الأحد: 28/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

التمكين الذاتي: رؤية يحملها فياض لتخفيف الاعتماد على التمويل الخارجي

نشر بتاريخ: 06/12/2009 ( آخر تحديث: 07/12/2009 الساعة: 08:50 )
رام الله -معا- هل يمكن ان ياتي يوم نستغني فيه عن التمويل والمساعدات الخارجية ؟ ببساطة يؤكد رئيس الوزراء د.سلام فياض، انه يمكن ذلك وان السلطة الفلسطينية تتطلع الى ذلك اليوم الذي يمكن للسلطة الفلسطينية زيارة الاعتماد على الايرادات المحلية لتغطية احتياجاتنا في تنفيذ المشاريع التنموية والبنية التحتية.

ولم يكتف فياض بذلك بل زاد عليه بالقول، امس، خلال انطلاق برنامج تطوير البلديات "اعتمادنا على الدعم الدولي هو واقع وليس سياسة لدى السلطة الوطنية"، مشددا على حرص السلطة الوطنية على مواصلة مساعيها لتقليل الاعتماد على المساعدات الدولية قدر الامكان من خلال تعزيز وتطوير الايرادات الفلسطينية المحلية.

وتستند الرؤية التي يسعى فياض من خلال حكومته لتنفيذها الى فكرة "التمكين الذاتي" التي تشتمل على تمكين المواطن ودعم صموده وتمكين مؤسسات السلطة الوطنية من خلال بناء مؤسسات فاعلة وقادرة على تقديم افضل الخدمات للمواطنين".

وياتي في اطار تنفيذ هذه الرؤية ما قامت به الحكومة بتمويل ما نسبته 10% من مجموع الدعم المقدم من قبل الجهات المانة للمشاريع التنموية ومشاريع البنية التحتية خاصة في المناطق الريفية والمهمشة والمتضررة من المشروع الاستيطاني الاسرائيلي.

وقال " ها نحن نمول من ايراداتنا نسبة 10% ونتطلع الى اليوم الذي نزيد فيه هذه المساهمة للوصول الى مرحلة تمكين ذاتنا في تمويل هذه المبادرات"، مشيرا الى ان الحكومة من خلال الدعم الدولي على تنفيذ قرابة 960 مشروعا في مناطق شملت مشاريع انشاء المدارس والبنية التحتية وشبكات الكهرباء والمياه.

واوضح ان هناك 600 مشروع مازالت قيد التنفيذ وترمى الى تطوير مستوى الخدمات المقدمة للجمهور من اجل تعزيز صمودهم باعتبار ذلك المربع الاول في وثيقة انهاء الاحتلال وبناء مؤسسات الدولة في الاراضي المحتلة عام 1967 في قطاع غزة والضفة وفي القلب منها القدس عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة.

ومن الواضح ان فياض وغيره من الوزراء الحاليين والسابقين يدركون اثر حالة تشتت الدعم المالي للسلطة الفلسطينية من خلال تقديمه من جهات متعددة دون استراتيجية فلسطينية واضحة للتعامل مع التمويل الخارجي ودون الاستناد الى الاحتياجات الفعلية للشعب الفلسطيني الامر الذي ادى الى دخول اموال طائلة من المانحين دون ان تترك اثرا واضحا في بنية مؤسسات المجتمع وادت الى نجاح افراد في حين فشلت المؤسسة.

مؤشرات الادراك لهذه المعضلة لدى الحكومة والقيادة الفلسطينية قادت الى انشاء صندوق تطوير واقراض البلديات بعد قرابة 11 عاما من تأسيس السلطة الوطنية ليكون بمثابة القناة الرئيسية والمفضلة لدعم عملية التطوير والاصلاح للهيئات المحلية بعد ان كان الدعم ياتي بـ"المرفق " لهذه البلديات والهيئات، واكثر ما زاد من اهمية هذا الصندوق هو تجاوب الجهات الدولية المانحة في التعامل مع هذا الصندوق الذي ينسجم تماما مع الاجندة والسياسات الوطنية كونه جاء كجزء من مبادرة السلطة الوطنية لتحقيق الفعالية والاصلاح والشفافية على طريق بناء الدولة المستقلة.

فياض ابدى التزام الحكومة والسلطة الوطنية بدعم برنامج تطوير البلديات وصندوق الاقراض ، مؤكدا ان اهمية هذا البرنامج انه يتزامن مع استكمال العمل المؤسساتي وتقويتها مؤسسات الدولة، كما اكد التزام الحكومة بالعمل على تكريس أفضل وسائل الشفافية والنزاهة في عمل المؤسسات على طريق بناء الحكم الرشيد، مؤكدا أهمية الدور الذي تلعبه البلديات والهيئات المحلية كونها على تماس مباشر مع احتياجات الجمهور ، داعيا المجتمع بمختلف مؤسساته وقطاعاته للمساهمة في تطوير البلديات وتعزيز صمود المواطنين في مواجهة سياسة الاحتلال.

واكثر ما يزيد من اهمية هذا البرنامج كونه يعيد ربط العلاقة الوطيدة ما بين الجمهور وبين مؤسسات السلطة الوطنية من خلال البلديات والهيئات المحلية القادرة على تحديد احتياجات المواطنين وتقديم الخدمات وفق لتلك الحاجة اضافة الى ان الحديث يدور عن الالتفات الى حوالي 74% من المجتمع الفلسطيني الذين يعيشون في مناطق حضرية في الضفة ويعيشون في 107 بلديات بينما يعيش كل قطاع غزة في 25 بلدية، الامر الذي يؤدي الى زيادة ثقة المواطنين بالسلطة الوطنية ومؤسساتها والتعامل معها على اساس انهم جزء منها وهي جزء منهم وليست مشروع لجماعات وافراد كما ساد الانطباع في اوساط المواطنين.

وما لاشك فيه ان تطبيق الرؤية التي يعمل على تنفيذها د.سلام فياض استنادا لمؤسسات السلطة الوطنية واحتياجات الشعب الفعلية تساهم الى حد كبير في التخلص من اثار التمويل الخارجي على المجتمع مع الادراك الواعي بان الشعب الفلسطيني لن يكون بمقدوره الاستغناء عن هذا التمويل 100% ، لكن في الوقت ذاته لا يعني ان نلتفت الى اهمية تعظيم ايراداتنا المحلية الذاتية الى اقصى درجاتها بما يعود بالنفع على المواطنين وعلى السلطة والقضية الوطنية حينما يتم استغلال كل قرش ياتي من دول صديقة وجهات دولية مانحة في مكانه الحقيقي بما يؤسس حقيقة لدولة مؤسسات قادرة على تقديم الخدمات للمواطنين، والخروج من جالة اللطم والشتم التي تدور حول التمويل السياسي الى مرحلة التمكين الذاتي حتى نكون قادرين على اثبات قدراتنا الابداعية التي تتفجر في بناء الدولة وتخمد في وطننا.