الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

السناريوهات الجنونية لمآلات انتفاضة العودة

نشر بتاريخ: 12/04/2018 ( آخر تحديث: 12/04/2018 الساعة: 19:06 )

الكاتب: عماد عفانه

كان يمكن أن تتوجه المقاومة في غزة جنوبا نحو الشقيقة مصر راعية القومية العربية وارض الكنانة وموئل خير أجناد الأرض.
تماما كما توجهت قبل ذلك سياسيا من البوابة الدبلوماسية حيث نجحت في فتح بوابات الحوار مع النظام المصري لجهة دفع كامل فاتورة الاستحقاقات المطلوبة منها مصريا لتصحيح خط سير العلاقة.
لكن حدث الانفجار وكما كان متوقعا من بوابة العمل الشعبي التي ما فتئت حماس وغيرها من قوى وفصائل وشخصيات دولية وازنة وحتى قيادات في كيان العدو على رأسهم زعماء المعارضة الصهيونية يحذرون منه صباح مساء في ظل وضع لم يعد الوضع فيه يطاق...!!
واختارت المقاومة في غزة هذه المرة التوجه شمالا وشرقا لاجتياح شعبي للحدود المسكونة بالرصاص والموت الصهيوني ليواجه العدو الصهيوني خيارين أحلاهما مر:
- فإما أن يواجه العدو الصهيوني هذا السيل البشري المدني والسلمي من شعب مجوع محاصر ومخنوق بالقوة المسلحة كما يفعل الآن، وبالتالي يخسر ما بقي له من مكانة في نفوس وقلوب وعقول الشعوب الغربية كشعب يهودي مظلوم وتعرض فيما سبق للمحرقة النازية، وان تنصب عليه ضغوط دولية هائلة لجهة كسر الحصار الظالم المفروض على غزة منذ أكثر من 11 سنة عجفاء.
- وإما أن يعمل العدو على احتواء هذا الاجتياح الشعبي والسلمي المتوقع للحدود في ذكرى النكبة في 15-5 للحدود أمام عدسات العالم وان يسمح لهم بالدخول والتوغل داخل الحدود ولكن إلى خطوط ومسافات معينة، وأن يراهن العدو الصهيوني على حلول الليل ونزول الظلام في اعادة هذا السيل البشري الى مساكنه في غزة.
لكن العدو مع كلا الخيارين السابقين لا يأمن جانب المقاومة من اتجاهين:
ففي الخيار الأول قد تتدخل المقاومة لحماية ظهر ابناء شعبها السلميين دفاعا عن ارواحهم التي قد ينالها الرصاص الصهيوني، وبالتالي ربما يتطور الوضع شيئا فشيئا نحو حرب مفتوحة، الأمر الذي لا يريده الكيان الصهيوني في ظل احتمال تفجر جبهات أخرى أكبر قوة وأكثر خطورة، وبالتالي يوارب العدو الصهيوني باب الحصار لجهة تخفيفه وصولا الى كسره تماما لمنع وقوع حرب جديدة على جبهة غزة في ظل مخاوفه من تفجر جبهة لبنان والجولان وسوريا بشكل متزامن تتقاطع فيها النيران فوق الكيان الصهيوني كما طالب محمد الضيف في رسالة سابقة له الى حسن نصر الله.
أما في الخيار الثاني فنحن أمام احتمالين:
- الاحتمال الأول يمكن أن تستخدم فيه المقاومة السيل البشري المدني كغطاء وان تتدخل لتثبيت هذا السيل البشري في الأماكن التي نجح في الوصول إليها داخل الحدود، وان تعتبر المقاومة ذلك أولى خطوات ومراحل التحرير، الأمر الذي ربما يدفع العدو لمواجهة هذا السيل البشري بحجة مواجهة المقاومة وبالتالي تتطور الأمور إلى حرب مفتوحة، ويكون العدو امام خيارين: اما ان يرفع الحصار واما الحرب داخل غرفه نومه.
-والاحتمال الثاني هو ان يختار العدو احتواء هذ الحراك الشعبي إلى أبعد الحدود، وألا يختار ابعاد السيل البشري بالقوة وان يسمح له بالمبيت في الأماكن التي وصلوا إليها وأن يراهن على حاجة الناس للماء والغذاء والحاجات البشرية الأخرى الأمر قد يدفعهم للعودة إلى بيوتهم.
وفي هذا الحالة المقاومة أمام خيارات:
- إما ان تكتفي المقاومة باجتياح السيل البشري للحدود كرسالة بالغة القوة للعالم وللعدو الصهيوني من شعب غزة المحاصرة ومدى حاجته للحرية وفتح المعابر والمطار والميناء وفرص العمل والغذاء، لجهة تأمين ضغط دولي كفيل برفع الحصار بشكل نهائي.
-وإما أن تعمل المقاومة بفصائلها المختلفة على تأمين كامل الدعم اللوجستي للسيل البشري داخل الحدود لتأمين بقائه أطول فترة ممكنة كأولى خطوات ومراحل التحرير، الأمر الذي قد يدفع المقاومة لمزيد من التقدم وقضم الأرض نحو التحرير شبرا شبرا على قاعدة خذ وطالب، وبهذا ترسي قواعد اشتباك جديدة مع العدو لأنه لا يأمن مالاتها.
-وإما ان تعمل المقاومة على تأمين كامل الدعم اللوجستي للسيل البشري داخل الحدود لتأمين بقائه أطول فترة حيث من المتوقع ان تجري ضغوط دولية على العدو لجهة الرضوخ لمطالب الشعب المحاصر وتلبية مطالبه العادلة بفتح المعابر واقامة الميناء والمطار وحرية الحركة.. الخ مقابل عودة السيل البشري الى قواعده في غزة.
لكن قد يطرح تساؤل: هل هناك خيارات غير مسيرات العودة واجتياح الحدود...؟
طبعا هناك خيارات أخرى لكنها باهظة التكاليف البشرية.
فكان يمكن أن تلجأ المقاومة إلى تسخين الجبهة مع العدو في حرب استنزاف باردة لا تصل حد اشعال حرب مفتوحة، بهدف اشغال العدو باستمرار وإشعاره باشتعال الجبهة مع غزة واحتمال تفجرها في أي وقت ما لم ترفع الحصار، وأن تمارس اعمالا عسكرية مثل:
- استهداف العدو وقواته على الحدود الشرقية والشمالية، عبر عمليات قنص وتفجير آليات.
- استهداف بوارج العدو البحرية بداعي الدفاع عن حق الصيادين في ممارسة اعمالهم، واختبار قواتها البحرية النامية وتكسبهم مزيد من الخبرات العملية .
- تنفيذ عملية اختطاف من قلب قاعدة عسكرية صهيونية عبر نفق ارضي بهدف مقايضة المخطوفين برفع الحصار.
- اعادة استخدام الطائرات غير المأهولة للتحليق فوق قواعد العدو لرصده واشعاره بانعدام الامان في كل وقت وحين.
لكن يبدوا أن المقاومة اختارت الخيار الشعبي وفي الوقت الذي بدأت فيه بإنشاء كتائب مسلحة على الجانب الآخر من الحدود الشمالية، ليشكل جبهة مقاومة مفتوحة لا تخضع لاعتبارات الانظمة وحساباتها المختلفة في اعادة لتجربة فصائل المنظمة ابان عصر الكفاح المسلح في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
ومع ما لكل هذه السيناريوهات والخيارات والاحتمالات من تداعيات ومألات جنونية، لكن أكثرها خطورة على الكيان الصهيوني سيكون انتقال عدوى مسيرات العودة إلى الضفة الغربية المحتلة، وقيام مآت آلاف الفلسطينيين بالسير سلميا باتجاه المغتصبات التي تخنق وتحيط مدنهم وقراهم، ما سيدفع بالصهاينة إلى بدء الهروب من الكيان إما جوا أو بحر تماما كما أتو إليها مهاجرين من أصقاع العالم.
يكفي ان يبدأ مئات الصهاينة بالهروب الجماعي ليبدأ تسونامي الهروب الجماعي يجتاح الكيان الصهيوني.
لكن الاكثر جنونا ان يترك الشعب الفلسطيني في غزة محاصرا مخنوقا مجوعاً ليموت موتا بطيئا، وان يتم خنقه بأيدي الاقارب والاباعد دون ان تحرك الضحية أذرعها حتى للدفاع عن نفسها.