الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

قضية الشهيد نديم نوارة في المحاكم الإسرائيلية على خط النهاية

نشر بتاريخ: 29/07/2018 ( آخر تحديث: 29/07/2018 الساعة: 19:29 )

الكاتب: صيام نوارة / والد الضحية نديم نوارة
المدير التنفيذي لجمعية مساءلة العنف ضد الأطفال

منذ أربع سنوات، أخوض معركة حامية الوطيس مع المحاكم الإسرائيلية، لتحقيق العدالة في مقتل ابني نديم 17 عاماً، علماً بأن الأدلة المتوفرة في هذه القضية، لو توفر جزء منها في قضية ضد فلسطيني قتل إسرائيلياً لانتهت خلال أقل من أربعة أسابيع، وليس أربع سنوات، كما حدث معنا، ولم تتحقق العدالة بعد.
ولم لا يعلم، فالمقصود بالمحاكم الاسرائيلية هو أن محامي القاتل، والقاضي إسرائيليان، إضاقة إلى أن النائب العام الإسرائيلي هو من يمثل "عائلة نديم" أمام المحكمة، إذ أنه في القضايا الجنائية لا يوجد محامي يمثلنا أمام المحكمة إلا النائب العام.
وللأسف، فالقاتل أو المقتول في اسرائيل يعتبر بطلاً قومياً، ويجد الشعب والحكومة وحتى المؤسسات الصهيونية تقف إلى جانبه، وإذا قارنّا من يقف مع القاتل والمقتول في فلسطين، لا تجد إلا القليل، وكثير من الشعارات، صحيح أننا نجد البعض يقدم الدعم لعائلة المقتول في فلسطين، ولكن إذا قارنّا ذلك مع الدعم المقدم للقاتل الإسرائيلي، فإنه لا يُذكر أبداً.
ومع الأسف، فإن القاتل والمقتول في فلسطين يوصفون بأنهم إرهابيين، رغم أن غالبية الضحايا هم أطفال وقاصرين، وهذا ما اكتشفتة من خلال قضيتي ومعاناتي وعائلتي، على مدار أربعة أعوام، علماً بأننا أصحاب الحق وأصحاب الأرض، ولسنا من أصول روسية، أو بولندية، أو غيرها، كما الأصول التي جاءت واحتلت أرضنا وقتلت أطفالنا، وما زالت.
ويكاد يكون تحقيق العدالة في المحاكم الإسرائلية معدوماً، لأن إسرائيل تعمل على تغير القوانين كما يحلو لها، وعند الحاجة، تحت عنوان "قانون الطوارىء".
وبالرغم من قوة الأدلة التي قدمتها للجانب الإسرائيلي، إلا أنها لم تحقق العدالة، فعلى سبيل المثال تم إخراج جثمان نديم من القبر، وهذا لم يكن سهلاً أبداً على عائلتي، وتبين من التشريح أن الرصاصة التي وجدناها في حقيبتة، تعود للشرطي الذي قتل نديم، كما تطابقت الشظايا التي وجدت في جسده مع الرصاصة.
وفي هذة القضية يوجد أدلة مكتملة، لا يختلف عليها اثنان، من خلال: شهود عيان، شهود مسعفين، شهود مصورين صحافيين، ومن بينهم مصور الـ"CNN" الذي شاهد ابني لحظة مقتله، ثم إن الرصاصة التي قتلت ابني، ومن خلال التشريح ثبت أنها لذات الجندي، هذا إضافة إلى أن عدة كاميرات صوّرت القاتل وهو يطلق النار باتجاه القاصرين لحظة إصابة نديم، علماً بأنه قتل في اليوم والمكان ذاته، طفل آخر مع ابني نديم، ولكن إسرائيل لم تعترف بذلك، بسبب عدم متابع القضية من قبل عائلة الضحية الثاني.
والمعلوم أن متابعة القضايا الجنائية هي من اختصاص الحكومة وليس من الأهالي، وإسرائيل دائماً تستغل هذا الأمر لصالحها، وبعد معاناة كبيرة ومتابعات وعدة جلسات، لم تجد المحكمة، ومحامي القاتل أي ثغرة لإفشال القضية، بسبب قوة الأدلة ووضوحها، فتم عمل صفقة بين المدعي العام الإسرائيلي، الذي يمثل نديم، والمحامي الذي يمثل القاتل، ونحن كعائلة لم نكن طرفاً في هذه الصفقة، ورفضنا التوقيع عليها، وفي هذه الصفقة تم تغير لائحة الإتهام من القتل الغير عمد إلى القتل بالإهمال، لأن القتل بغير العمد حكمه من (13 – 20) عاماً، بينما القتل بالإهمال، عبارة عن خدمة مجتمعية سقفها الأعلى 5 سنوات، وللأسف ففي الجلسة الأخيرة، وبعد مماطلة دامت أكثر من أربع سنوات، تم الحكم على القاتل بالسجن 9 أشهر فقط ، وتم الإستئناف من قبل محامي القاتل "تسيون أمير" وأخذت والدة الشرطي بالبكاء في قاعة المحكمة، لأنها شعرت بأن المحكمة لم تنصف ابنها بهذا الحكم، في حين والدة نديم وعائلتي، شعرت بأن العالم أجمع يقف إلى جانب إسرائيل، ونحن "لنا الله"، حيث أدركنا في تلك اللحظات، كم نحن ضعاف، والمقصود هنا "الفلسطينيون والأمة العربية".
في نهاية الجلسة انتظرنا على أن يكون هناك استئناف من النائب العام الإسرائيلي التي تمثل نديم، ولكن كانت تبدو عليها علامات الرضا، ولم تحرك ساكناً، لكن بعد أيام تقدمت بالإستئناف على الحكم، بناء على طلبنا.
وبعد الجلسة بعدة أيام، علمنا أن المدعي العام الإسرائيلي قدم هو أيضاً الإستئناف، وعليه بتنا ننتظر الجلسة القادمة يوم الأربعاء، الموافق: 1/8/2018، بعد أن أصبح الإستئناف مطلباً للطرفين.
اللافت في الأمر، وهو أمر غريب، أن القنوات العالمية مثل "CNN" لم تسلط الضوء على هذه القضية، إلا في بداياتها، ولم تكن تفاصيلها قد تكشفت بعد، فكان موقف "CNN" يتفق مع الجانب الإسرائيلي بأن الفلسطينيين محترفين في تحريف الحقائق، وعندما أثرت وتابعت القضية، وتم كشف تفاصيلها، لم تنشر أي شي عنها.
حاولت التواصل مع "BBC" ولكن لم أجد جواباً فعلياً، وعلى سبيل المثال قناة الـ"BBC" تعمل عادة مناظرات ما بين محللين ساسيين من إسرائيل والفلسطينيين أو العرب، وأنا طالبتهم بعمل مناظرة مع أي إسرائيلي يختارونه، لنتحدث في قضية نديم على على الهواء مباشرة، لكن دون جدوى.
أمر آخر، عندما تم اعتقال القاتل بعد عدة أشهر من مقتل نديم، ضجّت القنوات الإسرائيلية بالخبر، لتُظهر للعالم بأن إسرائيل دولة قانون، ولكن لم تكن بالمستوى ذاته، مع خبر المماطلة المتكررة في المحكمة، والتأجيل المستمر، دون سبب مقنع، رغم أن جميع الأدلة تم رفعها للجهة الإسرائيلية بعد ثلاثة أسابيع فقط من الجريمة، والمقصود هنا، أنه كان يجب تنفيذ الحكم فوراً على القاتل، بسبب توفر كافة الأدلة ومن اللحظة الأولى، كما يحدث مع محاكمة الفلسطينيين.
وبالرغم من أنني ذهبت إلى وزارة الخارجية الأميركية، ومنظمة الأمم المتحدة، والكونغرس الأميركي، وأثبتّ أن ابني قتل بسلاح أميركي ورصاص إسرائيلي، إلا أني لم أجد أي تعقيب أو تعليق على الحكم.
ملاحظة : أدعوكم لحضور جلسة الإستئناف بقضية محاكمة الجندي قاتل الضحية نديم، يوم الأربعاء: 1/8/2018 الساعة 9 صباحاً، في المحكمة العليا في القدس.