحلة ما بعد فشل الرهان على التسوية و الرعاية الامريكية .