السبت: 18/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

العام 2008 الأفضل للكرة الفلسطينيةبقلم: أحمد المشهراوي

نشر بتاريخ: 18/01/2009 ( آخر تحديث: 18/01/2009 الساعة: 17:54 )
غزة - معا - رغم أن الكرة الفلسطينية شهدت في الأيام الأخيرة للعام المنصرم 2008 محرقة مدمرة دامية في قطاع غزة، وعدوان لم يشهد له مثيل منذ 60 عاماً جراء التصعيد الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية من الجو والبر والبحر، وما صاحبها من استشهاد ما يزيد عن 2300 شهيد فلسطينياً، وجرح ما يقارب 5500 آلاف آخرين إلا أن كرة الانتفاضة طوت واحداً من أفضل أعوامها على كافة الصعد وفي مقدمتها إطلاق المسابقات الرسمية والتنشيطية والمشاركات الدولية، وفسح المجال لإطلاق أوسع حملة تغيير وإصلاح كروي ورياضي بانتخابات ممثلي مجالس مختلف الاتحادات والمؤسسات، على ِِرأسها اتحاد الكرة واللجنة الأولمبية.

وللمرة الأولى ِمنذ أيلول 2000، قبل ثماني أعوام ونيف، نجحت الكرة الفلسطينية الحبيسة في تخطي آلة القمع الاحتلالية المتصاعدة، وتجاوزت الانقسام، الذي سببه الانفصال السياسي والجغرافي بين طرفي العمل الفلسطيني في غزة والضفة منذ يونيو 2007، ليشهد تقارباً محموداً على الساحة، خفف من الأعباء الملقاة على كاهل اللعبة، وأحدث خطوات مبشرة في رسم خطواتها بعيداً عن إيتون السياسيين والتدخل الحزبي.

في مقدمة البشارات، جاء إطلاق اتحاد الكرة الجديد للدوري التصنيفي لأندية الضفة الغربية، والذي يشارف على نهايته في مدة لا تتجاوز الـ6 شهور، ليحقق نجاحاً يسجل لإنجازاته بقيادة رئيسه الجديد اللواء جبريل الرجوب، ويتمكن من مهمة تصنيف 22 نادياً وفقاً للدرجات المتبعة في الدوريات العربية والآسيوية، لينضم إلى تصنيف أندية قطاع غزة في خطوة طموحة للوصول إلى الدوري الفلسطيني الموحد.ِ

ومما يميز هذه البطولة الوطنية أنها جاءت بعد 8 أعوام من أول محاولة للتصنيف جرت عام 2000، لكنها فرملت عند أسبوعها الخامس جراء قيود الاحتلال الإسرائيلي وغياب الإرادة والقدرة لدى السابقين في قيادة البطولة إلى بر الأمان وحسم الخلافات بين الأندية المتنازعة، كما أن هذه البطولة هي الأولى التي تصل إلى نهايتها في الضفة الغربية بعد أخر بطولة جرت منذ ما يقارب 10 أعوام، لا سيما تزامنها مع بطولة دوري تصنيف أندية الدرجة الأولى، وإطلاق أول دوري للكرة النسائية.

وفي غزة، شهد العام الماضي إطلاق مسابقات عديدة في ملاعب القطاع، على رأسها بطولة كأس القدس الكروية بتنظيم وزارة الشباب والرياضة، ِوبطولة الشهيد القائد إسماعيل أبو شنب، والوحدة الجارية بجهود محلية، إلى جانب تنظيم أولمبياد النكبة في ذكرى احتلال فلسطين الـ 60، والتي أوقد شعلتها نائب رئيس المجلس التشريعي د.أحمد بحر ووزير الشباب والرياضة في غزة د. باسم نعيم، تضمنت عدة ألعاب رياضية.

ِ ولم تكن هذه البشارة الوحيدة، حيث تمكنت عمومية الاتحادات من اختيار أول لجنة أولمبية بعد 21 عاماً من توقفها في جو رياضي جمع أقطاب العمل في غزة والضفة، لتشهد انتخاب الرجوب ِلقيادة دفتها جنباً إلى جنب مع اختياره رئيساً لاتحاد الكرة، وكذلك معظم الاتحادات الرياضية، لتي شهدت وجوهاً ودماءً جديدة.

وعلى جانب المنشآت الرياضية سجل هذا العام قفزة مميزة، تمثلت في الحشد الدولي الهام، الذي شارك فيه رئيس أعلى سلطة كروية في العالم جوزيف بلاتر رئيس الفيفا مع وصوله للمرة الثانية للأراضي الفلسطينية بصحبة محمد بن همام رئيس الاتحاد الآسيوي، والوفود الكورية وممثلي الرئاسة والحكومة لافتتاح إستاد الشهيد الحسيني، ليسجل اتحاد الكرة مشهداً تاريخياً ويسلط الضوء على أوضاع الكرة الفلسطينية وسط هذا الحضور الهام، مما دفع- الفيفا، لاختياره كأفضل إنجاز.

ولم يكن هذا الإنجاز الوحيد حيث شهدت فلسطين هبة تطويرية وإنشائية في مدن في رام الله وجنين ونابلس والخليل، وكذلك الحال في غزة حيث شرع لأول مرة في تعشيب ملعب اليرموك التاريخي الذي أنشأته الإدارة المصرية إبان الستينات، بينما أشرفت الحكومة في غزة على وضع حجر الأساس لأول مدينة رياضية، أطلق عليها- مدينة الياسين، رغم الحصار والحرب في غزة.

ورغم أن منتخب البلاد ظل يحتل موقعاً متأخراً خلف نظرائه إلا أنه أحدث اختراقاً في الحصار الغاشم،وشارك في دورة غرب آسيا الخامسة في الأردن، إضافة لما حققه سفير الكرة الفلسطينية في دوري أبطال العرب وادي النيص قبل خروجه أمام الفيصلي الأردني ومشاركة أخرى لسيداته، وسجل معاقو فلسطين نجاحات في دورة الألعاب الأولمبية في الصين.. بينما حرم الحصار المنتخب الوطني من مشاركة منتخب الصالات، في البطولة العربية في بورسعيد المصرية رغم تحضيراته المبكرة، وحرمان مشاركات رياضية أخرى.

وسجل هذا العام تواجد العديد من لاعبي فلسطين في الدوريات العربية، في مقدمتهم حارس المنتخب رمزي صالح المنضم لنادي القرن الإفريقي الأهلي المصري، فضلاً عن وجوه أخرى في الدوري الأردني.

ووفقاً لدراسة أعدتها مؤسسة الأقصى الإعلامية، فإن عام 2008، جاء الأفضل على الإطلاق خلال الأعوام الـ10 الأخيرة، واستطاع اتحاد الكرة تجاوز المشكلات المحيطة به وإطلاق البطولات وسيشهد مارس القادم منافسات خاصة بأندية المناطق- الدرجة الثالثة، ليسدل السار عن هذا الملف، الذي ظل مستعصياً لسابقيهِ.

وقال محمد الدلو أحد الشخصيات الرياضية إن اتحاد الكرة الجديد استطاع الخروج من المؤثرات السياسية المعيقة للأنشطة، ولجم أي تدخلات سياسية في صناعته للقرار الكروي الحر.

ِوقبل طي صفحة هذا العام، أطل وجه الاحتلال البشع كعادته في سرق البسمة عن شفاه الرياضيين، وحلت المحرقة في قطاع غزة، فودعت الجماهير في مواكب حزينة نعوش اللاعبين والأجهزة الفنية والإدارية، ودمرت العديد ببغض أسود حاقد المنشآت، التي احتضنتهم، في مقدمتها استهداف مقر اللجنة الأولمبية شمال قطاع غزة، ِوالملاعب والأندية، فضلاً عن مواصلة الاعتقالات خاصة في الضفة الغربية.