الخميس: 09/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

باحثون يؤكدون على دور المؤسسات الأهلية في تنمية المجتمع وتعزيز السلم

نشر بتاريخ: 06/01/2010 ( آخر تحديث: 06/01/2010 الساعة: 10:15 )
غزة- معا- أكد باحثون ومشاركون بضرورة تعزيز روح التعاون والمشاركة بين مؤسسات العمل الأهلي من أجل ترسيخ مفاهيم السلم الاجتماعي، والعمل على إيجاد خطة وطنية متكاملة لعمل المؤسسات الأهلية وتقسيم الأدوار بشكل لا يخلق تعارض أو تكرار في تقديم الخدمات أو التغطية الجغرافية، وبلورة وتطوير خطة طوارئ واضحة المعالم ومتفق عليها تعتمد على احتياجات المجتمع الفلسطيني.

جاء ذلك خلال يوما دراسيا نظمة قسم الدراسات الإنسانية في الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية فرع خانيونس بعنوان "واقع المنظمات الأهلية بين النظرية والتطبيق", بحضور كلا من الدكتور خضر الجمالي نائب العميد للشئون الأكاديمية، المهندس وسام ساق الله رئيس فرع الكلية بخانيونس، وأحمد حمد رئيس اللجنة التحضيرية لليوم الدراسي ومنسق اختصاص الخدمة الاجتماعية، إضافة إلى مدرسي الاختصاص ولفيف من المهتمين بالعمل المؤسساتي وممثلين عن المؤسسات الأهلية والكليات والجامعات العاملة في قطاع غزة والعشرات من طلبة الكلية.

بدوره رحب أحمد حمد رئيس اللجنة التحضيرية بالحضور، موضحا أن المجتمع الفلسطيني يضم بين جنباته المئات من المؤسسات الأهلية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والرياضية المختلفة والتي تقدم العديد من الأدوار التنموية والانتاجية لصالح مختلف فئات المجتمع الفلسطيني، مضيفا أن اختصاص الخدمة الاجتماعية يهدف من خلال هذا اليوم الدراسي إلى تسليط الضوء أكثر على واقع المؤسسات الأهلية في الأراضي الفلسطينية والتعرف على دورها في تطوير وتنمية المجتمع المحلي والخدمات التي تقدمها لشرائحه المتنوعة، مثمنا دور كل من شارك وساهم في إنجاح هذا اليوم العلمي.

وأوضح المهندس وسام ساق الله أن فرع الكلية بخانيونس يمثل أحد ثمرات التوسع التي تشهدها الكلية الجامعية في ظل الإقبال الشديد من طلبة القطاع على الدراسة فيها وضمن اختصاصاتها المتعددة المبدعة في برنامجي البكالوريوس والدبلوم، مضيفا أن الكلية بخانيونس تقدم خدماتها التعليمية لشريحة كبيرة من طلبة المنطقة الجنوبية عبر مجموعة من الاختصاصات المتميزة التي تلبي احتياجات ومتطلبات المجتمع الملحة، آملا أن ينجح الباحثون والمشاركون في الخروج بتوصيات تخدم الأفراد والمجتمعات.

من ناحيته شكر الدكتور خضر الجمالي اختصاص الخدمة الاجتماعية على تنظيمه لهذا اليوم الدراسي الذي يتناول دور المؤسسات الأهلية في خدمة المجتمع ومساهمتها في تنميته، منوها إلى الدور الكبير الذي لعبته هذه المؤسسات بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة من خلال مساعدة المتضررين وتقديم العون لهم، موضحا أن هذا اللقاء العلمي يعزز قيمة المؤسسات الأهلية لما لها أدوار جليلة في دعم المجتمع المحلي بمختلف شرائحه وأفراده.

وحول "واقع منظمات العمل الأهلي في فلسطين بين النظرية والتطبيق" أوضحت مريم زقوت المدير العام لجمعية الثقافة والفكر الحر في ورقتها أن قطاع العمل الأهلي في الأراضي الفلسطينية يعتبر من أهم القطاعات الفاعلة في المجتمع المدني الفلسطيني، حيث تلعب مؤسسات العمل الأهلي دور حيوي وفعال في إطار تنشيط الحراك الديموقراطي داخل المجتمع كونها أهم قنوات المشاركة الشعبية، مضيفة أن المؤسسات الأهلية في فلسطين لعبت دوراً مركزياً في الحفاظ على النسيج الوطني الفلسطيني من التفكك خلال العمل الوطني التحرري منذ العام 1918 وذلك من خلال الجمعيات المتنوعة التي شكلت الرافد التاريخي المركزي للمقاومة الذي ساعد في الحفاظ على دافع مناهضة الاحتلال الاسرائيلي لاحقاً.

وأشارت زقوت إلى دور المؤسسات الأهلية في التأثير بالقوانين والتشريعات والأنظمة والإجراءات والسياسات العامة لصناع القرار، وكذلك في متابعة عملية الإصلاح الداخلي وبناء وتطوير الوعي المجتمعي وفي تقديم الخدمات الطارئة والتنموية، بالإضافة إلى التطوير المؤسسي والتنظيمي وتنمية الموارد البشرية والتشبيك والتنسيق والتعاون والتشاور فيما بين المنظمات الأهلية ومع بعضها البعض، وأيضا في التنمية الشبابية من خلال تطوير الكفاءات والخبرات وإكساب فئة الشباب المهارات المتنوعة، منوهة إلى أن المؤسسات الأهلية تواجه العديد من الصعوبات في عملها وخاصة في عمليات التمويل والإدارة والتخطيط والقوى العاملة والتشبيك الداخلي والخارجي ووضوح الرسالة وغيرها من الصعوبات.

وعن "الدور التنموي و الإنتاجي لمؤسسات العمل الأهلي" ذكر نبيل جمعة خلال ورقته أن الإبقاء على الدور الخيري القديم للجمعيات واعتبارها مجرد وسيط بين المانح والممنوح، عبر تنظيمهما لأدوار العمل الخيري والاكتفاء بتقديم المساعدات إلى المحتاجين لم يعد يلبي الحاجات الاجتماعية المتجددة، مؤكدا على ضرورة الارتقاء بعمل الجمعيات لتصبح قادرة على المساهمة الفعالة في عملية التنمية وتشارك في معالجة مشكلات البطالة أو الفقر عبر توفير فرص عمل جديدة أو إتاحة الفرصة لذوي الدخل المنخفض لزيادة إنتاجيتهم.

وأضاف جمعة: يجب أيضا الانتقال من الأدوار العلاجية للنتائج السلبية الناجمة عن سوء توزيع الدخل، إلى المساهمة في رسم وتنفيذ سياسات وقائية تعيد النظر في آليات وأساليب توزيع الدخل ضمن المجتمع، إضافة إلى تحديث القوانين الناظمة لعمل الجمعيات والمنظمات الأهلية المختلفة، سواء لجهة علاقتها بالدولة أو لجهة علاقتها بالفئات المستفيدة. وهو ما يتطلب أنظمة وقوانين جديدة تتصل بتنظيم مجالس إدارتها وتحديد الجهات المشرفة على عملها ومصادر تمويلها بما يتناسب مع مهامها الجديدة.

وفي ورقة عمل "دور المنظمات الأهلية في السلم الاجتماعي" عرف إياد أبو حجير نائب مدير المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات السلم الاجتماعي بأنه حالة السلم والوئام داخل المجتمع نفسه، وفي العلاقة بين شرائحه وقواه، وهو يعكس سلامة العلاقة الداخلية بين مكونات المجتمع وإمكانية تطوره ونهضته، وإذا ما فقدت حالة السلم الاجتماعي أو ضعفت داخل المجتمع، فإن النتيجة الطبيعية لذلك هي تدهور الأمن وزعزعة الاستقرار وبالتالي تراجع فرص التنمية والنهوض مما يقود المجتمع نحو التخلف.

وعن دور دور المنظمات الأهلية في تعزيز السلم الاجتماعي في المجتمع الفلسطيني أوضح أبو حجير أن المنظمات الأهلية تعتبر مكوناً أساسياً من مكونات المجتمع المدني في فلسطين، وتقوم هذه المنظمات بأداء دورها في مجالات إغاثية وخدماتية وتنموية وتثقيفية عديدة مما يؤهلها أن تلعب دورا هاما ومحوريا لتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية وفي تعزيز السلم الاجتماعي بين مكونات المجتمع الفلسطيني، ولكن هذا الدور المرتقب ما زال باهتا وضعيفا ومحدود التأثير ويحتاج تضافر جميع الجهود لحل هذه الأزمة وإعادة اللحمة بين شطري الوطن.

وفي ورقة أخرى بعنوان "دور المنظمات في التخفيف من الآثار النفسية - الاجتماعية الناتجة عن الحرب الاسر ائيلية على غزة" تحدث أخصائي الطب النفسي الدكتور نمر أبو زرقة مدير مركز خان يونس المجتمعي عن تجربة مركز غزة للصحة النفسية وكيف شكلت بعد انتهاء العدوان فرق التدخل بالأزمات للعمل مع المواطنين في الأماكن المتضررة وفي المدارس لاكتشاف الحالات المصابة ولدراسة حجم الضرر النفسي والجسدي الذي لحق بهم، ثم استخدام العلاج المناسب لإنقاذ المصابين سواء عن طريق التفريغ الانفعالي أو استخدام بعض الأدوية وذلك من خلال زيارات منظمة ومتكررة لأسر المصابين.

وأفاد أبو زرقة أن الفرق العاملة نجحت من خلال جلسات التفريغ الانفعالي في إعادة بناء الثقة بالنفس لدى العديد من الأطفال والحالات المصابة وحفزت لديهم القدرة على متابعة وممارسة حياتهم المرحلية والمستقبلية بشكل طبيعي.

أما محمد أبو مصبح منسق عام دائرة الشباب والمتطوعين في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني فقد أوضح في ورقته بعنوان "دور المنظمات الأهلية في رفع مستوى العمل التطوعي" أن التطوع هو قيام أفراد أو مجموعات بتقديم جهد بهدف خدمة المصلحة العامة وبدون تحقيق منفعة ذاتية من أجل المساهمة في خدمة المجتمع المحلي أو المجتمع الواسع بصورة عامة، مؤكدا أن للتطوع أهمية وقيمة كبرى في حياة الأفراد، حيث يسهم في صقل شخصياتهم ويعزز روح المبادرة والتعاون لديهم ويتجاوز الانتظارية والاتكالية ويولد فيهم الانتماء الاجتماعي "الطبقي" مع الفئات الضعيفة إضافة إلى تعزيز روح المشاركة والإيثار عندهم.

ودعا المشاركون إلى الاهتمام بشريحة الشباب وإشراكهم في العملية التنموية والتعامل معها كطاقة فاعلة ومنظمة، وتعزيز لغة التسامح والحوار خصوصاً بين الشباب في أطراف الصراع وذلك من خلال أنشطة مشتركة ثقافية وفنية ورياضية، وعمل حلقات توعية وإرشاد للمواطنين حول كيفية التعامل وقت الأزمات، وإدارج برنامج لتأكيد العمل التطوعي وتأمين حركة المتطوع بأن يكون حق الأولية في العمل بالمؤسسة للمتطوع ذو الخبرة والكفاءة العلمية.

وأكد الباحثون على ضرورة عقد ورش عمل للمهنيين والأخصائيين بكيفية التعامل وكيفية تقديم المساعدة وقت الأزمات، وبلورة رؤية لمشاركة المنظمات الأهلية في صناعة القرارات المصيرية في حياة المجتمع الفلسطيني، والاتفاق على أولويات العمل الأهلي القائمة على الحاجات الملحة، وتقسيم الأدوار بشكل لا يخلق تعارض أو تكرار في تقديم الخدمات أو في التغطية الجغرافية، وكذلك رفع مستوى التنسيق بين المؤسسات الأهلية من أجل ترسيخ مفاهيم السلم الاجتماعي ولممارسة الضغط على المسئولين من لتعزيز السلم في المجتمع.

كما تم تكريم المشاركين وتوزيع شهادات الشكر والتقدير عليهم وعلى أعضاء اللجنة التحضيرية لليوم الدراسي.