السبت: 04/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

هل يجب ان ينتظر الفلسطينيون خمس دقائق قبل القول "لا" لمشروع ترمب؟

نشر بتاريخ: 14/03/2019 ( آخر تحديث: 14/03/2019 الساعة: 10:59 )

الكاتب: داوود كتاب

لقد مر عقود على الصراع الفلسطيني الاسرائيلي دون حل او حتى الامل في ايجاد حل. الاحتلال الاسرائيلي غاشم على صدور الشعب الفلسطيني والاستيطاني الكولونيالي غير القانوني مستمر في كافة مناطق الضفة المحتلة بما فيها القدس.
الفيلسوف الفلسطيني سري نسية يقول ان حل الصراع يمكن فقط من خلال اما المشاركة في الارض او مشاركة في الحكم؟
اليهود والصهاينة في انحاء العالم (بما فيهم الصهاينة المسيحيون) مصرون انهم يعارضون فكرة مشاركة احد معهم في الحكم فالصهيونية مبنية على فكرة قيام دولة يهودية كما هي فرنسا فرنسية وبريطانيا بريطانية؟
رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو زال اي غبار الاسبوع الماضي حينما قال بوضوح ان اسرائيل ليست دولة لمواطنيها. فإذا لن يحظى سكان اسرائيل غير اليهود و(هناك حوالي 1.8 مليون فلسطيني عربي) بمواطنة كاملة.
فكما قال رئيس دولة اسرائيل ان اقوال نتنياهو تعني ان العرب في الداخل الاسرائيلي ليسو سوى مواطنين من درجة ثانية. واذا كان هذا وضع من هم يحملون الجنسية الاسرائيلية فماهو مستقبل سكان الضفة والقطاع هل سيتم اعتبارهم مواطنيون من الدرجة الثالثة او الرابعة؟
إذا فكرة المشاركة في الحكم (او مايسميه البعض حل الدولة الواحدة) لا يعدو سوى حلم غير ممكن تطبيقه مما يعني ان الحل المنطقي المتوفر هو حل المشاركة في الارض اي تقسيم الارض. ان المجتمع الدولي واغلبية ضئيلة من الفلسطينيين والاسرائيليين قد يقبلون حل الدولتين على اساس دولة فلسطينية على حدود عام 1967 بجانب دولة اسرائيل.
انه من الصعب توقع ان خطة السلام التي تنوي واشنطن الاعلان عنها بعد انتخابات التاسع من نيسان القادم ستلبي الحد الادنى من مطالب الشعب الفلسطيني وستولد ميتة كما هو متوقع.
ولكن بعض اصدقاء فلسطين الاوفياء ينصحون القيادة الفلسطينية في رام الله انتظار خمس دقائق قبل الرفض العلني للخطة. التفكير وراء هذه النصيحة هو إجبار اسرائيل على اتخاذ موقف منها. فاذا قالت اسرائيل لا للخطة سيكون واضحا للعالم من هي الجهة الرافضة للسلام حتى من اكثر ادارة امريكية مؤيدة لاسرائيل. واذا قالت اسرائيل نعم للخطة فتكون اسرائيل التزمت بامور وبدون ان يقوم الجانب الفلسطيني بتقديم اي تنازلات مقابل ذلك. فعلى سبيل المثال لو جاء في خطة كوشنر/جرينبلات ان شمال الضفة الغربية سيكون جزءا من دولة فلسطينية ذات سيادة فان قبول اسرائيل لتلك الخطة سيجعل من اي محاولة مستقبلية للاستيطان في تلك المناطق منافيا لموقفها وموقف حليفتها امريكا.
هناك من ينصح القيادة الفلسطينية ان تأخيرا بسيطا ايضا قد يسمح للمجتمع الدولي والعالم العربي ان يعلق على الخطة. فاذا جاء الرفض من العالم بما فيه العالم العربي وان الخطة غير عادلة وغير قابلة للتحقيق فسيكون من الصعب لامريكا ان تحاول تنفيذ تلك الخطة عنوة من العالم وسينجوا الجانب الفلسطيني من الحاجة لرفض الخطة والذي اصلا لم يشارك فيها حيث انه يقاطع امريكا منذ الاعلان وتنفيذ نقل السفارة الامريكية للقدس.
طبعا المشكلة في هذا السيناريو انه قد يشكل ضغطا كبيرا على الرئيس الفلسطيني محمود عباس والذي اصلا يعاني من هجوم واتهامات من خصومهم والذين يدعون زورا وبهتانا انه يتعامل سرياً مع الخطة الامريكية وانه في الوقت المناسب سيبيع القضية. طبعا لا يوجد اي حقيقة لتلك الاتهامات الا انها تشكل ثقلا كبيرا على الرئيس ابو مازن خاصة فيما يتعلق بالخلاف الكبير والانقسام الحالي بين فتح وحماس خاصة في غزة.
إن التعيين الاخير لمسؤول كبير من حركة فتح الدكتور محمد إشتية لموقع رئاسة الوزراء سيوفر للحكومة الفلسطينية امكانية للعمل المدروس والتعامل مع الامور السياسية بذكاء وحنكة. فإذا نجح محمد إشتية بوضع إستراتجية منطقية في كيفية التعامل مع اقتراحات السلام فمن الممكن ان يتم السير في مسار ذكي وناجع دون التنازل عن ثوابت النضال الفلسطيني والاهداف العليا الوطنية ويظهر في نفس الوقت ان اسرائيل وحكومتها هي عدو السلام وليس الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال.
إن السياسة هي فن الممكن وفي هذا المقام من الضروري ان افكارا من زعيم عربي صادق يجب ان يتم دراستها بتمعن والتفكير بتكتيك التروي قبل رفض اي فكرة لعل الطرف الاخر يسارع لرفضها ويكشف للعالم من هي الجهة المعارضة للسلام..