الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

معا تكشف - هكذا تبدأ المشكلة وهكذا تطلق كتائب الاقصى النار على الشرطة الفلسطينية

نشر بتاريخ: 19/06/2005 ( آخر تحديث: 19/06/2005 الساعة: 19:29 )
جنين - خاص معا - تثير نشاطات كتائب شهداء الأقصى هذه الأيام إشكالية معقدة من الصعب تحديد وتفسير عواملها ومضاعفاتها، لأسباب عدة أبرزها عدم وجود جسم موحد له هيئاته القيادية وبرامجه الخاصة كما ان كل منطقة أو محافظة توجد فيها مجموعات مستقلة عن غيرها من المناطق تتصرف بناء على المعطيات الميدانية، الى جانب تعدد مصادر الدعم والتمويل سواء كانت فلسطينية أو من الخارج ( عربية أو إسلامية )، وبالتالي تعدد القرارات والبرامج . وكجناح عسكري لفتح ، لم تسعى فتح بشكل جدي لتبني كتائب شهداء الأقصى وتوفير الدعم لها وإرشادها خلال النضال والمقاومة الميدانية ، الأمر الذي جعلها غير قادرة كليا لتكون مرجعية سياسية ونضالية للكتائب .
ان قيام الكثير من الأقطاب داخل فتح والسلطة _ خصوصا الأجهزة الأمنية - والمتنافسة على كثير من الأمور ، قيامها بعمل تكتلات تحت اسم الكتائب أو محاولة استقطاب مجموعات منها لتنفيذ مخططاتها التي تتعارض مع مخططات المنافسين .
ويلاحظ ان إصدار الكثير من أقطاب فتح وأجهزة الأمن للكثير من البيانات باسم الكتائب وتنفيذ العديد من المهمات تحت هذا الاسم ، ما اوجد إرباكا وبلبلة .
هذا وقد تضخم عدد عناصر الكتائب بعد أن أصبحت قضية المطلوبين موضة لدى البعض ومسألة تشبيح لا أكثر ولا اقل وممارستهم العديد من المظاهر السلبية . الأمر الذي اوجد مبرر لدى بعض الجهات في السلطة لاتخاذ ذلك مبررا في اتهام الكتائب بالفوضى والتمرد وعصيان القانون .
الكثرة المناضلة من الكتائب والتي ضحت وقدمت وما تزال حتى ألان تقاوم وتناضل ، دفعت ثمن هذه التعقيدات ، بعد أن تكالب عليها الصديق قبل العدو للانتقام منها لا لسبب سوى أنها نموذج فدائي مقاوم أثبتت قدرتها وصلابتها في صراعها مع الاحتلال .
وما نحن بصدده ألان هو مثال على هذا التعقيد انعكس أيضا على سيكولوجية كتائب شهداء الأقصى والتي باتت تعاني من كثرة الأعداء ما جعلها تشكك في نوايا الآخرين نتيجة حكم الآخرين المسبق عليها ، وبالتالي تفسيرها لأي حدث أو موقف أو فعل من هذا المنطلق ، ومثالنا هو الإحداث المؤسفة التي وقعت في مدينة جنين يومي الأحد والاثنين 8 - 9 أيار 2005 ، التي تمثلت في الاشتباك المسلح بين السلطة والكتائب على خلفية الإشكال مع محمد أبو عراج مسئول الكتائب في جنين ، والذي سنتركه يروي لنا تفاصيل الحادثة بنفسه دون التدخل منا في النص أو التصرف به ، لاستقراء سيكولوجية هؤلاء الشباب المناضلون والمعاناة الداخلية التي يعانونها نتيجة التراكمات لأكثر من أربع سنوات من المقاومة ومطاردتهم من قبل قوات الاحتلال واستهدافهم في أية لحظة .
يقول محمد أبو عراج قائد كتائب شهداء الأقصى في جينين البالغ من العمر 25 عاما والمطارد منذ أربع سنوات :-

- يوم الأحد 8/5/2005 توجهنا للقاء وكيل نيابة جنين ، وعند مدخل المحكمة سلمت مسدسي الشخصي والذخيرة الخاصة بالبندقية لعناصر الشرطة فيما احتفظت ببندقية الام 16 بحوزتي وهي خالية من الذخيرة .
طلب مني الشرطي أن أسلمه البندقية ، فرددت عليه انه ولاعتبارات أمنية لا استطيع أن اترك البندقية . - طبعا رفضت أعطيه إياها خوفا من العبث بها أو تفخيخها كما حصل مع الكثيرين وأنا ألان احملها وهي خالية من الذخيرة . وكان هناك تنسيقا مسبقا بيننا وبين مدير الشرطة أن الشرطة اللذين يحرسون المؤسسات يجب أن تكون وجوههم مألوفة لدينا كمطاردين حتى نستطيع تأمينهم على سلاحنا.
ورغم كل ذلك أصر الشرطي على أخذ السلاح ، وحرصا مني على عدم وقوع أية مشكلة قررت أن لا ادخل إلى المحكمة وان أعود من حيث أتيت فطلبت من الشرطي لان يعيد لي المسدس وذخيرة البندقية فأعاد لي الذخيرة وقبل أن يعيد إلى المسدس قام شرطي أخر بإشهار السلاح في وجهي بعد أن ذخره . فقمت بالابتعاد عنهم مسافة عشرة أمتار عن بوابة المحكمة لأفاجأ بإطلاق النار علي . فحسست إنني أواجه مخططا لاغتيالي معد مسبقا . فقمت بتذخير البندقية وأطلقت عدة أطلاق نارية في الهواء لأتمكن من حماية نفسي . وتوجهت فورا إلي معقلي في الحي الشرقي حيث علم بقية زملائي من الكتائب بالحادثة وجاءوا إلي. فقرر الجميع إعطاء فرصة لقائد الشرطة في جنين لحل المشكلة بشكل سلمي ، إلا إننا تفاجئنا بأن الشرطة والأمن الوطني يقومون بنشر قواتهم بكثافة ويغلقون الشوارع التي تؤدي إلى الحي الشرقي ، وبدأوا بالنداء عبر مكبرات الصوت على أهالي الحي لالتزام بيوتهم وبدأوا بالتحرك لشن هجوم علينا الأمر الذي أشعرنا بخطر جدي ، كما كنا نشعر خلال اقتحام قوات الاحتلال للحي ، فقمنا بالرد عليهم بإطلاق النار بشكل غير مباشر حتى لا نوقع إصابات في صفوفهم فقاموا بالفرار من الحي . وبعد ذلك وخلال وجودنا وسط المدية صادرنا إحدى سيارات الشرطة وسلاح عناصرها مع حرصنا على عدم المساس بهم وطلبنا منهم أن يعودوا إلى مقراتهم .
وعدنا إلى معقلنا في الحي الشرقي للتفاوض مع وجهاء الخير ومدير جهاز الأمن الوقائي وضباط من الشرطة والمخابرات، إلا أن مدير الأمن الوقائي بدأ يطالب بسيارة الشرطة بدلا من المطالبة والبحث لحل المشكلة.
فكانت هناك ردت فعل من الكتائب فقمنا بإطلاق النار على السيارة المصادرة وألحقنا بها أضرار. وبعدها قررنا أن نحاصر المشكلة عند هذا الحد.
اتفقنا أن تعيد لنا الشرطة المسدس وان نعيد لهم السيارة وقطع السلاح التي صادرناها من الشرطة.
وتم الاتفاق مع محافظ جنين على أن يجمع كافة مدراء الأجهزة في الساعة الثامنة مساء في منزله لحل الإشكال والبحث في أسبابه . اتصلنا به في الساعة الثامنة للاستفسار عن الاجتماع فتفاجئنا أن لا احد من مدراء الأجهزة قد حضر للاجتماع . ومع ذلك توجهنا إلى منزل المحافظ وقلنا له إننا نريد حل الإشكال ونريد أن نجتمع بمدراء الأجهزة حرصا منا على عدم إراقة الدماء الفلسطينية . وانتظرنا الرد إلا أنهم أصروا على مقاطعة الاجتماع ، حينها شعرنا أن هناك نوايا سيئة مبيتة لنا .
وفي اليوم التالي الاثنين 9/5/2005 ، كنت أنا وأبو الجحيم وبعض المرافقين في سيارتنا ومررنا من أمام باب عمليات الشرطة ورددنا عليهم السلام وتوجهنا إلى وسط المدينة وكان هناك أيضا شرطة فرددنا عليهم السلام ومن ثم توجهنا إلى المنطقة الصناعية وكانت هناك عدة دوريات للشرطة والأمن الوطني فرددنا عليهم السلام وبعد أن تجاوزناهم بحوالي المائة متر سمعنا عدة طلقات نارية ولم نكترث لذلك لعدم ظننا إننا المستهدفون فأكملنا سيرنا وعدنا من نفس الشارع فوجدناهم قد وضعوا الحواجز وباشروا باطلاق النار بشكل مباشر علينا لقتلنا فرددنا على إطلاق النار بالمثل لكي نتمكن من حماية أنفسنا فتوجهنا إلى وسط المدينة لنفاجأ في كمين آخر وسط المدينة وباشروا بإطلاق النار علينا من جديد فقمنا بالرد عليهم وهاجمناهم فقاموا بإلقاء السلاح والهروب من المكان وذلك بفعل تدخل كافة الأهالي لصالحنا من اجل حمايتنا لان الكثيرين سمعوا مكالمة لاسلكية لأحد ضباط الشرطة يأمر فيها بقتل عناصر الكتائب مما أثار مشاعر المواطنين الذين رشقوهم بالخضروات وكل ما طالته أيديهم .
وحرصا منا على عدم إراقة الدماء ونشر الفوضى ذهبا إلى المحافظ وكتبنا رسالة بوجود كادر تنظيمي من المنطقة وطالبنا فيها عزل أو نقل مديري الشرطة والأمن الوطني بسبب قيامهم بافتعال اشتباكات مسلحة معنا بهدف قتلنا وسط الأهالي مما كان سيعرض حياتنا وحياة الأبرياء للخطر . وقلنا في الرسالة انه لا يوجد إلا سلطة واحدة إلا وهي سلطة القانون ونحن جزء منها ولا يحق لأي احد أن يتعامل معنا كأننا خارجون عن القانون ، حيث إننا قمنا طوال سنوات الانتفاضة بحفظ القانون والنظام وامن المواطن وحل المشاكل في المنطقة في الوقت الذي كانت فيه السلطة غائبة كليا عن ارض الواقع .
بعد خروجنا من المحافظة اتصلنا بمدير الأمن الوطني ومدير الشرطة ورئيس البلدية والمحافظ وقررنا الذهاب إلى مقر المقاطعة لوضع النقاط على الحروف لحل الإشكال بالكامل ، حيث رأينا في ذلك مبادرة منا رغم أن لنا كامل الحق وأبلغناهم انه إذا أرادوا منا عدم حمل السلاح في الشارع عليهم توفير الأمن والأمان لكافة المطاردين وحل مشكلتهم .
وتمت المصالحة بيننا وقمنا بالتنازل عن حقنا تجاه من أطلقوا علينا النار من منطلق قوتنا وإيمانا بقدسية الدم الفلسطيني وعدم المساس به لان مشروع كتائب شهداء الأقصى هو توجيه السلاح نحو المحتلين فقط.

مما تقدم نستنتج إننا أمام إشكالية متكررة وأكيدة الاستمرار أن ظل الوضع على حالة دون أن تكون هنالك رؤية واضحة ومسئولة للتعامل مع هؤلاء الشبان الذين يتعطشون للأمن والحماية والاستقرار وشعورهم الدائم بالغبن والظلم وتوقعهم الدائم أيضا أن يلقوا الثناء والاعتراف بما قدموه من تضحيات والكثير من زملائهم الشهداء والأسرى والجرحى .