الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

فياض: سنعمل على توفير التمويل اللازم لتنفيذ مشروع تأهيل 50 قرية

نشر بتاريخ: 12/10/2009 ( آخر تحديث: 12/10/2009 الساعة: 21:19 )
رام الله-معا- توجه رئيس الوزراء د.سلام فياض بالشكر للقائمين على مؤتمر "بينالي رواق للمعمار الشعبي الثالث" والذي عقد تحت عنوان " جغرافيا خمسين قرية" في جامعة بيرزيت واكد على توفير التمويل اللازم لتنفيذ مشروع تأهيل 50 قرية.

واشاد فياض بكافة الذين يبادرون لتحمل المسؤولية من أجل حماية التراث الثقافي في فلسطين، شكر جامعة بيرزيت على احتضانها المؤتمر، واهتمامها الدائم بقضايا المجتمع وفي مقدمتها حماية التراث الثقافي للشعب الفلسطيني، وشكر ضيوف فلسطين من متضامنين ومعماريين الذين شاركوا معبرين عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني وحقوقه.

واشار الى ان فلسطين تحوي كنوزا معمارية هائلة، تضعها في موقع مرموق على قائمة الدول التي استطاعت حماية جزء هام من التراث الثقافي العالمي.اضافة الى ما تحويه من أماكن ذات صبغة واهتمام عالمي مثل القدس وما تضمه من مبان وصفها بالرائعة مثل قبة الصخرة والمسجد الأقصى بالإضافة الى عشرات المباني التاريخية التي يضمها الحرم الشريف بشكل عام والقدس القديمة بشكل خاص.

كما اوضح فياض ان القدس تضم أيضا كنيسة القيامة أحد أهم المعالم الدينية المسيحية في العالم.. وذكر بيت لحم التي يرى انها تحوي كنيسة المهد إحدى أقدم وأهم كنائس العالم.

وذكر فياض في حديثه ايضا الحرم الإبراهيمي في الخليل، مؤكدا ان مجموع هذه المباني تجعل أكثر من نصف سكان العالم ينظرون إلى فلسطين بشكل يومي ويتطلعون الى القدس وبيت لحم والخليل في صلواتهم وأدعيتهم، مما يفرض مسؤوليات جسيمة.

واشار ايضا الى كون فلسطين تضم الى جانب المقدسات المذكورة آلاف المقامات والكنائس والمساجد التاريخية، ومنها مقام النبي موسى، ومقام النبي يحيى، والأديرة الصحراوية، وكنيسة عابود، مؤكدا انها كلها منفردة او مجتمعة تشكل إرثا حضاريا عالميا من الطراز الأول لا تحتله أية دولة في العالم. فضلا عن الكم الهائل من المواقع والمعالم الأثرية مثل تل السلطان، وتل النصبة، وتل الجيب، وتل بلاطة، وسبسطية التي تحول فلسطين كلها حسب قوله الى معلم تاريخي عالمي لا يضاهى.

كما اشاد فياض بدور البلدات القديمة في الحفاظ على مخزونها الحضاري في كل من القدس ونابلس والخليل وبيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور وغزة وجنين، منوها الى ان فلسطين تمتلك مخزوناً حضارياً ووطنياً وعجلة أساسية من عجلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وان الحفاظ عليه يشكل مهمة انسانية.

وعن دور السلطة الفلسطينية تجاه هذا التراث قال فياض " ان السلطة تعتبر نفسها قيمة على هذا التراث وحامية له باسم الشعب الفلسطيني أولا وباسم الإنسانية بشكل عام، و لابد لنا من حماية وتطوير هذا التراث الذي يشكل قطاعا هاما من قطاعات التنمية في فلسطين. وعلاوة على قيمته للهوية الوطنية، وقيمته للاقتصاد فإن حمايته ستساهم في حماية البيئة لتصبح أكثر نظافة، وبالتالي فإن حماية التراث هو التزام دستوري ينص عليه القانون الأساسي لفلسطين".

واضاف" ان الدوافع الأساسية لحماية البلدات التاريخية في فلسطين هو أن إسرائيل قد قامت بتدمير أكثر من 450 قرية وبلدة ومدينة فلسطينية بعد العام 1948، دمرتها بما فيها من مبان وبيوت وذكريات ومقامات وكنائس ومقابر وشوارع وحقول وحدائق ومزارع وممرات وبيادر وذكريات وعلاقة بالمكان. فحماية بلداتنا التاريخية هي حماية لعلاقتنا التاريخية المتجذرة بالمكان وذلك عبر العصور والأيام وبشكل متواصل لم ينقطع".

كما ذكر فياض أن حمايتها هو دليل أن الفلسطينيين لم يأتوا الى هذه الأرض قبل أربعين او ستين سنة لينشئوا مستوطنات عابرة، ولكن جذورهم في فيها تعود الى البدايات وستظل حتى النهايات حسب ما اشار، وقال" فالمستمر هو جبع والجيب ومخماس والنبي صالح، والزائل هو جبعون وجيفع ومعاليه مخماش وحلميش".

واشاد بجهود السلطة التي وصفها بالجيدة في سبيل حماية التراث الثقافي. وتحدث عن دور الرئيس الراحل ياسر عرفات في" تشكيل لجنة إعمار الخليل"، حيث ذكر انها قامت بترميم مئات المباني في البلدة القديمة في سبيل حمايتها كإرث حضاري فلسطيني من جهة، وفي سبيل حمايتها من التوسع الاستيطاني من جهة ثانية. واضاف "ان السلطة الوطنية تتحمل مسؤولياتها التاريخية تجاه الخليل وتراثها عبر الدعم غير المحدود الذي تقدمه الى لجنة إعمار الخليل، والتي قام الرئيس أبو مازن مؤخراً بتوسيعها. وقد استحقت لجنة اعمار الخليل بجدارة جائزة ياسر عرفات على دورها الوطني والمعماري في حماية البلدة القديمة وتراثها من عبث وتخريب المستوطنين".

وعن منجزات السلطة في محافظة بيت لحم ثمن فياض الحهود التي وصفها بالكبيرة لحماية البلدة القديمة في كل من بيت لحم وبيت ساحور وبيت جالا احتفالا بالألفية الثالثة. وذكر ان مركز حفظ التراث في بيت لحم في مهمته حتى اليوم، مؤكدا ان السلطة تقوم بجهود حثيثة لاعمار البلدة القديمة في نابلس وانها تعمل على دعم وتشجيع وإعمار وترميم البلدة القديمة في القدس، اضافة الى قيام الحكومة من خلال وزارة السياحة والآثار بجهود متواصلة لحماية التراث الثقافي بشقيه الآثار والعمارة التاريخية.

واضاف" حملت وثيقة برنامج الحكومة " فلسطين إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة" الكثير من هذه التوجهات، وذلك ضمن فلسفة ورؤية واضحة تقضي بحماية التراث في فلسطين".

ونوه ايضا الى ما تقوم به الحكومة من دعم للمجتمع المدني وتحفيزه على القيام بواجباته في حماية التراث الثقافي في فلسطين حيث يرى ان الحكومة وحدها لن تستطيع التصدي لكل التحديات ولذا فهي تسعى الى توثيق العلاقة بين البلديات ووزارة الحكم المحلي، ووزارة السياحة الآثار، ومؤسسات المجتمع المدني للقيام بهذه المهمة التاريخية المتمثلة بحماية التراث الثقافي فيفلسطين وفقا لأفضل المعايير المقرة دولياً حسبما اشار، مؤكدا ان فلسطين تشارك سواء عبر اليونسكو او عبر شبكات دولية لتحسين آدائها في حماية التراث والارتقاء به الى المستويات المعمول بها دوليا، وان الحكومة تعمل على إقرار قانون حماية التراث الثقافي في فلسطين لأن القوانين السائدة اصبحت قديمة وغير قادرة على مواكبة التحديات. وذكر ان السلطة عملت في الماضي وبالتعاون مع رواق وجامعة بيرزيت على اقتراح قانون عصري إلا أنه لأسباب مختلفة لم يتم إقراره. واردف قائلا " إننا نتعهد أمامكم بالعمل على مراجعة هذه القانون وتحديثه، آملين أن يتم إقراره في المستقبل القريب".

وقال فياض "إن الكثير من المدن والقرى الفلسطينية التاريخية تعرضت للدمار بفعل الاحتلال، ويمكن لنا أن نستذكر في هذا المقام ما قامت به الدبابات والجرافات الاسرائيلية في نابلس القديمة في نيسان عام 2002 من دمار واسع. والأمر ذاته حصل في بيت لحم، كما أن تدمير الاحتلال لتراثنا الثقافي يتم بوتيرة منظمة في البلدة القديمة من الخليل. ولكن دعونا نعترف أن هنالك دماراً ناتجاً أيضا عن عدم اهتمامنا الكافي بتراثنا. فبسبب التمدد العمراني السريع وعدم وجود قوانين قادرة على الحماية، وبسبب تدني الوعي العام، فإن بلداتنا القديمة تعاني من خطر الاختفاء او التهميش، وبالتالي خسارة جزء أساسي من مكونات هويتنا الوطنية. ولا بد اذن من أن يتغير هذا الوضع، فلا يمكن تصور أي تطور في فلسطين على حساب التراث والهوية، و يجب أن يتوافق التطوير والتنمية مع معايير حماية التراث الثقافي، و يجب التقدم خطوة أبعد من ذلك، وهي المزاوجة بين حماية التراث والتنمية، والبحث عن أفضل السبل التي تقود الى الاستثمار في التراث من باب التنمية الاقتصادية والاجتماعية"
.
واضاف "إننا نقدر الدور الريادي والكبير الذي قام به "رواق" منذ تأسيسه عام 1991، حيث نشر ثقافة حماية العمارة التاريخية سواء من خلال العدد الكبير من الكتب والمقالات او من خلال سجل رواق للمباني التاريخية في فلسطين والذي نشر ملخصه في ثلاث مجلدات ، اضافة الى عشرات المؤتمرات والندوات وورش العمل والدورات التي نظمها خلال العقدين الماضيين. وأكثر ما يثير الإعجاب في انجازات رواق هو انجاز ترميم وإعادة الحياة الى أكثر من 80 مبنى منتشرة في حوالي 70 قرية، تحولت جميعها الى مراكز ثقافية او جمعيات نسوية او مراكز شبابية او مقرات لمجالس قروية وبلدية او مكتبات عامة. وبذلك استطاعت نشاطات" رواق" الى جانب نشاطات المؤسسات الشبيهة،في وضع التراث الثقافي الفلسطيني على سلم الأولويات."

كما اسهب رئيس الوزراء في الاشادة بجهود "رواق" في حماية مباني منفردة إلى حماية بلدات تاريخية كاملة مثل بيرزيت والطيبة والظاهرية، معبرا عن امله في توسيع رقعة هذه الجهود، مثمنا مشروعها "خمسون قرية" الذي يرى انه جاء "تتويجا لجهود طويلة، أسفرت عن برنامج عمل جديد "لرواق" يتمثل في العمل على حماية المراكز التاريخية لخمسين قرية في فلسطين، والتي ستقود الى حماية أكثر من 50% من المباني التاريخية فيها."

واضاف "وفي الإطار ذاته، فإن وثيقة برنامج عمل الحكومة " فلسطين: إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة" تتطلب أقصى درجات التعاون والعمل المشترك بين المؤسسات الرسمية والأهلية سواء في مجال التراث الثقافي أو غيره من المجالات".

كما اكد فياض على انه تم قبل أيام توقيع مذكرة تفاهم في مجال القطاع الزراعي بين المؤسسات الأهلية ووزارة الزراعة، وأن العمل جار لبلورة مذكرة تفاهم، ورؤية مشتركة بين السلطة الوطنية والمؤسسات الأهلية وتعميق هذا التكامل في مختلف المجالات للإسهام المشترك والفعال في بلورة الخطط التفصيلية للقطاعات المختلفة مثلما فعلت وزارة الزراعة، منوها الى ضرورة تعميم هذا النموذج وفق تلك المبادئ الأساسية التي سيتم بلورتها.

واختتم فياض حديثه معلنا تبني السلطة لمشروع "رواق" المذكور ومؤكدا العمل مع المانحين لتوفير التمويل اللازم لتنفيذه والبالغ 50 مليون دولار. كما وأعلن عن الالتزام بالعمل على توفير تمويل بقيمة 2.5 مليون دولار، للبدء في تأهيل أول خمس قرى من الخمسين قرية التي يتضمنها المشروع. كما اثنى على المؤسسات المحلية والدولية التي تعمل مع الشعب الفلسطيني والسلطة من اجل حماية التراث الثقافي، واعتبر أن ذلك يأتي في سياق دعم حق الفلسطينين في العيش كباقي شعوب العالم بحرية وكرامة في دولته المستقلة وعاصمتها القدس على حدود عام 1967.