الإثنين: 06/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

طبول الحرب في الخليج.. لمن تُقرع ومن الضحية

نشر بتاريخ: 01/06/2019 ( آخر تحديث: 01/06/2019 الساعة: 18:29 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

البعبع الايراني هو وهم صنعته اميركا وما زالت تحتويه من خلال العقوبات الاقتصاديه الكابحه لجماح هذا البعبع تاره ومن خلال السماح له بالصراخ كما يريد تارة اخرى ولكن دون السماح له بالخروج من القمقم وذلك حتى تبقي اميركا على هذا البعبع مخيفا لجيرانه حتى تبتزهم وتحلبهم كما تريد ومتى تريد بحجة الحمايه وهذا يفسر ما قاله البعض محقا بان "ايران الدجاجه التي تبيض لاميركا ذهبا " ولكنه طبعا بلون النفط.
طبعا هذا لا يعني ان ذلك يتم برضاء الايرانيين او بتنسيق مسبق بينهم وبين اميركا "الشيطان الاكبر" وانما هي قوانين الجغرافيا السياسيه التي ما زالت اميركا تسنها بحكم موقعها العسكري والاقتصادي الذي جعلها تتحكم حتى بالقانون الدولي من خلال تحكمها بمصدره وهو المنظمه الامميه ومجلس امنها.
من الناحيه الاخرى فان ايران ليست كما يتصور البعض من انها دولة ايدولوجيا ولكنها كغيرها من الدول الاخرى تميل حيث تميل مصالحها وهذا تفسير لما ورد على لسان خاتمي الرئيس الاسبق لايران في مذكراته ، في ان التعاون بين ايران والحلفاء في ربيع 2003 هو الذي سهل للحلفاء ومكنهم من احتلال العراق بريا بعد ان تكبدوا خسائر فادحه على يد الجيش العراقي في معركة ام قصر وذلك بان سمحت ايران استجابة لطلب من توني بلير رئيس وزراء بريطانيا في حينه ، سمحت لقوات التحالف بدخول الاراضي الايرانيه والالتفاف حول الجيش العراقي في تلك المعركه التي حسمت الامر لاحقا لصالح الحلفاء تحت شعار مصلحي ولا يمت لغير ايدولوجيا المصالح الا وهو عدو عدوي صديقي.
هذه المقدمه كان لا بد منها لتفسير هذا الضجيج المنبعث من طبول الحرب التي بدأت تُقرع في منطقة الخليج العربي لاسباب أزعم انها غير المعلن عنها وهي اعلان الحرب على ايران بالرغم من ارسال حاملات طائرات وارسال حوالي 120 الف جندي للمنطقه بحسب بعض المصادر والذي لا يمكن ان يفسر الا انه اعلان حرب و التي لو اشتعلت ولا اعتقد ذلك فستكون هي حرب انهاك وتطويع ثانيه ضد ايران بعد حرب صدام حسين الاولى التي استمرت ثمان سنوات بتحريض غربي وتمويل خليجي ، وذلك منذ ان نجحت الثوره الخمينيه بالاطاحه بنظام الشاه رضا بهلوي في اواخر سبعينات القرن الماضي بعد ان تخلت اميركا عنه بالرغم من انه كان الحليف الاكبر استراتيجيا لها في المنطقه . حيث كان شرطي اميركا هناك وخط دفاعها الاول في مواجهة عدوها الاساسي في حينه وهو الاتحاد السوفييتي والاهم ان ايران الشاه وعلى عكس اسرائيل الحليف الاستراتيجي الاخر لاميركا لم تكن تشكل اي عبء اقتصادي او عسكري على اميركا كما هو حال اسرائيل وبالرغم من كل ذلك تخلت اميركا عنه لصالح من تزعم الان من انها ( ايران الخمينيه) تحتل المكان الاول في العداء لاميركا وركيزه من ركائز محور الشر كما وصفها الرئيس بوش الابن اضافة للادعاء بان ايران اصبحت تشكل عداء وجودي لاسرائيل.اما السبب الاساس في التخلي عن الشاه كان بسبب علاقاته الجيده مع كافة دول الجوار بما في ذلك عراق صدام حسين واسرائيل الامر الذي وفر استقرارا في المنطقه وهو ما لا يتساوق مع قانون سوق السلاح الذي تتزعمه اميركا .
الاقتصاد الاميركي في واقع الامر هو اقتصاد مبني على تجارة السلاح وعليه لا يمكن لاميركا التخلي عن هذه التجاره بالرغم من ان لدى اميركا القدره على خلق بدائل اقتصاديه اكثر ربحا واكثر انسانية الا انها لن تستطيع فعل ذلك كون اصحاب هذه التجاره وهم مافيا السلاح هم من يطبق على زمام الامور هناك اضافة الى ان لهذه التجاره الفضل في تمكين اميركا من فرض ورسم قوانين حضارة القوه التي تسود عالم اليوم والتي تمسك اميركا بكل خيوطها والتي بسببها اصبح القانون الدولي وتوابعه رهائن بيدها كما اسلفت.
في نفس السياق نذكر بان السوق الاكثر استهلاكا لهذه البضاعه هي منطقتنا وتحديدا منطقة الخليج العربي ليس لكونها قادره على دفع الثمن فقط وانما لانه اريد لها ان تكون منطقة صراعات وحروب من اجل انهاكها وتفتيتها نظرا لجيوسياسيتها موقعا ونفطها وغازها ثروة وعليه فهي لن تشهد لا سلم ولا ستقرار قبل ان تعيدها اميركا الى ما كانت عليه قبل زمن النفط وفي نفس الوقت حتى تُجَيَر كل خيرات هذه المنطقه لغير صالح المحتاجين من العرب حتى لا تقوم لهم قائمه وتذهب ريحهم كما تذهب كل هذه الثروه /ات ثمنا لصراعات مفروضه على هذه المنطقه وبالتالي لصالح كل الاقتصادات المعتمده على السلاح وعلى راسها اميركا.
ختاما وفبل ان تاخذ اهلنا في الخليج العزة بالاثم نقول بان الحوار الخليجي الايراني كوسيله لحل الخلافات وهي المصطنعه في معظمها كما ذكرنا انفا هذا الحوار الذي يفرضه قانون الجوار ايضا يبقى مليون مره افضل من وقوع الخليج تحت الوصايه الاميركيه الاسرائيليه ووقوع الحكام هناك في فخ ابتزاز ترمب والنتن ياهو والذي يبدوانه فخا مُحكما هذه المره بحجة حماية مصالح الحلفاء مع ان الهدف يبدوا وكانه فخ احتلال دائم لمنطقة الخليج العربي حيث سيكون احتلالا ابيض دون مقاومه ودون اراقة دماء لانه يتم بطلب من اهلنا هناك وهم الذين ما انفك ترمب يكيل لاولي الامر منهم الاهانات في كل مناسبه يذكرهم فيها. فهم وان ضنو علينا يبقوا كرام.
ما سبق يشير الى ان ضحية هذه المناوره هذه المره في خليجنا العربي وسواء انتهت بحرب او غير ذلك هي العروش القائمه في الخليج التي فُرِض عليها الرعب المصطنع من البعبع الوهمي الايراني انف الذكر من قبل اميركا وحليفتها اسرائيل .. لان المنطق يقول بان اميركا لن تخوض اي حرب خاسره بعد فيتنام وايران مستنقع لزج لن تجرؤ اميركا على دخوله وولكن اميركا ستبقي على ايران بعبعا كما ارادته لها ولا اعتقد ان الانظمه في الخليج اهم لاميركا من نظام الشاه.