السبت: 04/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

ماذا كنتم تتوقعون من الرئيس أبو مازن؟

نشر بتاريخ: 27/12/2017 ( آخر تحديث: 27/12/2017 الساعة: 11:45 )

الكاتب: المحامي سمير دويكات

سيبكي الإسرائيليون دما كثيرا في يوم الأيام لإضاعة الفرص التي مد يده من خلالها الرئيس أبو مازن، لقد فعل لهم الكثير وقدم لهم طوال سنوات كل ما يريدون، حتى أدرك الكثير لديهم أن الرجل قدم لهم ولم يتبق "إلا أن يرضعهم الحليب بيده"، وقد مرت هذه الفترة في عهد الرئيس اوباما الذي كذلك قد سخر لهم كل الحلول الممكنة لصناعة السلام في الشرق الأوسط، وهو ما صرح عنه الوزير كيري ان الإسرائيليين افشلوا كل جهود السلام، والأمريكان ولا ننسى موقف اوباما كذلك الذي وقف في وجه القانون الدولي واستخدم حق النقض الفيتو ضد قرار مجلس الأمن لوقف الاستيطان وتجريمه والذي كان وما يزال عقبة في سبيل السلام.
لقد وقف أبو مازن الرئيس في وجه الجميع، وانتقده القريب والبعيد، ونال من مواقفه الجميع حتى صمد في وجه الجميع ليري العالم أن الإسرائيليين هم العقبة الحقيقية في وجه السلام، إسرائيل استغلت مواقف أبو مازن أكثر من مرة، بهدف تمرير أجنداتها الخبيثة واستمرت في قتل الناس وشنت أكثر من ثلاثة حروب ضد غزة، وقتلت الناس في الشوارع واستمرت الاعتقالات في كل يوم حتى لم يسلم بيت فلسطيني من أي اعتداء أو خراب أو اعتقال.
لقد قام الرئيس الفلسطيني محمود عباس بكل واجباته الحقيقية تجاه السلام دون أن يتراجع أو يستسلم وكان منطقه وباله طويل في تحمل اليهود وفي هذا لم نبالغ بأنه لم يسبق أن تحمل احد اليهود على شرورهم أكثر منه منذ عهود غابرة وطويلة، وان أوروبا وأمريكا لم تتحملهم ولم تصمد أمام ما صنعوه في مرات كثيرة.
وفي عهد ترامب الرئيس الأمريكي الجديد وعلى الرغم من فظاظته التي غيب فيها الأعمال الدبلوماسية في بادئ الأمر، إلا انه ذهب إليه وقدم له كل ما يريد وشعبنا بقي منتظرا ومدركا أن لن يعطونا شيء، وقد كان على حساب مواقفنا السياسية ووحدتنا وجبهتنا الداخلية التي نهشها بعض الفاسدين وبعض المتآمرين والذين لن يتوقفوا وستبان شرورهم أكثر وضوحا في الأيام القادمة لتغليبهم المصلحة الشخصية على العامة.
لقد صمد أبو مازن في وجههم وضد أية محاولات لتبرئة المواقف الصهيونية واستمر محاولا ومجاهدا نحو برنامجه السياسي الذي تبناه أبان الانتخابات الرئاسية 2005، وحتى كشر الرئيس الأمريكي عن أنيابه، واصدر قراراه المشئوم وقضى على كل الآمال وقدم لليهود ما لم يكونوا يحلمون به في يوم من الأيام وهو نتاج تلاقي العقيدة الصهيونية مع الفاشية الدينية التي يعتقدها ترامب نفسه وهي التي وضعته في مهالك لن يكون قادرا على الخروج منها لوقت طويل، وهذا على الرغم من التحذيرات الكبيرة التي سمعها من كل الأطراف.
وطبعا، أمام هذا القرار المشئوم لا يمكن لأبي مازن أن يقبل العودة لمفاوضات حكم عليها بالفشل، وبنفس الطريق التي سيقت فيها الأمور، وما نستنتجه أن أي مفاوضات في هذا الاتجاه ستكون بدون جدوى لان الطرفين قد توحدا وحسما أمرهما مسبقا وهم الأمريكان والإسرائيليين.
أما ما يدور في رؤوس الأمريكان والإسرائيليين حول بديل فلسطيني فانه سيكون مصيره كما مصائر الآخرين ويشار له بالبنان بأقبح الصفات ولن يجرؤ فلسطيني على أن يكون بديل فلسطيني لإرضاء الأمريكان والصهاينة، وان كان سيكون فقط عبر صندوق الاقتراع الوحيد والأوحد وفق رؤية فلسطينية واحدة، قادرة على مواجهة كل التحديات.
أخيرا شكرا أبو مازن لقد فشلوا هم وأنت لم تفشل، وهي كانت محاولة لبدعة السلام التي أخرجوها في رؤوسنا، ربما لم نستفد منها ولكننا لم نخسر الكثير بل هم الخاسرون، وفي النهاية ستكون هذه التجربة، للتاريخ وللعقل العربي والفلسطيني والعالمي أن يد السلام مدت للصهاينة وهم من قطعها وسيتحملون كل النتائج التي ستلحق بهم ولن يرحمهم التاريخ والزمان، فأما نحن الفلسطينيون فنحن كشعب اليوم أقوى من قبل عشرات المرات وشرفاء العالم معنا وباقون هنا كما الزيتون لن يرهبنا تهديدهم أو مقاطعتهم مهما تكن، لكنهم مرة أخرى سيندمون اشد الندم على ضياع فرص السلام.