الجمعة: 17/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

ماذا نريد لمستقبلنا ومستقبل الاجيال في المرحلة القادمة؟

نشر بتاريخ: 30/01/2019 ( آخر تحديث: 30/01/2019 الساعة: 12:31 )

الكاتب: د. سليمان عيسى جرادات

الشعوب والمجتمعات افرادا ومؤسسات في العالم اجمع يتطلعون للعيش تحت ظل حكومة ذات برنامج واقعي تقودهم بحكمة وتمكنهم من العيش بسلام وفقا لإمكانياتها وخصوصيتها لحماية شعوبها من عثرات الزمن وتنقذهم من الظروف الاستثنائية التي تحدث لهم بمسؤولية كاملة والتصرف بما هو متوفر لها لخدمة المواطن الذي يعتبر أمانة في رقاب تلك الحكومة.
الوضع العام الفلسطيني على المستوى الرسمي والشعبي خلال السنوات الماضية شهدت ظاهرة خطيرة لم يشهدها أي مجتمع في العالم كان يرزح تحت احتلال بالرغم من الجهود والانجازات التي قدمت وبذلتها حكومة الوفاق الوطني برئاسة د. رامي الحمد الله، إلا انه اختفت فيه وما زالت معالم الوحدة بين شطري الوطن الواحد في المعالم السياسية القديمة والمعاصرة وأصبحت القضية الفلسطينية مرهونة بانحرافات لبعض القادة السياسيين بتوجهات إقليمية ودولية التي تزعج النسيج الوطني الفلسطيني قياديا وشعبيا، وتشتت بوصلة الصوت الواحد المتوافق نحو بناء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، ومواجهة تحديات حكومة الاحتلال الإسرائيلي بمواصلة سياساتها الممنهجة اتجاه الأرض والبشر والحجر ، ومواقف سياسات الادارة الامريكية الحالية الذي يعتبر تغيراً استراتيجياً خطيراً على القضية الفلسطينية بدعم الاحتلال في سياساته ضد الشعب الفلسطيني ، والوقوف امام إيجاد حل جذري للقضية الفلسطينية على أساس القرارات والشرعية الدولية .
القضية والقيادة السياسية والحكومة الفلسطينية عاشت وستعيش ظروفا استثنائية للمنعطفات التاريخية الذي ستدخل القضية والشعب الفلسطيني خاصة بعد مواصلة نجاح اليمين المتطرف الإسرائيلي وزيادته في الشارع الاسرائيلي حسب المؤشرات واستطلاعات الرأي للانتخابات القادمة الاسرائيلية وتشكيل حكومة متطرفة يمينية سيقلب كافة الموازين والقيم المتعارف عليها رأساً على عقب في مختلف المجالات الجغرافية والسياسية والاقتصادية..
وهنا يتطلب وقفة حازمة خاصة بين حركتي فتح وحماس والأحزاب السياسية الفلسطينية للإسراع في توحيد جهود المصالحة الوطنية الشاملة وتشكيل حكومة قادرة على مواجهة التحديات والإخطار الناجمة عن مواصلة سياسات الاحتلال الإسرائيلي ، بالإضافة إلى عمل خطاب يوازي الخطاب الإسرائيلي في كافة المحافل والمجالات إن كان معتدلاً أو غيره ، لأنه لم يعد من الممكن مواجهتها بالطرق التقليدية التي كانت سائدة لفترة طويلة من الزمن ، لحدوث تطورات كبيرة في التوجه الرسمي لبعض الحكومات العربية بالعلاقة وتطبيعها مع الاحتلال ، ولان بعض قيادات الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية لم يستجيبا لهذه التغيرات بالدرجة التي تتواكب مع سرعة الإحداث بدعم جهود الرئيس ابو مازن والاصطفاف حوله لمواجهه التحديات التي تفرض على القضية الفلسطينية بالوحدة وإنهاء الانقسام .
إن عدم تجاوب قيادات حركة حماس واستمرارها في سياستها الاحادية في السيطرة الكاملة على المحافظات الجنوبية ، وعدم تمكين الحكومة الفلسطينية من السيطرة على المؤسسات الحكومية الادارية والمدنية والأمنية والاقتصادية المنسجمة مع المطالب الشعبية اولاً ومطالب القيادة السياسية والرئيس محمود عباس بإنهاء حالة الانقسام وتشكيل حكومة وحدة وطنية لتقوم بتهيئة الأجواء لإجراء انتخابات تشريعية ووطنية ورئاسية وفق ألية تنسجم مع الخطط الوطنية وخطط المتغيرات الدولية بقدر محدود من التفاعل بسبب انشغال هذه المؤسسات بمشكلاتها اليومية التي تتكاثر مع ازدياد الطلب الاجتماعي على توفير الحياة والعيش الكريم للمواطنين ، وتدخل اطراف خطيرة غير مرغوب بها وطنياً واجتماعياً على بوصلة النضال الفلسطيني تحت مسميات مختلفة، فإن الحاجة قد تبدو ملحة لإقامة حوار وطني شامل بين مكونات المجتمع الفلسطيني ككل لتوفير فرص أكبر للخروج من تلك الحالة المتشائمة التي أصبح الشغل الشاغل للأحزاب السياسية والنقابات والاتحادات تسيير الأعمال اليومية منسجمة مع الواقع المرير دون وجود رؤى مستقبلية أو تخطيط مسبق أو وجود آلية للعمل تستجيب للقضايا التي تواجه المجتمع الفلسطيني ككل ومؤسساته الحكومية والمدنية وتأثيراتها على صمود المجتمع الفلسطيني وفتحت بذلك الابواب لبعض العشائرية والجهوية والخارجين عن وحدة الصف الوطني والاجتماعي والتنظيمي بان تطرق بابها وتتحدث باسمها وتفرض مشروعها بطرق ومسميات مختلفة ، فأصبحت التوجهات المستقبلية لتلك الاحزاب محدودة ان لم تقوم بتقييم حالتها الذاتية ، وإلا ستصبح بمعزل عن التخطيط للمستقبل الذي يعتبر الأساس في المساهمة الفعالة في تحقيق طموحات المجتمع الفلسطيني.
إن المخرج من هذه المشكلات والسبيل إلى تلبية الاحتياجات والأولويات هو البحث عن صيغ جديدة للتعاون كأمر حتمي تمليه الضرورة لتطوير الخطاب المؤسساتي بين الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني والاقتصادي والأحزاب السياسية في الخطط الحكومية المستقبلية وتعزيز صمود المواطنين تنظيميا ووضع نماذج وسيناريوهات قصيرة وبعيدة المدى تعتمد على تحديد المطالب الفلسطينية رسمياً وشعبياً بعيداً عن الارتجالية في وضع التصورات القادمة لأنها الاصعب والأخطر في مراحل النضال الفلسطيني.