الخميس: 02/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

مسيحيو الوطن العربي لن يرحلوا من اوطانكم اقصد اوطانهم

نشر بتاريخ: 13/04/2018 ( آخر تحديث: 13/04/2018 الساعة: 09:36 )

الكاتب: ابراهيم فوزي عودة

لن نرحل من اوطانكم اقصد اوطاننا. لن نرحل نحن المسيحيين العرب من اوطاننا.فنحن اصل تلك البلاد وعمق تاريخها وجذور حضارتها. لماذا تبخلون علينا الاعتراف ؟
لماذا تنكرون فضلنا .لماذا تطلبون منا الرحيل ونحن في اوطاننا.
كفى تعاملا مع المسيحيين الاصليين العرب في الوطن العربي وكأنهم اقلية يهمش دورهم الكبير في التاريخ العربي الاسلامي .وفي دورهم كرواد تأسيس حركة القومين العرب ومواقفهم التي تفوق الكثير ممن يدعون العروبة . انه لظلم كبير بعدم ابراز وتقدير دور العرب المسيحيين في البلاد العربية .
ان المسيحيين في البلاد العربية وجودهم بقدم عروبتهم . فهم اصلا عرب ديانتهم المسيحية . ان تاريخ المسيحيين العرب لا ينفصل عن تاريخ الامة .واي تجاهل لهم هو ظلم وجهل وتجاهل لامة المسيحيين العرب .
فلو رجعنا الى القرون الميلادية الاولى فسوف نرى بان المسيحية وصلت الانباط وهنالك كتاب يؤكدون ومنهم سميح غنادري في كتابه المهد العربي بان المجوس الذين اتوا من الشرق وقدموا هدايا للطفل المسيح كانوا من العرب الانباط . وايضا مملكة تدمر التي امتدت الى جنوب فلسطين والاردن اعتنق بعض عربها المسيحية . واشهر ملوكها اذينا والتي حكمت زوجته من بعده زنوبيا وسماها العرب الزباء . وفي عهدها ضمت مملكة تدمر مناطق قديمة واخرى احتلتها كانت المسيحية منتشرة فيها . ولا ننسى مملكة الغساسنة التي يعود اصلا الى اليمن ، اعتنقت الدولة المسيحية خلال القرن الرابع . وكانت دولة حضارية وغنية وقوية . ودخل الغساسنة برمتهم في المسيحية . واصبحوا قوة جذب وتنصر على ايديهم عدة بطون وقبائل .وفي تاريخ الغساسنة ملكات مسيحيات متل ماريا وسلمى .
كذلك تواجدت قبائل عربية في العراق ما قبل الميلاد متل الانبار والحيرة التي اصبحت مراكز عربية وفيما بعد مسيحية عربية . واننا نلاحظ وصول المسيحية الى القبائل الحضرية في العراق والجزيرة العربية واليمن ونجران والى البلاد السورية، لكن لم تصل البدو المتنقلين. وفي العراق انتشرت المسيحية منذ القرن الاول . ولقد انتظمت المسيحية العربية والسريانية في العراق اولا في المدن ثم وصلت الى الريف حتى انه اصبح لها اسقفيات في القرن الرابع حتى السادس .
وايضا مملكة المناذرة التي كانت وثنية اصبحت مملكة مسيحية حيث كانت في الحيرة جنوب العراق. وحتى في شبه الجزيرة العربية وصلت المسيحية في القرن الميلادي الاول ولكن انتشرت بشكل واضح في القرن الثالث وعلى مدى قرون الرابع والخامس والسادس .
ومملكة سبأ وحمير في اليمن كانت مسيحية .
اذن عندما جاء العرب المسلمون كان عدد ليس بالقليل من العرب في العراق وبلاد الشام وفي فلسطين وشرق الاردن مسيحيين. واستمر الوضع على حاله بين القبائل العربية الكبيرة والتي بقيت مسيحية مثل غسان وتغلب وعرب نجران .
وعندما سيطر العرب المسلمون على البلاد عاش المسيحيون وسط المسلمين وكانت بينهم علاقات اجتماعية قوية فمثلا في عهد الخلافة الاموية كان للمسيحيين مراكز اقتصادية واجتماعية وادارية في اعلى مراتب السلم الاجتماعي . وكان الخليفة معاوية تروق له زيارة الاديرة .حتى ان الشاعر الاخطل كان يتفاخر بمسيحيته في شعره .
هنالك حديث طويل لكل العصور الاسلامية كيف كان للمسيحيين دور بارز ومهم.
ومن يظن ان للمسيحيين العرب دور هامشي في تاريخ المنطقة.فهم مخطئون . لقد لعب المسيحيون العرب دورا فكريا رياديا في صنع مشروعنا الحضاري الحديث .ولعبوا دورا متميزا في مشاريع التحرر والاستقلال في المنطقة العربية . فالمرحوم (خالي) الخوري ابراهيم عياد عضو المجلس الوطني الفلسطيني الذي واكب القضية الفلسطينية منذ عام 1936 كان دائما يقول : الدين يأمرنا بالدفاع عن المظلوم وشعبنا وقع عليه ظلم لم يشهد له التاريخ مثيلا والكتاب المقدس يقول :جهاد عن الحق الى الموت والرب الهك يقاتل عنك .
وماذا عن المطران كابوتشي المنفي عن بلاده حيث مات في منفاه من اجل بلاده ؟
وماذا عن القوميين العرب الذين اغلبيتهم من المسيحيين .فحينما وضع الاتراك قوميتهم فوق دينهم كان المسيحيون العرب هم الذين رفعوا راية العروبة وذكروا المسلمين بمكانتهم وتاريخهم واتذكر قول ناصيف اليازجي العربي المسيحي القومي عندما قال :
تنبهوا واستفيقوا ايها العرب . فقد طمي الخطب حتى غاصت الركب .
وفي مواجهة هجمة التتريك العثمانية حفظ المسيحيون كتب التراث العربي وبنوا المدارس والمعاهد لتدريس اللغة العربية في الوقت التي تركت فيه الدولة العثمانية الوطن العربي ضعيفا يسهل السيطرة عليه ولم تستطع ان تعطي الشعوب المنضمة اليها الشعور بالانتماء .
لقد وقف المسيحيون العرب صفا واحدا مع المسلمين في مجابهة كل انواع الاستعمار والاستيطان . وهنالك اسماء عديدة من المسيحيين العرب في كل المجالات الثقافية والادبية والتربوية . اتذكر جبران خليل جبران ، بشارة الخوري الملقب بالاخطل الصغير ، ايليا ابو ماضي ، مي زيادة ، جورج علاف ، لويس شيخو ، ادوارد سعيد ، ولا ننسى خليل السكاكيني والصحافي عيسى العيسى وغيرهم كثيرون . وهنالك المزيد في كل المجالات سياسيا وادبيا وفنيا .
لقد ساهم المسيحيون العرب في الثقافة العربية . وكان لهم دور متميز في محاربة الاستعمار قديما وحديثا . وساهموا في تاسيس حركة القوميين العرب ومنهم جورج حبش وقسطنطين زريق .
وعندما نتحدث عن الاثار في اي بلد عربي تجد الاثار المسيحية والتي هي اقدم من غيرها . ولن تصدقوا ان هنالك اثارا مسيحية حتى في السعودية .وايضا في الكويت الذين كان سكانها الاصليون من اصول مسيحية .ولديهم كتب تتحدث عن هذه الاثار . ولا ننسى اليمن والعراق وبلاد الشام وكل البلاد العربية .
لا تهمشوا دور المسيحي العربي في البلاد . فالمسيحيون العرب عمق التاريخ وليسوا بأقلية، كما نسمع من الحين والاخر من تصريحات مثلا من الاخوان المسلمين في مصر عن الاقباط وللاسف عندنا في فلسطين ولا استثني بلدا عربيا يتم التعامل فيه مع المسيحيين العرب كأقلية.
اننا لسنا اقلية وان كان عددنا قليلا .وهذا خطأ وظلم بحق المسيحيين العرب في البلاد .