الخميس: 02/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

هكذا نجح العاهل الاردني بجمع الاطراف بعد فشل امريكا والرباعية

نشر بتاريخ: 05/01/2012 ( آخر تحديث: 07/01/2012 الساعة: 08:58 )
بيت لحم- معا- بقي سر اللقاء الاسرائيلي الفلسطيني الدولي الذي عقد في العاصمة الاردنية قبل ايام مدار بحث وتمحيض من قبل الصحافة والكتاب الاسرائيليين الذين تسابقوا في تفسير النجاح الاردني والاجابة على السؤال كيف نجح الملك عبد الله الثاني في جمع اسرائيل وفلسطين على طاولة المفاوضات بعد ان عجزت الولايات المتحدة والرباعية الدولية والاتحاد الاوروبي وبعض الاطراف العربية؟.

في محاولة منها للاجابة على هذا السؤال نشرت صحيفة "هأرتس" العبرية في عددها الصادر اليوم الخميس، تقريرا موسعا وصفته بـ السيناريو الذي انتهى بالاجتماع المأمول، مؤكدة استجابة الرئيس محمود عباس فورا للمبادرة الاردنية وعجز نتنياهو عن القول " لا " الامر الذي سهل نجاح المبادرة الاردنية التي تعتبر الوساطة الاردنية الاولى من نوعها منذ توقف المفاوضات وانهيارها تقريبا حسب وصف الصحيفة.

وفي التفاصيل قالت الصحيفة: "عشية عيد الميلاد المجيد وصل وزير خارجة الاردن ناصر جودة الى بيت لحم ولحظات قبل بداية قداس منتصف الليل اجتمع بالرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي داب على حضور هذه المناسبة الدينية واطلعه على تفاصيل الاتصالات الاردنية مع اعضاء الرباعية الدولية -الولايات المتحدة، روسيا، الاتحاد الاوروبي، الامم المتحدة-، المتعلقة بعقد لقاء في العاصمة الاردنية عمان يجمع الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني".

ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي غربي قالت بانه على علاقة بالمبادرة الاردنية والاتصالات الجارية بشأنها قوله بان الوزير الاردني تلقى موافقة فورية من الرئيس الفلسطيني الذي اعرب عن استعداده لمشاركة الجانب الفلسطيني وفور عودة جودة الى عمان استدعى مستشار رئيس الوزراء نتنياهو المحامي يتسحاق مولخو للاجتماع به وعرض امامه تفاصيل المبادرة الاردنية.

ووفقا للصحيفة وبعد موافقة الرئيس الفلسطيني واجتماع جودة مولخو كان هناك حاجة لأسبوعين أخريين لاستكمال الاتصالات باللجنة الرباعية عبر ممثلها طوني بلير والموفد الامريكي للشرق الاوسط دافيد هيل، وموفد الامم المتحدة روبرت سيري واطراف اخرى حتى تم ضمان عقد اللقاء الثلاثاء الماضي.

ووصفت الصحيفة الرواية الفلسطينية لتسلسل الاحداث التي افضت الى الاجتماع المذكور بالمختلفة بعض الشيء حيث يؤكد الفلسطينيون بان المبادرة الاردنية خرجت الى حيز الوجود قبل اعياد الميلاد وزيارة جودة الى بيت لحم بثلاثة اسابيع حين وصل العاهل الاردني عبدالله الثاني يوم 21/11 الى رام الله في زيارة وصفت بـ "التاريخية".

وحسب الرواية الفلسطينية طرح الملك الاردني خلال الزيارة المذكورة على الرئيس الفلسطيني بان ياخذ الاردن على عاتقه مهمة الوساطة قائلا: "ما نريده هو ترتيب اجتماع استطلاعي فأمنحونا الفرصة"، وواصل الملك محاولات الاقناع واعرب عن اعتقاده بانه وفي ظل الظروف القائمة حاليا يمكن للاردن ان يؤثر على سياسات نتنياهو اكثر من أي طرف او جهة اخرى والحديث لمصدر فلسطيني لم تذكره الصحيفة بالاسم.

وقدرت الصحيفة بان الاردن فهم الامور جيدا وانه لم يخطئ في تقديره الذي يقوم على أساس ان الرئيس الفلسطيني ورئيس وزراء إسرائيل لا يمكنهما ان يقولا "لا" للملك عبد الله وان الفلسطينيين والاسرائيليين فقدوا نتيجة الثورات العربية السند الذي رافقهم طيلة سنوات عملية السلام وهو "حسني مبارك" فيما بقي الاردن واحة الاستقرار الوحيدة في نظر الفلسطينيين وكذلك الإسرائيليين.

وعادت الصحيفة للحديث عن الاجتماع الذي جمع عريقات ومولخو وممثل الرباعية الدولية قائلة: بانه لم يحقق اختراقا لكنه تسامى وارتفع على توقعات المشاركين المنخفضة وعلى سبيل المثال قال مولخو قبيل سفره الى الاردن لحضور الاجتماع خلال لقاءات مغلقة بانه يسافر الى الاردن بتوقعات تقترب من الصفر.

وصل مولخو الى عمان مع مرافقين اثنين احدهما السفير الاسرائيلي في العاصمة البريطانية لندن " دانيال طاوب الذي شغل منصب نائب مولخو حتى تعينه سفيرا لدى المملكة المتحدة قبل عدة اشهر والذي وصل اسرائيل لحضور اجتماعات السفراء التي نظمتها الخارجية الاسرائيلية وبعدها خرج في اجازة لعدة ايام قطعها بعد ان استدعي لحضور اجتماع عمان ،اما المرافق الثاني فكان رئيس قسم الدعاية الوطنية "يوعاز هندل" الذي انضم الى مولخو لاعطاء حلول سريعة للمشاكل الاعلامية التي قد تبرز خلال الاجتماع وبعده.

ووافق مولخو لاول مرة خلال الاجتماع على استلام الوثائق الفلسطينية الخاصة بموضوع الحدود والامن والتي تطرح في اساسها موافقة الفلسطيني على تبادل الاراضي بنسبة 1:9% من مساحة الضفة الغربية واقامة دولة منزوعة السلاح حسب ادعاء الصحيفة العبرية علما بان مولخو نفسه رفض خلال اجتماعات عقدت عام 2010 استلام تلك الوثائق وقبل القطيعة الاخيرة والطويلة التي شهدتها العلاقات الفلسطينية الاسرائيلية رفض مولخو ايضا استلام تلك الوثائق مبررا الامر بان الائتلاف الحكومي سيسقط في حال استلمها.

من ناحيته سلم مولخو المفاوض الفلسطيني صائب عريقات الوثيقة المعروفة باسم "وثيقة الـ 21 نقطة " والتي تضمنت المواضيع التي تهتم اسرائيل بنقاشها خلال المفاوضات.

ووصف دبلوماسيون غربيون تم اطلاعهم على تفاصيل لقاء عريقات مولخو الوثيقة الفلسطينية وكذلك الاسرائيلية بالوثائق القديمة التي لم تأت بجديد الامر الذي امده مولخو وعريقات خلال لقاءات منفردة مع ممثل الرباعية سبقت الاجتماع الرسمي وعادوا واكدوا الامر ذاته خلال الاجتماع.

ووفقا للصحيفة ادعى مولخو خلال اجتماعاته بممثل الرباعية وخلال الاجتماع المشترك بان الوثيقة الفلسطينية تضمنت مواقف سبق طرحها قبل عشر سنين فيما قال عريقات خلال الاجتماع بان وثيقة مولخو ليست بالجديدة واستل من حقيبته نسخة من الوثيقة الاسرائيلية وعرضها على ممثل الرباعية الذي سبق له ايضا ان تلقى ذات الوثيقة في وقت سابق".

ووجه عريقات حديثة مباشرة للمحامي مولخو قائلا: "لقد سلمتني هذه الوثيقة في اب من العام 2010 " في اشارة منه الى قدم الوثيقة وتعنت اسرائيل في مواقفها وعدم حدوث أي تغيير عليها.

واختتمت الصحيفة تقريرها بالاعراب من مخاوفها وتخوفها على مصير المبادرة الاردنية بالقول "حتى الان ليس من الواضح ماذا سيحل بالمبادرة الاردنية وما هو المصير الذي ينتظرها؟ الاسبوع القادم سيشهد اجتماعا اخر في عمان حينها فقط ستتضح امكانية الاستمرار او ان المبادرة ستبوء بالفشل ما سيعيد الاطراف الى معركة دبلوماسية جديدة في اروقة الامم المتحدة بعد 26/1 .

واضافت الصحيفة "في كل الاحوال فانها المرة الاولى التي ياخذ فيها الاردن على عاتقه مبادرة وساطة منذ اعتلاء الملك عبدالله الثاني العرش قبل اكثر من عشر سنوات".

والسؤال الكبير هل فكر الأردنيون والفلسطينيون والإسرائيليون بالخطوات القادمة والاهم من ذلك هل حسبوا وفكروا بثمن الفشل خاصة وان العاهل الاردني وبشكل يكاد ان يكون، مؤكدا انه سيلقي بمسؤولية فشل المبادرة على كاهل نتنياهو وليس على الرئيس الفلسطيني ما يثير المخاوف من ان تلاقي العلاقات الاردنية الاسرائيلية مصير العلاقات الاسرائيلية التركية وما جرى لعلاقات تركيا اسرائيل بعد فشل الوساطة التركية مع سوريا عام 2008 قد يجري على العلاقات مع المملكة الهاشمية.