السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الانتخابات الفلسطينية.. خيار أم اختبار؟!

نشر بتاريخ: 04/11/2019 ( آخر تحديث: 04/11/2019 الساعة: 18:19 )

بقلم/ عكرمة ثابت
الانتخابات الفلسطينية التشريعية والرئاسية استحقاق وطني طالما دعت له القيادة الفلسطينة في ظل رفض متواصل على مدى اكثر من عقد من الزمن ممن اغتصبوا غزة وفصلوها عن حضن الوطن بقوة السلاح وبعنجهيتهم وبطشهم في تنفيذ انقلاب دموي شكل نقطة تحول سوداء في تاريخ قضيتنا وترك اثرا مدمرا على كل مستوياتها.
ان دعوة الرئيس محمود عباس (ابو مازن) لاجراء الانتخابات واصراره على انجازها في الضفة وغزة والقدس وتكليفه للجنة الانتخابات المركزية باجراء المشاورات اللازمة مع كل الاطراف الفلسطيينية وتذليل كل العقبات التي قد تعرقل اجرائها لهو دليل على ان هذه الانتخابات هي خيار وطني للقيادة الفلسطينية التي تعي خطورة المرحلة وتدرك ان الانتخابات والاحتكام الى الشعب وصندوق الاقتراع هو السبيل للخروج من تداعيات ما وصلت اليه قضيتنا نتيجة للانقلاب البغيض وغياب الوحدة الوطنية.
رغم سوء المرحلة وردائة الاحوال، اكتب مقالي هذا من اعماق القهر والقلق .. ومن خبايا الواقع وبشاعة الحاضر والخوف من المستقبل بعد ما وصلنا اليه من حالة من عدم الثقة بمواقف حركة حماس التي تغلب دوما مصالحها الحزبية الضيقة على المصلحة الوطنية العيا, وتنصلها وتهربها من الاستجابة لجهود المصالحة .
لن استعرض يوميات واحداث الماضي الاليم الذي وللاسف كتبت حماس سطوره بدم الابرياء والاف المعذبين والمقهورين والمشردين في قطاع غزة الأشم ... ماضي الانقلاب الذي يريد شعبنا ان يجتثه من ذاكرته فلا مكان له في تاريخ وطننا الجميل.
هذه السنوات العجاف التي مضت استقوى فيها السيف على الدم وتمرد فيها الاخ على الاخ وصعد نجم الانقلاب والقتل والتدمير على هامات وقامات الوطن الذبيح واستفحل الغدر في زمن الرويبضة وغابت الاسود عن فضاء حلمنا الكبير .
فهذا الموقف الشجاع الصريح والثابت لربان سفينتنا وحامي حلمنا خليفة الياسر فينا ثابتنا الوطني الاصيل "ابو مازن" حفظه الله ورعاه هو الأمل المتبقي للخلاص ، حين اعلن بكل جراة ومسؤولية وطنية وامام العالم كله باننا ذاهبون الى انتخابات حرة ديمقراطية ونزيهة تنقذنا من هذا الوضع الماساوي التراكمي الذي انتجه الانقلاب ، نعم موقف فخامة الرئيس يحيي فينا الامل والعزيمة بأننا شعب ابي يسعى للحرية والاستقلال .
نعم سنذهب الى تلك الانتخابات وسنتحدى كل المعيقات والصعوبات التي من الممكن ان تواجهنا .. سنذهب مع شعبنا الى خياره الذي يريد !! فإما ان نكون او لا نكون سنذهب الى الإنتخابات فهناك جزء أصيل منا مخطوف ومحروم من الادلاء بصوته!! هناك جزء منا مختطف ومضطهد في غزة الاباء والعطاء !! هناك صوت الشهداء والجرحى والمشردين والمبتورة اقدامهم وصوت الاسرى والمعتقلين والمحرومين والملاحقين !! هناك غزة رمز العزة .
الانتخابات اختبار حقيقي للذين يأسرون غزة واهلها, اختبار لقدرتهم ورغبتهم في الانصياع لصوت الشعب وصوت الحرية, فقد آن الاوان للانتصار لآهات المعذبين المكلومين ولاوجاع الناس في قطاعنا الحبيب, آن الاوان لوقف نزيف التشرذم والانقسام وطي صفحة الانقلاب الذي ادمانا وانتهك كل مبادئ الشرف فينا.
آن الاوان ان نمضي الى صناديق الاقتراع لتكون هي الحكم وصاحبة الموقف ، فالف نعم ونعم لمن يحمي الديمقراطية والنزاهة ويحافظ على ثوابتنا الوطينة ومليون لا ولا لمن يستبد باسم الديمقراطية وباسم الدين ويخون وطنه وشعبه بسياساته التآمرية وممارساته القهرية الظلامية .
ان تكون فلسطينيا وشريكا في القرار معناه ان تعيد صياغة افكارك التكفيرية والتخوينية والاقصائية لزرع الامل في نفوس ابناء شعبك لتقنعهم بأنك شريك في حلمهم بوطن ديمقراطي يسوده الاستقرار والقانون والحريات العامة والخاصة.
أن تكون شريكا في الحكم عليك ان تلتزم بالدستور والانظمة والقوانين التي تسير عليها بلدك , وان تكون شريكا في المقاومة معناه ان لا تكون مأجورا للمال السياسي ولا مستثمرا للدين في اسواق الاسلام السياسي .
ان تكون شريكا في انتخابات عامة (تشريعية ورئاسية) معناه عليك ان ترفع قبضتك عن شعبك وان تساعده على اخذ حقه في ممارسة العملية الديمقراطية بعيدا عن القمع والملاحقة والترهيب, ولكي تكون حالما بدولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس فعليك ان لا تشترك بمؤامرات تصفية هذا الحلم وان توقف فورا مخططاتك لاقامة امارة ظلامية هزيلة .
الانتخابات اختبار مباشر لمن يريد ان يثبت انحيازه لشعبه من خلال عدم وضع الشروط التعجيزية للموافقة على المشاركة فيها ، فالمراوغة والتسويف والمماطلة ، هي عقبات حقيقية وضعتها حماس في طريق تحقيق الوحدة الوطنية وما زلنا نعاني من نتائجها المدمرة .
الانتخابات خيار واختبار ، هي مطلب شعبي وخيار وطني جسدته القيادة الفلسطينية وهو محصن بصوتك الامين وبضميرك الحريص على انقاذ وطنك وشعبك ورسم مستقبلا واعدا ومشرقا للاجيال القادمة، انها اختبار لمن يسرقون غزة ويصادرون صوتها فالانتخابات نقيض للانقلاب والمحاصصة والاجندات الفئوية الضيقة والمشاريع الخاصة .