الأربعاء: 24/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

التلفزيون الاسرائيلي بين المذيعات الحسناوات وضباط الاعلام الحربي!

نشر بتاريخ: 18/07/2006 ( آخر تحديث: 18/07/2006 الساعة: 12:56 )
معا- كتب ناصر اللحام - تقرير - على طريقة الجريء والجميلة تتوزع الادوار في التلفزيون الاسرائيلي، وفي اليوم الخامس للحرب على لبنان, تدخلت الرقابة العسكرية الاسرائيلية بشكل سافر في حرية الاعلام والنشر والبث ( هي قائمة دوما ) حيث يحاول الاعلام الحربي الفرض على قنوات التلفزيون الاسرائيلي تحطيم الصورة الكاريزماتية لحسن نصر الله وقد غضب وزير القضاء الاسرائيلي حاييم رامون كثيرا من الصحافي تسفي يحزقيلي حينما اقتبس الاخير مقولة لحسن نصر الله وقال له اقتبس من اولمرت وليس من نصر الله علما ان رامون انقلب بشكل عدائي ضد العرب مؤخرا وبشكل فاجأ الفلسطينيين والعرب ، وانتقل من معسكر السلام الى معسكر المطالبين بقصف بيروت ومؤسساتها المدنية ؟

وطلبت الناطقة بلسان الجيش العقيد ميري ريجيف في اتصال مباشر وعلى الهواء من محطات البث الكف عن نقل وقائع سقوط الصواريخ حتى لا يستفيد " العدو" منها ، وبالفعل لم يستضف التلفزيون العبري اي عضو كنيست عربي او اي ناشط يهودي مناهض لحكومة اولمرت وللحرب على لبنان .

وباعتبار ان عبارة "حتى لا يستفيد العدو" هي الذريعة التي استخدمتها جميع الحكومات لقمع الصحافة, فقد انتهز ضباط الاعلام الحربي الفرصة لينقضوا على مايكرفونات البث ويدحروا المراسلين السياسيين والصحافيين والسياسيين الذين لا يتفقون معهم .

والحق يقال, ان وسائل الاعلام الاسرائيلية وفي الايام الخمسة الاولى لحرب لبنان الجديدة كانت على مستوى مقبول من المهنية والموضوعية وعملت على توزيع فترات البث او صفحات النشر بين مختلف الفئات ما امكن ,وسمحت بالتحليل والنقد والمتابعة في اطار الحد الادنى حتى صباح 16 تموز.

وقبل اتصال الناطقة بلسان الجيش وطلبها وقف البث المفتوح كان عدد من ضباط الاعلام الحربي( وهم ليسوا صحافيين) مثل ايهود يعاري ورون بن يشاي وروني دانييل ايدوا وطالبوا بشكل مناف لاخلاق الصحافة على قصف قناة المنار ومنع التلفزيونات" المعادية" من الاستفادة من حرية التغطية.

وبالفعل جرى احتجاز مراسل الجزيرة الياس كرام وتلاه احتجاز مدير الجزيرة وليد العمري ولحق بهما احتجاز مراسل قناة العالم الايرانية خضر شاهين, والمصور احمد جلاجل.

اما المراسلات الجميلات اللواتي اخذن على عاتقهن نقل التقارير من الميدان واظهرن نجاحاً فائقاً بل وعرّضن انفسهن للخطر ونجون احيانا من موت محقق, لدرجة ان المحلل السياسي امنون رابينوفيتش قال للمذيعة رينا متصيلح " لا تقتلي نفسك من اجل التلفزيون اختبئي من الصواريخ" ومثلها ميراف وكانت المذيعات يواصلن البث المباشر تحت زخ الصواريخ فيما قادة الشرطة يسارعون للاختباء من القصف .

ولان الصحافيين الفلسطينيين يتابعون محطات التلفزة العبرية وتقوم شبكة معاً بترجمتها فقد اصبح الامر مدعاة للبحث والمراقبة .

فالرقابة العسكرية شّنت محاولة للسيطرة على عنق الصحافة المدنية الاسرائيلية تحت ذريعة حماية الجبهة الداخلية ولكن عدداً من كبار الصحافيين تصدوا لها ونجحوا نسبياً في منع ذلك بصورة كاملة .

القناة الاولى, وهي حكومية ونسبة مشاهدتها حوالي 12% في المجتمع الاسرائيلي لا تزال نحافظ على نهجها الملازم للحكومة ولكن بشكل هاديء فلم تنفعل ما يدل على خبرة مراسليها , وقد حافظ على نجاحها الاخباري قدرة المذيعة الصحافية كيرن نويباخ والمراسلة السياسية القديرة ايلا حسون نيشر, وسعة اطلاع المحلل السياسي عوديد جرنوت وجرأة مراسليها الميدانيين مثل يوءاف ليمور وامير بار شالوم واللذان حافظا على اتزانهما.

اما القناة الثانية وهي الاوسع انتشاراً %25 تقريبا ، فقد انجرفت كثيرا في مجال " الشؤون العربية" وبالغ ايهود يعاري في تجاوز دوره التحليلي وذهب الى اخذ معاداة قناة المنار بشكل شخصي, وهو ما اغضب المتابعين الفلسطينيين للقناة الثانية مع ان يعاري صاحب تجربة وعاصر حروبا كثيرة ، وما كان يجب عليه المطالبة بقصف قناة المنار الزميلة ولا ان يؤيد الحرب والقصف فالتلفزيون لا يؤيد قصف المدنيين وهذه نقطة تؤخذ على القناة في حين يشهد للصحافي عمنويل رزان اسئلته الجريئة .

وكذلك المحلل السياسي العسكري روني دانييل الذي يخلط بين انفعاله العسكري وبين وظيفته في كثير منن الاحيان فيتحول الامر الى تحريض ولكن من جهة ثانية كان المحلل السياسي امنون رابينوفتش من اكثر الصحافيين الاسرائليين قدرة على الاطلاع ورجاحة عقل واتزان ومسؤولية وكره للحروب ومثله الصحافي المذيع اهرون برنيع الذي حافظ على كرامته كصحافي.

القناة العاشرة, حققت نجاحا منقطع النظير عند المتابعين العرب, وحتى عند قناة المنار نفسها, والفضل في ذلك يعود لرئيس القسم العربي فيها تسفي يحزكيلي وللصحافيين القديرين يارون لندن وموتي كيرشنبام, فهما ظلا يدافعا عن اسرائيليتهما لكنهما لم يفقدا انسانيتهما وسمعتهما , فكانت مداخلاتهما واسئلتهما من ابرز واهم معالم القناة العاشرة, واعتقد بان القناة العاشرة قد رفعت من اسهما كثيرا وسط الجمهور لدرجة ستصل الى اعلى من 20% بفضل هذا الاداء وبفضل قوة القسم العربي وجرأة ورشاقة مراسلاتها الميدانيات.

وفي الختام, صوت الجيش الاسرائيلي " اذاعة الجيش" فهي لا تزال حبيسة الفهم الحربي للخبر ومن نفس مدرسة موشيه دايان القديمة -ان جاز التعبير - مع ان بامكان مراسلة الشؤون العربية شمريت مئير ان تقفز الى الامام بكل قوة بعيداً عن حرفية الالتزام بخطاب الجيش وكأنه كتاب مقدس.

ومهما يكن الامر, فأن الاسئلة الصعبة التي طرحها الصحافيون المذكورون, والتي اظهرت سهولة اندلاع اي حرب وصعوبة احقاق السلام في هذه المنطقة اثبتت مرة اخرى ان دماء اطفال المنطقة امانة في اعناق الصحافيين .

وفي تطور عام عند دخول الحرب يومها السابع, شرع المحللون الاسرائيليون يجاهرون بأنه لا يمك القضاء على حزب الله بالقوة, ولا يمكن ابعاده عن الحدود الا اذا اراد اللبنانيون والعرب التفاهم مع حزب الله حول الامر, وانه لا بد من تبادل اسرى في النهاية, وانه لا منتصر في هذه الحرب, فالطرفان خاسران, ويبقى السؤال, لماذا فعل اولمرت هذه الحرب؟.

ولماذا سانده عمير بيرتس؟ هل ليثبت كل منهما انه يستطيع ان يحارب؟ حسناً... وماذا بعد؟.