الجمعة: 10/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

استطلاع: السياسة الأمريكية الخارجية ما تزال محل إنتقاد شديد في العالم

نشر بتاريخ: 15/07/2009 ( آخر تحديث: 16/07/2009 الساعة: 09:54 )
بيت لحم- معا- كشف إستطلاع جديد للرأي العام الدولي بأن السياسة الأمريكيّة الخارجيّة ما زالت محلّ انتقاد شديد في جميع نحاء العالم وعلى عدّة جبهات ومستويات متنوّعة، وذلك بالرغم من أنّ معظم شعوب العالم في إستطلاع ٍ سابق في (13) دولة من أصل (19) دولة تمّ إستطلاع آراء شعوبها يعربون عن ثقتهم بأن الرئيس باراك أوباما سيفعل الصواب في معالجة القضايا الدوليّة.

أجرت هذا استطلاع أيضا مؤسسة الرأي العام الدولي (World Public Opinion.org) على عيّنة عشوائيّة مقدارها 19.923 شخصاً من (20) دولة من دول العالم تمثّل (62 %) من جمالي سكان العالم، ومن بينها أكبر الدّول مساحة ً وتعدادا ً للسكان مثل: الصين، الهند، الولايات المتحدة الأمريكيّة، إندونيسيا، نيجيريا، الباكستان وروسيا. هذا إضافة إلى المكسيك، ألمانيا، بريطانيا، فرنسا، بولندا، أذربيجان، أوكرانيا، كينيا، مصر، تركيا، العراق، الأراضي الفلسطينيّة وكوريا الجنوبيّة. كما وقد أستُطلعت آراء شعوب تايوان، هونغ كونغ وماكاو.

ومؤسسة الرأي العام الدولي هذه هي عبارة عن مجموعة مراكز أبحاث تعاونيّة تضمّ مراكز أبحاث من جميع أنحاء العالم ويمثّل الأراضي الفلسطينيّة فيها المركز الفلسطيني لاستطلاع الرأي العام الذي يديره د. نبيل كوكالي. و

تشرف على هذه المجموعة جامعة ماريلاند عن طريق "البرنامج الخاصّ بمواقف السياسات الدوليّة (PIPA). وقد تراوح هامش الخطأ في هذا الإستطلاع ما بين ± 3 إلى 4 بالمائة.

وأظهرت نتائج الإستطلاع بأن (15) دولة من أصل (19) دولة تنتقد الولايات المتحدة الأمريكية لأنها تضغط على الدول الأخرى بقوتها العظمى. وتقول (17) دولة من أصل (19) دولة بن الولايات المتحدة لا تلتزم بالقوانين الدوليّة ولا بالكيفيّة التي يجب أن تعالج بها التغيير المناخي أو ما يسمى ب "الإحتباس الحراري". والآراء منقسمة على نفسها بشكل عام حول ما إذا كانت الولايات المتحدة تلعب في الغالب دوراً إيجابيّا أم دوراً سلبيّا ً في العالم.
وبسؤال هذه الشعوب – كما أسلفنا الذكر – عن مدى ثقتها بالرئيس أوباما في أن يقوم " بفعل الصّواب فيما يتعلّق بالقضايا الدوليّة" أعربت هذه الشعوب بنسبة (61 %) بالمتوسّط عن ثقتها بأنه يفعل ذلك.

ولكن بسؤال هذه الشعوب عن الكيفيّة التي تعامل بها الولايات المتحدة الأمريكية حكومة بلادهم أجابت أقليّة منهم فقط لم تتجاوز بالمتوسّط الرّبع: " الولايات المتحدة تعاملنا بإنصاف"، فيما أجاب الثلثان: " الولايات المتحدة تسيء إستخدام قوتها العظمى لجعلنا نفعل ما تريد هي." هذه الآراء ليست أفضل من الآراء التي سجلت في عام 2008 ، باستثناء ثلاث دول عدّلت موقفها وهي نيجيريا، كينيا وألمانيا.

تقول أغلبيات جميع الشعوب التي تمّ إستطلاع آراؤها بأن" الولايات المتحدة تستخدم لغة التهديد بالقوّة العسكريّة لكسب فوائد أو مزايا خاصّة. وتتراوح هذه الأغلبيات ما بين (61 %) في الهند وبولندا إلى (92 %) في كوريا الجنوبيّة، وتشمل أيضا أقرب حليف لأمريكا وهي بريطانيا بنسبة (83 %). وبالمتوسّط يرى (77 %) من سكان العالم بأن الولايات المتحدة تستخدم لغة التهديد، وحتّى (71 %) من الأمريكيين أنفسهم يوافقون على هذا القول.

ويعلّق ستيفن كلّ (Mr. Steven Kull) بصفته مدير مؤسسة الرأي العام الدولي على تلك النتائج بقوله: " يبدو أن لدى معظم الناس حول العالم رأي إيجابي حول القبطان الشاب الجديد الذي يقود دفّة سفينة الدولة الأمريكيّة رغم أنّ أناسا ً كثيرين يرون أن هذه السفينة الضخمة ما زالت تحمل إلى الأمام سياسات مهيمنة".

الجدير بالذكر أن هذا الإستطلاع قد استثنى بعض الدول من بعض الأسئلة وأجري في الفترة ما بين 4 نيسان (أبريل) و 12 حزيران (يونيو) من العام الجاري 2009، أي قبل خطاب الرئيس أوباما في جامعة القاهرة ولكن بعد خطابه في أنقرة بتركيا. ونودّ أن نشير أن هذه الدراسة بالذات قد مُوّلت من قبل صندوق الأخوة روكيفلّر(Rockefeller Brothers Fund) ومؤسسة كالفرت (Calvert Foundation).

الآراء حول الرئيس أوباما إيجابيّة وبالأخص بين الأوروبيين حيث منحه الثقة (92 %) من البريطانيين، (89 %) من الألمان و (88 %) من الفرنسيين، وحتى أغلبية الصينيين بنسبة (55 %). الشّواذ هي معظم الدول الإسلاميّة وروسيا حيث قالت شعوب هذه الدول بأنها لا تمنح الرئيس الأمريكي قدرا ً كبيرا ً من الثقة أو لا تثق به على الإطلاق كما هو الحال في الأراضي الفلسطينيّة (67 %) والباكستان (62 %) ومصر (60 %) والعراق (57 %) وكذلك روسيا (55 %).

ولكن بالمتوسّط شخص واحد فقط من أربعة شخاص من الشعوب التي تمّ إستطلاع آراؤها يؤيّد القول بأنّ " الولايات المتحدة تمثّل قائدا ً مهمّا ً في تعزيز القوانين الدوليّة وتشكّل مثالا ً جيدا ً في إتباع هذه القوانين"، في حين يقول شخصان من ثلاثة أشخاص (حوالي 67 %) بأن الولايات المتحدة الأمريكيّة تحاول تعزيز مكانة القانون الدولي على غيرها من الدول بينما هي تتصرّف بنفاق لأنها هي نفسها لا تلتزم بهذه القوانين". وهنا أيضا ً – مقارنة ً مع عام 2008 – لم نجد بشكل ٍ عام أيّ تغيير جوهري. وأكثر الآراء سلبا ً تجاه الولايات المتحدة – أي موافقة ً مع هذا الرأي - هي فرنسا (79 %) ومصر (78 %). ويقول حتّى ثلاثة من أربعة بريطانيين – الذين هم أقرب حلفاء أمريكا – بأن الولايات المتحدة الأمريكيّة منافقة. أمّا الدولتان الوحيدتان اللتان تعطيان الولايات المتحدة علامات جيّدة فهما كينيا (55 %) ونيجيريا (52 %).

وبالنسبة للأمريكيين أنفسهم، فإنهم يعتقدون بأن سياسة بلادهم الخارجيّة قد تغيّرت. ففي الوقت الذي كان فيه عام 2008 (54 %) من الآمريكيين يعتقدون بأن حكومة بلادهم منافقة، يعتقد الآن (56 %) منهم بأن بلدهم تشكّل مثالا ً جيدا ً في احترام القانون الدولي.

ومن القضايا الدوليّة التي تجمع الشعوب فيها على إنتقاد سياسة الولايات المتحدة هي معالجة التغيير المناخي أو ما يسمّى ب "الإحتباس الحراري" حيث تقول (11) دولة من (18) دولة بأنها لا تؤيّد الكيفيّة التي تعالج بها الولايات المتحدة هذه القضيّة، وبالأخصّ الأوروبيون حيث أعربت أغلبيّات منهم عن إنتقادها للولايات المتحدة حول هذا الموضوع، منها بريطانيا (65 %)، فرنسا (62 %) وألمانيا (56 %).

وتنتقد معظم الدول الإسلاميّة أيضاً الولايات المتحدة حول موقفها تجاه هذه القضيّة العالميّة الخطيرة، وفي مقدمتها مصر (68 %)، الباكستان (62 %) وتركيا (56 %). وبالنسبة للدول الآسيويّة، فإنها تتخذ موقفا ً أكثر إيجابيّة ً تجاه الولايات المتحدة حول هذه القضيّة وهي كوريا الجنوبيّة (67 %)، إندونيسيا (56 %) والهند (53 %)، هذا بالرغم من أنّ أكبر دولة آسيوية وهي الصّين تميل أكثر إلى الجانب السّلبي (21 % مؤيدون لموقف الولايات المتحدة، 41 % معارضون). والآراء مرّة أخرى أكثر إيجابيّة لصالح أمريكا حول هذا الموضوع في نيجيريا (79 %) وكينيا (74 %). وبشكل ٍ عام، يعارض الولايات المتحدة في موقفها تجاه معالجة "الإحتباس الحراري" (41 %) ويؤيّدها (39 %) من الشعوب التي إستطلعت آراؤها.

وتحرز الولايات المتحدة الأمريكيّة في مجالين أخريين نقاط جيدة حيث تقول أغلبيّات السكان في جميع الدول المستطلعة باستثناء أربعة بأن الولايات المتحدة "متعاونة بشكل ٍ عام مع البلدان الأخرى". يعتقد هذا بالمتوسّط (59 %) بما فيهم (51 %) من الصينيين ونسبة كبيرة من الروس (47 %). ومن بين اللذين يميلون للإعتقاد بأن الولايات المتحدة غير متعاونة مع البلدان الأخرى هي جميع الدول ذات الأغلبيّة المسلمة مثل مصر (62 %)، العراق (58 %)، الباكستان (54 %) وتركيا (45 %).

يقول معظم السكان في (12) دولة من أصل (18) دولة بأن "الولايات المتحدة تحترم بشكل ٍ عام حقوق الإنسان". ونت بين هذه الدول أغلبيات عظمى تصل إلى (80 %) وفي مقدمتها كوريا الجنوبيّة، نيجيريا، أذربيجان وكينيا. وفي المتوسط، (51 %) من الشعوب التي تمّ إستطلاع آراؤها تعتقد بأن الولايات المتحدة تحترم حقوق الإنسان، في حين تعتقد (38 %) منها بأنها لا تفعل ذلك. ومن بين تلك الدول عدة بلدان ذات الغلبية المسلمة من السكان والمكسيك. الألمان منقسمون على أنفسهم حول هذا الموضوع.

وعند سؤال الدول موضوع الإستطلاع عمّا إذا كانت " الولايات المتحدة تلعب في الغالب دورا ً إيجابيّا ً أم دورا ً سلبيّا في العالم" كانت الآراء منقسمة على نفسها. تقول تسع دول بأن الولايات المتحدة تلعب في الغالب دورا ً إيجابيّا ً، ومن بين هذه الدول الحلفاء الأوروبيّون اللذين كانوا على أية حال في موقف ٍ ناقد جدا ً خلال فترة رئاسة جورج بوش. والآن تقول أغلبيّات في فرنسا (52 %) وبريطانيا (58 %) ونسبة كبيرة من الألمان (44 % مقابل 34 %) بأن الولايات المتحدة الأملايكية تلعب في الغالب دورا ً إيجابيا ً في العالم. كما يعتقد ذلك حوالي نصف الشعب المكسيكي (49 %)، هذا علاوة على أغلبيات كبيرة من شعوب كينيا (81 %) ونيجيريا (70 ) وكوريا الجنوبية (68 %) وتايوان (61 %).

على الجانب الآخر تقول تسع دول أخرى بأن "الولايات المتحدة الأمريكية تلعب في الغالب دورا ً سلبيّا ً في العالم". فبالرغم من خطاب الرئيس باراك أوباما في أنقرة / تركيا في مطلع شهر نيسان (أبريل) من العام الجاري يقول (72 %) من الأتراك بأن الولايات المتحدة الأمريكيّة تلعب في الغالب دورا ً سلبيّا ً في العالم، يليهم الباكستانيون بنسبة (69 )، فالمصريّون (67 %) ثم العراقيون (53 %). هذا إضافة إلى نسب كبيرة جديرة باهتمام في كلّ من روسيا (49 %)، الصين (41 %)، أوكرانيا (41 %)، إندونيسيا (39 %) وأذربيجان (38 %).

أما بالنسبة للشعب الفلسطيني بالتحديد، فإنهم يمثّلون أكبر غالبيّة سكانية في العالم تحجم عن منح الثقة للرئيس امريكي باراك أوباما فيما يتعلّق " بقدرته على فعل الصواب في القضايا الدوليّة". والفلسطينيون أيضا ً من ضمن أكبر الأغلبيات في العالم (87 %) التي تقول بأن "الولايات المتحدة تسيء إستخدام قوتها العظمى لتجعلها تفعل ما تريد هي". وهم يمثلون أيضا أغلبيّة كبيرة (61 %) ترى بأن الولايات المتحدة الأمريكيّة منافقة في تعزيزها القوانين الدوليّة ولكن دون أن تنفّذها هي على نفسها، هذا على الرغم من أنّ هناك تحسّن إيجابي في نظرتهم هذه إذا قورنت بالسنة المنصرمة 2008 حيث وصلت هذه النسبة إلى (72 %). وتعتقد نسبة لا بأس بها منهم (37 %) بأن الولايات المتحدة تشكّل مثالاً جيدا ً في إحترام القوانين الدولّية، في حين لم تتعدى هذه النسبة (27 % ) في عام 2008.

وختاما ً، فإن نسبة الفلسطينيين اللذين يرون بأن الولايات المتحدة تعاملهم بإنصاف لا تتعدى (5 %) بينما ترى الأغلبيّة الساحقة منهم (87 %) بأن الولايات المتحدة الأمريكية تسيء إستعمال قوتها العظمى لتجعلهم يفعلون ما تريد الولايات المتحدة نفسها.

تعليق د. نبيل كوكالي

يعلّق د. نبيل كوكالي بصفته المدير العام للمركز الفلسطيني لاستطلاع الرأي العام على نتائج هذا الإستطلاع بقوله:" بالرغم من أنّ كفّة ميزان الثقة تميل الآن إلى جانب الرئيس أوباما وبالأخصّ بعد خطابه الأخير في جامعة القاهرة، غير أنّ تصريحاته حتى الآن لم تستطع أن تزيل شكوك الفلسطينيين بسياسة أمريكا الخارجية في منطقة الشرق الأوسط".

واستطرد د. كوكالي قائلاً:" على الرئيس أوباما ترجمة الأقوال بالأفعال لكسب ثقة الفلسطينيين، فعقود طويلة من السياسة الظالمة المنحازة لإسرائيل وتجاهل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني على أرضه تركت جراحا ً عميقة في نفوس الفلسطينيين لا تمحوها بضع تصريحات. على الولايات المتحدة أن تضع مع حلفائها الأوروبيين جدولا ً زمنيّا ً صارما ً ينتهي تنفيذه بتسوية الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينيّة المستقلّة وعاصمتها القدس الشريف وحلّ مشكلة اللآجئين".

وأضاف د. كوكالي يقول:" حان الوقت للولايات المتحدة أن تضغط بجديّة على إسرائيل لوقف جميع الأنشطة الإستيطانيّة والقبول بحلّ الدولتين وإزالة الحواجز وجدار الفصل العنصري وتسهيل حركة الفلسطينيين على المعابر الحدوديّة. وقبل كلّ شيء رفع الحصار الظالم الذي فرض على إخواننا الفلسطينيين في غزة منذ حوالي 3 سنوات والإمتثال للقانون الدولي من جميع النواحي".