الثلاثاء: 14/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

نميمة البلد: فلسفة الموظف العام ... وأزمة البلد

نشر بتاريخ: 04/04/2019 ( آخر تحديث: 04/04/2019 الساعة: 14:23 )

الكاتب: جهاد حرب


(1) فلسفة الموظف... الخدمة أم الدفاع عن القانون

إن تقديم الموظفين العامين الخدمات للمواطنين من منطق أنهم "أي الموظفون" خدمٌ للمواطنين يقدمون واجباتهم المنصوص عليها في القانون، وانهم يرغبون أو غايتهم رضا المواطنين عنهم وعن أعمالهم، وتقديم الخدمة بجودة عالية دون محاباة أو واسطة أو أي مؤثرات تخل بجودة الخدمة أو المساواة بين المواطنين في الوقت اللازم والجهد المبذول لتقديمها وللحصول عليها، يشكل بكل تأكيد النصف الأول من واجبات الموظف وغاياته الوظيفية.

أما النصف الثاني من الواجب الوظيفي فيتعلق بالحرص على احترام القانون وعلويته أي بمعنى أدق أن القانون واحكامه هو الفيصل في القيام بالواجبات واحترام المسؤوليات ورفض القبول بخرق القانون من جهة، ومن جهة ثانية فضح الفساد الممارس من قبل مسؤولين أو متنفذين وهو الشق الأصعب على الموظف بسبب تحمل أعباء شخصية متعددة ومختلفة للتمرد على الفساد ومعارضة قرارات المسؤولين.

إن عدم ممارسة الموظفين في القطاع العام لواجبهم في فضح الفساد أو معارضة خرق القانون، بسبب الخوف على وظيفتهم وطموحاتهم دون وجود حماية لهم لردع المسؤولين، أدى لوجود قرارات تنتهك القانون والحصول على منافع شخصية مستقبلية وعزز العمل بطريقة الخلسة لدى بعض المسؤولين لتعزيز مراكز النفوذ في هذه المؤسسة أو تلك.

في ظني أن رئيس الحكومة القادم محمولٌ على انفتاح واسع وشفافية مفرطة لإنهاء حالة الاحتقان في الوظيفة العامة وكذلك في الشارع الفلسطيني من الممارسات غير الشفافة والتي زادت من انعدام الثقة بالنظام السياسي. وأزيد بالقول إن تقديم المعلومات للشعب والمواطنين والخضوع لمساءلتهم خير ألف مرة من حصول الأعداء على المعلومات والذين لهم ألف طريقة للحصول عليها كرواتب الأسرى ودقتها مثالا، فيما المواطنون لهم طريقة واحدة تتمثل بصدق الحكومة ومكاشفتها ليس فقط لمشاركة المواطنين المعلومات أو في الحصول على الامتيازات بل في الأصل لإقناعهم بتحمل الأعباء وقناعتهم بعدالة توزيع هذه الأعباء.

(2) أزمة البلد... بنيوية الأزمة أم أزمة البنية

كشفت أزمة الاستقالات في حزبي الشعب وفدا معضلة ازمة البلد على الرغم من اختلاف الأسباب التي أدت الى الاستقالات المنشورة على شبكة التواصل الاجتماعي. هذه الازمة ذات أبعاد جغرافية وشخصية وهي بكل تأكيد أزمة الديمقراطية الفلسطينية. وهو مرض أصاب جميع الأحزاب الفلسطينية بلا استثناء تجاوزه بات محكوم بتغيير نمط العمل القائم في هذه الفصائل والأحزاب والذي يحتاج الى ثورة فكرية برامجية تواكب تطورات الاجتماعية والبنى الفكرية التي انتجتها.

إن رسوب التجمع الديمقراطي الفلسطيني في أول امتحان له لاتخاذ قرارات متجانسة أو موحدة في الموقف من الحكومة (إيجابا أم سلبا) ينطلق من الخلل البنيوي لهذا التجمع الذي أصر المؤسسون على تحكم الفصائل في اتخاذ القرار وعلى صيغة التوافق (ما تتنفق عليه الفصائل يتبناه التجمع، وما تختلف عليه تنفرد الفصائل باتخاذ قرارات وفقا لمواقفها ومصالحها الخاصة) التي أكدت على عدم إمكانية الدمج أو الاتحاد.

كلا الصيغتين حكمت بالفشل على الصيغة الجبهوية لهذا الكيان المنشأ خاصة في غياب قوة وازنة مهيمنة تحكم أو تتحكم في توجهاته ومواقفه على شاكلة منظمة التحرير الفلسطينية. وفي ظني إن أي صيغة جبهوية قائمة على تقاسم المناصب للفصائل القائمة لم ولن تنجح في حل الـمأزق الفلسطيني، وأن الحل الوحيد يتمثل في ولادة حركة سياسية ديمقراطية في أساسها تتفق حول برنامج سياسي واجتماعي واضح المعالم لخلق حالة من التوازن في الحالة الفلسطينية وللخروج من مأزق الانقسام وأزمة الشرعية في النظام السياسي.