الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

مركز القدس للإعلام والاتصال ينظم ندوة بعنوان "الاداء المالي للسلطة خلال عام" بمشاركة الحسيني وابو عيشة

نشر بتاريخ: 06/03/2007 ( آخر تحديث: 07/03/2007 الساعة: 00:20 )
رام الله- معا- نظم مركز القدس للإعلام والاتصال (JMCC)، امس الاثنين, في مدينة رام الله, ندوة بعنوان " الأداء المالي للسلطة الوطنية خلال عام"، بمشارك الدكتور رفيق الحسيني، رئيس ديوان الرئاسة الفلسطينية ووزير المالية بالانابة سمير ابو عيشة.

ووجه المجتمعون انتقادات لاذعة للحكومة الفلسطينية، واتهامات بسوء الإدارة المالية، الأمر الذي رفضه د. سمير أبو عيشة، وزير التخطيط، والقائم بأعمال وزير المالية، رغم إقراره بعجز الحكومة عن تطبيق برنامجها، وخاصة في الشق الإصلاحي منه، مؤكدا أنها "أي الحكومة" اتسمت ممارساتها بالشفافية، عدا عن نجاحها بتحقيق إنجازات مختلفة في الحقل المالي.

وقال الدكتور الحسيني:" على الحكومة الحادية عشر, أن تتحلى بالحكمة والجرأة لا التهور، في التعاطي مع الأوضاع السياسية التي يعيشها الشعب الفلسطيني، للابتعاد عن الأخطاء التي وقعت فيها الحكومة العاشرة ونظيراتها السابقة", مشيراً إلى أن الحكومة الحالية وقعت في أخطاء عديدة، وتحديدا في الناحية المالية -على حد تعبيره .

وبين الحسيني أن ما تعرضت له الحكومة والسلطة من حصار مالي واقتصادي دولي وإسرائيلي، كان متوقعا، على ضوء المؤشرات التي قدمتها إسرائيل والعالم من عدم استعداد للتعاطي مع أية حكومة فلسطينية لا تلتزم بالشروط الدولية، ولا تعترف بالاتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير وإسرائيل, منوهاً إلى أن الرئاسة لم تكن تتوقع بأي حال من الأحوال أن تجد نفسها بمثابة وزارة مالية ثانية، أو مؤسسة رديفة لها, قائلاً:" لم يدر بخلد الرئاسة أن تصبح وزارة مالية ثانية أو مؤسسة رديفة لها، لكن هذا حصل، رغم أنه يفترض بالرئاسة أن تراقب أداء الحكومة".

وأفاد بأن مؤسسة الرئاسة حاولت التخفيف من حدة الحصار الاقتصادي الدولي، خاصة بعدما أصبحت المنفذ الوحيد لتلقي المساعدات من الخارج.

وقال "كان هناك قرار للرئاسة إما بأن تفك الحصار أو لا تفكه، وهي لم تكن ترغب في أن تقوم مقام وزارة المالية، ولكنها أرغمت على ذلك لأنها شكلت المنفذ الوحيد إلى الخارج، خاصة في ظل موقف البنوك تجاه الحكومة بسبب قانون الإرهاب الذي أقره الكونغرس الامريكي".

وتابع يقول:" أدخلت الرئاسة أموالا كثيرة، حيث وجدنا أنفسنا نتعامل بأكثر من 450 مليون دولار العام الماضي، جاء بعضها نقدا، بخلاف أخرى وصلت في إطار اتفاقيات وقعناها مع الدول المانحة، وإن آخر 100 مليون دولار، حصل عليها الرئيس (من إسرائيل)، قد يكون آخر مبلغ نستطيع الحصول عليه".

ووضح بأنه رغم التوافق بين الرئاسة ووزارة المالية على أوجه الصرف في معظم الحالات، وقعت العديد من الخلافات بين الجانبين، سببها المرجعيات وطبيعة التصرف - على حد قوله.

ونوه إلى الى ما وصفها "الإهانات "والتلفيقات" التي وجهت للرئيس عباس من العديد من الأطراف في الحكومة، وتحدثت عن وصول كميات كبيرة من الأموال للرئاسة، مبينا أن ذلك لم يحل دون مضي الرئاسة قدما في عملها، وتعاونها مع الحكومة.

وأشار إلى أن عدم اعتراف حماس والحكومة بالمنظمة ساهم في إيجاد بعض الخلافات، مبينا أن ذلك انعكس في عدم تلبية الحكومة لمتطلبات واستحقاقات الكثير من الجهات الفلسطينية في الخارج.

وقال: نحن لسنا وزارة مالية، وبالتالي فإن إمكانياتنا البشرية محدودة، وبالتالي حصل تقصير، وعدم قدرة على إظهار الحسابات بالسرعة المطلوبة".

وانتقد آلية الإدارة المالية للحكومة الحالية، موضحا أنه برزت مشكلات عديدة في الأداء المالي، ومن ضمنها تأخر بحث موازنة العام الحالي، علاوة على نقل الأموال عبر حقائب من خلال معبر رفح، الأمر الذي اعتبر أنه ليس في محله.

من جهته، دافع أبو عيشة عن الحكومة، مشيرا إلى أنها حققت إنجازات عديدة في المجال المالي، رغم أنها واجهت ظروفا استثنائية وقاسية بفعل الحصار الدولي المفروض عليها وعلى الشعب الفلسطيني.

ولفت إلى أن تحكم الجانب الإسرائيلي بإيرادات السلطة الضريبية والجمركية، واعتقال د. عمر عبد الرازق، وزير المالية، إضافة إلى إضراب القطاع العام، خلق حالة من الإرباك في عمل المرافق والمؤسسات العامة، بما فيها وزارة المالية.

وقال: كما أنه لم يسبق أن قاطعت البنوك السلطة، ما أدى إلى إشكاليات إضافية، لكن رغم ضغوط القطاع المصرفي، وإدراكا منا لأهميته، أخذنا قرار بتشكيل شبكة أمان للبنوك، (...) وقد نجحنا بالحصول على بعض التسهيلات من البنوك، ما أدى إلى خفض مديونية السلطة بأكثر من 100 مليون دولار.
.
وبين أن أحد أبرز مظاهر الإخفاق تمثل في عدم قدرة الحكومة على تنفيذ برنامجها، لا سيما في الشق الإصلاحي منه.

واستطرد: اضطررنا إلى توجيه إدارتنا إلى إدارة الأزمات بشكل متلاحق، وإلى التعامل مع الأمرو بشكل قطاعي، وبالتالي فإن ما مررنا به أثر على الخطط والبرامج التي كنا بصدد بلورتها".

واستعرض جانبا من إنجازات الحكومة المالية، وبضمنها تمكنها من وضع سياسات لترشيد الإنفاق، وزيادة الإيرادات، إضافة إلى إنشاء مجلس للإيرادات بهدف تحديث النظام الضريبي، ثم الشروع بسلسة من الإجراءات الهادفة إلى تخفيض النفقات، مبينا أنه تم تقليص النفقات بنسبة 37% عما كانت عليه في العام 2005.

وقال: قامت الحكومة برسم سياسات مالية واقتصادية جديدة، حيث تم توقيع اتفاقية لتوريد مناطق السلطة بالوقود مع شركة إسرائيلية جديدة بشروط أفضل وسعر أقل، ما ساهم في إنهاء الاحتكار، ورفع الدعم الحكومي للمحروقات، حيث انخفض من 50 مليون إلى 10 ملايين من الدولارات".

وبين أن الحكومة عملت على تطبيق الهيكليات وتسكين الموظفين الحكوميين، إلى جانب الاستغناء عن بنك البريد الإسرائيلي واستبداله بطواقم من الوزارة، عدا عن تحديث مركز الوزارة الالكتروني بهدف توفير الشفافية والإفصاح.

وقال "زادت الإيرادات عما كانت عليه عام 2005 بحوالي 20 مليون دولار، لتصل إلى 1.27 مليار دولار، فيما انخفضت الإيرادات الضريبية 10% ورغم ذلك ارتفع الإيراد الضريبي إلى 199 مليون بسبب الإصلاح الإداري في الوزارة".

وحول سياسات الاتفاق وأولويات الصرف، قال:" كان هناك إنفاق بالشكل الأمثل توزع على الأجور والنواحي التعليمية وتوفير سلف للموظفين والعمل على ضمان تقديم الخدمات الأساسية والدفع لموردي الصحة وموردي الطعام العسكريين وتسديد إيجارات مباني السلطة.

ونوه إلى أن النفقات بمجملها بلغت 1.574 مليون دولار مقارنة مع 1.650 مليار دولار في السنة السابقة، مشيرا إلى ارتفاع الرواتب عن ما كانت عليه عام 2005 لتصل إلى 1.181 مليار العام 2006 بسبب ازدياد الموظفين والمنتسبين للأجهزة الأمنية وتطبيق قانون الخدمة المدنية والعسكرية.

وأقر بتأخر الوزارة في تقديم مشروع الموازنة إلى المجلس التشريعي، ما رده إلى الإضراب، وعدم وضوح الرؤيا فيما يتعلق بالإيرادات المتوقعة وتحديدا للعام الحالي.
وتعرض إلى أنه رغم المآخذ على الأداء المالي للحكومة، إلا أن الإدارة الحكيمة لوزارة المالية ساهمت في الحيلولة دون انهيار السلطة، لافتا بالمقابل إلى قيام الوزارة بتسليم كافة التقارير المرتبطة بعملها للجهات ذات الصلة.

كما أكد أن الوزارة أسوة بالحكومة التزمت بالشفافية، مضيفا "الشفافية هي إحدى أهم الجوانب التي تميزت بها هذه الحكومة، (...) كما أن الأموال صرفت في الأبواب المخصصة لها".

بدوره قدم الباحث الاقتصادي د. نصر عبد الكريم، أستاذ الاقتصاد في جامعة بير زيت، مداخلة في مستهل اللقاء، قال خلالها: إن الأزمة المالية العامة برهنت على أن تقديرات بعض وزراء الحكومة بعد تشكيلها مباشرة، بخصوص القدرات الذاتية للاقتصاد الفلسطيني والطاقات الكامنة فيه، كانت متفائلة جدا، وأغفلت المحددات السياسية والسيادية.

وتابع: إن تقديرات نفس الوزراء بأن محاربة الفساد، ووقف هدر المال العام، وترشيد النفقات سيزيد كثيرا من قدرة السلطة في الاعتماد على نفسها دون الحاجة للآخرين، ثبت بطلانه، سواء بإعادة ترتيبها على الأجندة الحكومية أو لعدم واقعيتها.

وأضاف: إن الأزمة المالية ربما تجد طريقها إلى الحل بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وفي حال رفع الحصار، وإذا كان هناك أفق سياسي يكفل حل مشكلة الأموال المحتجزة لدى إسرائيل بشكل نهائي، إلا أن نجاح السلطة في تجاوز أزمتها الاقتصادية، وتقليل تأثيرات العاملين الإسرائيلي والدولي، لا يمكن أن يتحقق إلا بالوصول إلى حل سياسي شامل وعادل.

واستعرض بعض جوانب الخلل في أداء الحكومة الحالية المادي قائلا: إن الخلل الهيكلي في الإيرادات الذاتية للسلطة، استمر كون معظمها تأتي من الضرائب غير المباشرة على استهلاك السلع والخدمات على حساب ضرائب الدخل والثروة، وان هذه الإيرادات تتصف بحالة عدم اليقين ومرهونة بالمزاج الأمني والسياسي الإسرائيلي.

وحول الإيرادات المحلية للعام الماضي قال "بلغت بالمتوسط حوالي 24 مليون دولار شهريا، فيما بلغت إيرادات الضريبة المحولة للرئاسة من الحكومة الإسرائيلية 100 مليون دولار، مما مجموعه 600 مليون".

وأضاف: بلغ مجموع المساعدات الخارجية في العام الماضي أكثر من 700 مليون دولار على شكل هبات ومنح وليس قروض، ورغم ذلك بقي حجم المساعدات الخارجية للسلطة عند متوسط مستوياته، ولكن هذه المساعدات كانت أقل انتظاما من حيث التوقيت والحجم، وأكثر تعددية من حيث المصادر والإنفاق، علما بأن مجموع الإيرادات النقدية المتحققة خلال 2006 بلغ 1.1 مليار دولار والمستحقات غير المقبوضة عند الإسرائيليين 500 مليون، مشددا على أن المساعدات الخارجية هي سياسية ولا يجوز الاعتماد عليها.

من ناحيته، لفت غسان الخطيب، مدير مركز القدس للإعلام والاتصال، إلى أن الندوة، وتندرج ضمن مشروع "الحكم الرشيد"، الذي يشرف عليه المركز، تهدف إلى إثارة نقاش عام ومفتوح وصريح بين مختلف المسؤولين والمعنيين، لا سيما وأن الشأن المالي دار -ولا يزال- حوله جدل كثير في المجتمع الفلسطيني.

وقال الخطيب: طغى الهم المالي على الوضع الرسمي والشعبي في فلسطين خلال العام الماضي، أي السنة الأولى من عمر الحكومة العاشرة، وقد جرى تحميل الحكومة المسؤولية حول الأزمة التي أدت إلى عدم انتظام الرواتب، ووقف شبه كامل للمصروفات التشغيلية للوزارات، إضافة إلى الإضراب الشامل للموظفين في السلطة الوطنية.

وأردف: إن أول المواضيع التي تشغل بال الجمهور وكذلك النخب المختلفة سياسية كانت أو أكاديمية، هو غياب أو تراجع الشفافية في الأداء المالي، فلا وزارة المالية، ولا الرئاسة توفران معلومات منتظمة تمكن المعنيين من متابعة الإيرادات والنفقات حسب الأصول، ويتساءل الكثيرون لماذا توقفت الصفحات الالكترونية عن توفير التقارير والمعلومات اللازمة، من أجل المساءلة، التي يشكل غيابها، وغياب الشفافية نقصا كبيرا في أسس الحكم الصالح.

وأشار إلى أن العام الماضي شهد غموضا في المساعدات الخارجية للسلطة، متسائلا عن حجم الزيادة في فاتورة الرواتب بعد الأنباء التي ترددت عن توظيف 13 ألف موظف جديد على كادر الأجهزة الأمنية والقطاع المدني بعد تسلم الحكومة الحالية مهامها.

كما طرح بعض التساؤلات حول سبب عدم تقديم الحكومة الحالية التقارير الربعية حسب قانون الموازنة العامة، وكذلك مشروع الموازنة لعام 2007 في موعده؟، إلى غير ذلك.

وقدم نبذة عن مشروع الحكم الرشيد، مبينا أنه يسعى إلى متابعة أداء المؤسسات العامة بهدف الاطلاع على عملها والمساهمة في تعزيز أسس الحكم الرشيد داخلها.

وأوضح أن المشروع سيتضمن نشر تقارير دورية حول أداء المؤسسات العامة، علاوة على إطلاق صفحة على شبكة "الانترنت" تشتمل على مواد ذات صلة بالحكم الرشيد تهم المجتمع، إلى غير ذلك.

وتخلل اللقاء تقديم مداخلات مختلفة عبر أصحابها عن عدم رضاهم من الأداء المالي للحكومة الحالية.