الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

صفقة القرن وفنكوش الزعيم

نشر بتاريخ: 24/04/2019 ( آخر تحديث: 24/04/2019 الساعة: 14:26 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

التاجيل المتكرر وغير المبرر للاعلان عن صفقة القرن والتي تاجل الاعلان عنها ليكون نهاية شهر رمضان بعد ان كان نهاية الانتخابات الاسرائيليه وقبلها ذكرى النكبه ومواعيد اخرى سبقت ذلك كلها بهدف التشويق لسلعه ما زالت غير موجوده وهو ما يذكرنا بفيلم الفنكوش (واحده بواحده) للزعيم عادل امام والفنانه ميرفت امين والذي يتمحور حول شخص يتورط في الاعلان عن سلعه غير موجوده اطلق عليها اسم الفنكوش تماما كما أُطلق على سلعة ترمب اسم صفقة العصر. وكما يعرف كل من شاهد الفيلم ان المفاجأه كانت في ان الفنكوش لم يكن سوى بومبينه مسكره او بالاحرى مُسَطِله للدماغ وذلك بعد مرحلة طويله من التشويق و كم هائل من الاعلانات .
والغايه هنا من فنكوش ترمب ليست التشويق لمعجزته في حل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني الذي لم يبق على جدول اعمال المنظمه الامميه ومنذ ولادتها غير هذا الصراع ولكن التشويق من اجل استخدامه كغطاء لتمرير سرقه القدس والتي تلاها سرقة الجولان من اجل كسب الوقت وجعل السرقتين امر واقع كما هي حال كل الاراضي التي قامت عليها اسرائيل وذلك باغراء واغواء اكبر عدد من الزعماء من الذين فقدو ضمائرهم من اجل خدمة هذا الهدف كما كان الحال في شراء ذمم دول للتصويت لقبول اسرائيل عضو في المنظمه الامميه في سنة 1949 .
الفضل في ذلك ليس بسبب ابداع الرئيس ترمب فهو لا يملك اي من مقومات الابداع ولا يعرف لم معنى ولكنه ابداع صهيوني كون المكلفين في اختراع صفقة القرن هم من اتباع هذه الحركه الصهيونيه والذين ارادوا من وراء كل هذا التشويق اضافة لما ذكرناه زرع الياس في نفوس الفلسطينيين ومن ثم تطويعهم واستسلامهم للقبول بفنكوش ترمب الذي سيكون لو قدر له ان يظهر عباره عن مبالغ ماليه مسروقه من خزائن نفط العرب كثمن للقدس وبقية اراضي المستوطنات.
طبعا هذا الحلم الصهيوني القديم الجديد في امتلاك القدس والجولان والذي نراه يتحول الى حقيقه ليس وليد اللحظه وانما متكيف مع اللحظه التي يحكمها رئيس اميركي فاقد للاهليه كما انه حلم تكيف اكثر مع الوضع الفلسطيني الذي بلغ اسوأ حالاته بفعل الانقسام الذي تطور الى انفصال بعد تشكيل حكومة في غزه كرد فعل انتقامي غير وطني وغير مدروس على تشكيل حكومه فلسطينيه جديده.
يضاف الى ذلك كل هذه الانهياررات التي المت بالنظام الرسمي العربي بداية بتدمير العراق وجيشها ونهاية بتدمير سوريا و شل جيشها والهاء الشقيقه الكبرى بحرب على الارهاب الامر الذي ابعد قضية الشعب الفسطيني عن مركزيتها في عرف هذا النظام المنهار لتصبح مجرد مُعَلَقه من معلقات الشعر الجاهلي يتغنى بها الزعماء العرب في الحفلات المتلفزه التي يطلق عليها مؤتمرات عربيه.
المضحك المبكي في ما ذكرناه انفا ليس فنكشة صفقة القرن وانما ما صرح به الرئيس الاميركي بانه كان قد استمع لدرس في التاريخ على يد اساتذة في التاريخ المزور من مهندسي صفقة القرن (الفنكوش) كوشنر وجرينبلات وثالثهم السفيرالمستوطن وذلك لمدة خمس دقائق حول الجولان قرر على اثره وبحكم وضعه العقلي اتخاذ قرار مكرمته الرئاسيه بمنح الجولان لاسرائيل القوة القائمه بالاحتلال دون اي اعتبار ولو بالمقارنة الادبيه مع كل هذا الظلم الي يعيشه الفسطينيون وعلى مشهد من كل هؤلاء واعوانهم تحت بساطير جنود هذا الكيان العنصري , الظلم الذي ما زال حاضرا ولم يتحول بعد الى تاريخ وليس بحاجة الى دروس لرفعه والذي يبدو وللاسف ان كل الزعماء العرب من اصدقاء ترمب فشلوا في اقناع هذا الاخير باتخاذ مكرمه رئاسيه برفع هذا الظلم او انهم بالاحرى لم يجرؤوا على ذكره او التذكير به خوفا على مواقعهم وهذا يذكرني بما قالته السيده مادلين اولبرايت عندما كانت وزيرة للخارجيه الاميركيه بعد زياره قانت بها في حينه لمعظم الدول العربيه صديقة اميركا قالت في ختام الزياره بانها لم تسمع من اي من زعماء هذه الدول اي ذكر لدوله فلسطينيه.
من ما سبق وما يعنينا كفلسطينيين حيال كل ذلك هو الضرورة الملحه للقفز الى دائرة الفعل من اجل تقصير المسافات لكنس الاحتلال وليس الانتظار بقلق او بانشراح صدر للفنكوش القادم من البيت الابيض ولنترك شرف التسطيل للاخرين .
الا ان ما يجري الان على الساحه الفلسطينيه وهذا التكيف مع استاتسكو الانقسام بين طرفي الدوله شمالها وجنوبها بين ضفة الوطن وغزته وحافة الهاويه التي دفعنا بانفسنا نحوها هو امر معيب ويوحي بان هناك اضطراب ان لم يكن تغييب للبصيره الفلسطينيه والذي يبدو انها وصلت لحد انحسار البصر بعد ان اصبح يتلاشى بصيص امل استرجاع الفلسطيني للمكانه التي يستحقها بحكم انتمائه لشعب الجبارين وعلى ذمة الراحل الحالد فينا ياسر عرفات شعب الالهه وذلك بالقياس مع ذلك الفلسطيني الذي ورث الالوهيه في احد المعابد الهنديه ،غير متناسين ان هذا الفلسطيني هو الذي اعاد الكرامه في معركة الكرامه لكل العرب بعد هزيمة حرب سنة 67.
اعلان الحرب الممكنه فلسطينيا على اعداء الشعب الفسطيني وتحديدا اميركا واسرائيل واعوانهم بسبب امعان هؤلاء في تصفية قضية الشعب الفسطيني وتدمير مشروعه الوطني هو واجب وطني وموقف شجاع من قبل القياده الفلسطينيه في ظل هذه الظروف كون ذلك سيخرجنا حتما من دائرة الانتظار الى دائرة الفعل وابداعاتها بعدما اثبتت التجارب مع عدو عنصري لا يعرف معنى الانسانيه عقم سياسة ردود الافعال . الا اننا وفي ذات السياق نؤكد على عدم جدوى الاغلان عن اية حرب اذا لم تكن مجهزه باسلحة الانتصار وهي في الحاله الفلسطينيه مستمده اساسا من وحدة الصف الوطني اولا وخلق بيئة صمود مبوصله نحو المواجهه ثانيا ولكن وبالقطع ليس فيما نراه من تجهيز لهذه الحرب باسلحة الانقسام تاره واسلحة المهدئات الدولاريه القطريه تارة اخرى كون هذه اسلحة هزيمه لا تفيد غير اعداء الشعب الفسطيني ممن ذكرناهم حيث ستمكنهم من تحديد مصير الضفه الفلسطينيه وربما الدوله الفلسطينيه باكملها ليتطابق هذا المصير مع مصير الجولان و القدس التي واجهنا اسرلتهما بكم هائل من اسلحة الهزيمه من عيار الادانه والشجب .
اذا كان ما سبق فيه جلد للذات فليكن لعلنا نستفيق من وهم الاعتماد على الاخرين في اصلاح ذات بيننا وان كان فيه اقرار بواقع مؤلم فليكن كذلك لعل وجعه يحفزنا لاستعادة ريادتنا للمعركة الحتميه وقرارنا الوطني الفلسطيني المستقل من اجل التحكم بجريان رياحنا بالاتجاه الذي تشتهيه سفننا حتى تعبر بنا الى بر الدوله المستقله شاء ترمب ام ابى.