الخميس: 02/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

براءة الحرية وعهد فلسطين

نشر بتاريخ: 22/12/2017 ( آخر تحديث: 22/12/2017 الساعة: 09:27 )

الكاتب: د.هيثم إبراهيم عريقات

قبل بِداية كتابتي لِهذه المقالة، حاولت أنْ ألَملِمَ مُفرداتٍ تُناسبُ حَجم بُطولة الطّفلة عهد التّميمي، عَهد التّميمي تِلك الطّفلة الفِلسطينيّة الحرّة من نَسائِم هَواء فلسطين الحُر الجميل، التي أبَتْ أن تَخضَعَ أو تَركع لآلة القَمع الإحتلاليّة وأدواتِها، هي زَيتونةٌ فلسطينيّة وُلدت مِن رَحِم المُعاناة، وناضَلت لتحقيق المُمكن من عُمق المُستحيل، وحافَظت على الهويّة الفلسطينيّة لتراب أرضِها، فغدت في مقدّمة مَن يقفون في وَجه الاحتلال وآلاته، ووضعت في صحائِف التاريخ لأطفال فلسطين بصمةً وكيانًا، وهي الأنموذج المِثاليّ الذي يحتذى به في الدّفاع عن الأرض والحق، طفلة فلسطينيّة حملت جَرس الحريّة إلى العالم؛ لتقرعه عن أطفال فلسطين، وتأكد على حُقوقهم التي نصّت عليها الأعراف، والمواثيق الدوليّة، وتضع ما يتعرّضون له من تصرفات الإحتلال المختلفة أمام أنصار العالم الحر الذي يرفع شعار حماية الأطفال.
عهد هي وَعد الحريّة لفلسطين، وكرامة أهلها، أغلبنا شاهدَ عهد كيف تقف بجبروتٍ وعزيمة في وجه المحتل، إيمانُها بعدالة قضيّتها، وبحقها في أرضها، وحقها في سمائِها، ومياه بلادها منحها القوّة والصّلابة أمامَ المحتل، فالأطفال في عمرها همّهم مقارعة أقرانِهم باللعب، ومواكبتهم بالحياة التي تنعم بالرّفاهيّة والفرح، لكن كُتب على عهد، وعلى أطفال فِلسطين أن لا يلتفتوا لمقارعة أطفال العالم باللّعب، وجعل كلًا منهم شَجرةً في أرضه، تقف كجبلٍ في وجه المحتل، وجعل كلًا منهم سفيرًا للدّفاع عن قضيّته، وحملها ونقلها لمختلف دولِ وشعوبِ العالم.
وقفت عهد ببراءة الطفولة، وبِقبضتِها والتي تشبه الوردة بنقائِها، وجمالِها، وهي تبلغ من العمر اثني عشرة عامًا تدافع عن كرامة كلّ امرأة حرّة في العالم، عندما حاول جنود الاحتلال اعتقالَ والدتها وكانت سدًا للحفاظ والدّفاع عن حقّ الطّفولة، وانتزعت شقيقها من تَحت يديّ جنود الاحتلال وغطرستهم، وكانت خير مدافع عن بيتها وأهلها عندما طردت جنود الاحتلال من أرضها، وهي التي وجهت رسالة أطفال فلسطين لجنود الاحتلال بعبارة: " أنا مش خايفة من سلاحك... وأرجع على بلادك " لإيمانها بعدالة قضيّتها، إنّها أجبَرت قادة الاحتلال على الحَديث عنها، لِما تحمله من جرأةٍ وقوّة إيمانٍ بقضيّتها، وجعلت من قادة الاحتلال يديرون حربًا إعلامية عليها أمام العالم وهي طفلة، عهد وأخوتُها من أطفال فلسطين وقفوا أمام المُحتلّ كحمامة سَلام يحملون القلوب النّقية الصافيّة الطيبّة التي لا تعرف غير الحقّ والنّقاء، وجوه طفولية تضيء دروبًا تحافظ على تاريخ تناقلته الأجيال، وحملته لما بعدها.
في النهاية أعتقد أنّه على العالم الحرّ، مَن يرفع شعار حماية الأطفال، أنْ ينظرَ إلى أطفالِ فلسطين، أطفالٌ يفرشون الأرض بالزهور، ويحملونَ القلوب الطيّبة النقيّة التي لا تعرف الحقد والكره، يحملون في تفاصيل وجوههم تاريخًا لوطن يحلمُ بالعيش مع مَن حوله كباقي العالم، ويسعون أن يمنحهم العالم ما منحه لأطفال باقي الشّعوب من حياة آمِنة، ومستقبلٍ مُشرق، يكفل لهم حقوقهم الإنسانيّة التي أقرتها المواثيق الدّوليّة، فهَل يسمح ضمير العالم لأطفال فلسطين بذلك... ؟

[email protected]