الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

منظمة العمل العربية ومستقبل العمل في العالم العربي

نشر بتاريخ: 25/04/2019 ( آخر تحديث: 25/04/2019 الساعة: 14:24 )

الكاتب: سامر سلامه

إنعقد مؤتمر العمل العربي في دورته السادسة والأربعين (46) بتنظيم من منظمة العمل العربية في العاصمة المصرية القاهرة، بحضور لافت من أطراف الإنتاج الثلاثة (الحكومات وأصحاب الأعمال والعمال) من كافة الدول العربية الأعضاء في هذه المنظمة العربية المتخصصة في قطاع العمل. وقد شارك وفد رفيع المستوى من فلسطين يمثل أطراف الإنتاج من الحكومة ممثلة بوزارة العمل وأصحاب الأعمال ممثلة بالمجلس التنسيقي للقطاع الخاص وإتحاد الغرف التجارية والنقابات العمالية ممثلة بالإتحادات النقابية المختلفة. وقد ناقش المؤتمر العديد من التقارير والقضايا المتعلقة بقطاع العمل في المنطقة العربية.
وبدون أدنى شك فإن الملف الفلسطيني قد حاز على إهتمام كبير من قبل المؤتمر حيث تم تخصيص ولأول مرة في تاريخ المنظمة العربية جلسة خاصة بفلسطين حضرها ممثل عن السيد الرئيس أبو مازن وتم خلالها إستعراض أوضاع العمل والعمال في فلسطين والتحديات التي تواجه فلسطين لمعالجة مشكلة البطالة وإنعاش الإقتصاد الوطني الفلسطيني في ظل سياسات الإحتلال الرامية إلى تقويض الإقتصاد الوطني الفلسطيني وإلحاقه بإقتصاد الإحتلال. وقد تم إتخاذ عدد من القرارات التي تهم قطاع العمل في فلسطين أهمها تعهد المنظمة العربية بإقامة مؤتمر دولي للدول المانحة لدعم برامج التشغيل في فلسطين ودعم المطالب الفلسطينية لدى منظمة العمل الدولية والمتمثلة في إجبار إسرائيل على تطبيق معايير العمل الدولية على العمال الفلسطينيين العاملين داخل الخط الأخضر، والتوجه إلى المنظمة الدولية بطلب إدراج فقرة خاصة بفلسطين ضمن إعلان مئوية تأسيس منظمة العمل الدولية.
وفي الشأن العربي الجامع فإن المؤتمر قد ناقش عدد من القضايا أهمها بطالة الشباب، ومعالجة فجوة المهارات في سوق العمل العربي، وتعزيز دور الإقتصاد الأزرق لدعم فرص التشغيل، وتفعيل الشراكة بين أطراف الانتاج، وتنظيم الحوار الاجتماعي، وتطوير وتحديث التشريعات والانظمة المعمول بها لإستيعاب التغيرات الناتجة عن إستخدام تكنولوجيا المعلومات وتطبيقاتها في مختلف مجالات الحياة، وتعزيز التوجه نحو التعليم المستمر والإعتماد على المعرفة لإنتاج سلع وخدمات ذات قيمة، وتعزيز الإعتراف بالحقوق التنظيمية لطرفي علاقات العمل وتنظيم ممارسة هذه الحقوق من خلال الحوار والديمقراطية، ودعم الشبكة العربية لمعلومات أسواق العمل، وتحقيق إنسجام التشريعات الوطنية مع معايير العمل العربية وتحسين علاقات ومستويات العمل، وتعزيز تحقيق العمل اللائق وحماية حق العمل وتوفير ظروف عمل آمنه، وتفعيل العمل العربي المشترك وفق خارطة طريق واضحة والتوجه نحو الإندماج الإقليمي وبناء منظومة عربية تنموية موحدة قادرة على توفير فرص عمل لائقة للشباب العربي، وتعزيز وتشجيع ودعم المشاريع المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر وإعداد تشريعات خاصة بها، وغيرها من القضايا.
من اللافت للإهتمام أنه وبالرغم من أن مؤتمر العمل العربي ومن خلفه منظمة العمل العربية قد إستعرض كافة القضايا والتحديات التي تواجه قطاع العمل في العالم العربي بما فيها فلسطين، حيث تم إتخاذ العديد من التوصيات والقرارات بخصوصها، إلا أنه لم يتم تدارس كيفية تفعيل هذه القرارات والتوصيات ووضعها حيز التنفيذ لما فيه المصلحة العربية المشتركة. كما أن المؤتمر لم يناقش أية سياسات عربية مشتركة يتم الإلتزام بها ومتابعتها من قبل الدول العربية لذلك تبقى قرارات وتوصيات المؤتمر طي الأدراج المغلقة ولا يتم تفعيل أو تطبيق أي منها سوى تلك المتعلقة بمصلحة الدول كل حسب مصلحته او تلك التي يتم تنفيذها وفقا لتفاهمات أو إتفاقيات على مستوى التعاون الثنائي بين الدول. ففي الوقت التي تسعى إليه التكتلات الدولية لإيجاد الصيغ المشتركة لتعزيز التعاون الإقتصادي المشترك فيما بينها كما هو الحال في أوروبا الموحدة ومنطقة الآسيان ومنطقة أمركا اللاتينية والجنوبية والمنطقة الأفريقية جنوب الصحراء، إلا أن العالم العربي أبعد ما يكون لبناء منظومة إقتصادية متكاملة قادرة على مواجهة التكتلات الإقتصادية الكبرى حول العالم. فعلى سبيل المثال فإن الصين إستثمرت ما يقارب 400 مليار دولار على مشروع الحزام والطريق والذي يضم الشراكة مع أكثر من 70 دولة آسيوية وأفريقية نحو تعزيز التجارة الدولية فيما بينها، فإننا لا نجد أي إستثمار جماعي يضم الدول العربية بعضها ببعض في الوقت الذي تملك فيه الدول العربية أكبر مخزون بشري في العالم بالإضافة إلى الموارد الطبيعية من نفط وغاز ومياه وأراضي زراعية ومصادر الطاقة المتجددة وغيرها مما يؤهلها لأن تكون أكبر تكتل إقتصادي في العالم مما سينعكس ذلك أيجابا على واقع العمل في البلدان العربية. إلا أنه وللأسف لا نجد أي قرارات أو سياسات عربية قادرة على تفعيل العمل العربي المشترك.
ففي ظل هذا الواقع العربي المتشرذم فإنني أعتقد أنه من الممكن أن نعمل كفلسطينيين على إيجاد بدائل خلاقة أهمها صياغة إتفاقيات ثنائية مع عدد من الدول العربية التي من شأنها تعزيز التجارة البينية وتبادل الخبرات ودعم أسوق العمل. كما ويمكن بناء منظومة متكاملة مع تلك الدول نحو إيجاد آليات فعالة للتشغيل عن بعد بإستخدام وسائل تكنولوجيا المعلومات وتطبيقاتها. هذا القطاع الذي أصبح ينمو بشكل كبير على مستوى العالم. فالتعاون العربي المشترك يبدو بعيد المنال في هذه المرحلة من تاريخ العرب ولم يبقى أمامنا سوى صياغة تفاهمات وإتفاقيات ثنائية مع بعض الدول العربية لضمان البدائل الخلاقة لتنمية سوق العمل الفلسطيني.