السبت: 27/07/2024 بتوقيت القدس الشريف

أنفاق غزة تحت المجهر.. باطن الارض للمقاومة والسطح لصاحبها

نشر بتاريخ: 22/05/2013 ( آخر تحديث: 22/05/2013 الساعة: 16:44 )
غزة- خاص معا - "الأنفاق ليست وليدة هذا الجيل فالمقاومة الفلسطينية منذ نشأتها استخدمتها كثيرا في عدد من عمليات المقاومة القديمة ولكن بعد عام 2008م تغير حالها وأصبحت أكثر تنظيما وتحديدا وتسجيلا أيضا" هذا ما بدأ به حديثه أبو المعتصم ( 48 عاما) من مصممي وحافري أنفاق إطلاق الصواريخ في غزة.

بيّن لوكالة معا أن الأنفاق اتخذت طابعا مختلفا ما بين الفترات الزمنية المختلفة وفقا لاحتياجاتها، كما أنها كانت متواجدة في عهد السلطة أي قبل 2006 لكنها كانت بطريقة سرية وعشوائية.

وعن أسباب تغير أوضاع الأنفاق في غزة بعد عام 2008م قال "بعد أسر شاليط عام 2006م وبعد حرب 2008 م وإطلاق الصواريخ واستهداف المطلقين شعرت المقاومة بحاجتها إلى ستار يحمي المقاومة كما شعرت بحجم الاستفادة والأهمية لهذه الأنفاق وضرورة استغلالها لدى المقاومة بشكل اكبر فبدأت في تنظيمها".

فالأنفاق في غزة- وفق أبو المعتصم- تنقسم لعدة أقسام منها لإطلاق الصواريخ وأخرى لتأمين الأشخاص وغيرها للاحتفاظ بالأسلحة وأنفاق تستخدم في حالة الحرب كنوع من التوهيم وأخرى للتموين وهي ما يحفظ بها بمواد تموينية أساسية للحفاظ على الحياة في حاله المكوث بها لفترة طويلة، كما انه يوجد أنفاق متخصصة في حالة الحرب البرية وطبعا لا ننسي الأنفاق على الحدود المصرية وهنا لا نتحدث عنها.
|220149|
ويضيف "لا يوجد في غزة نفق غير مسجل فهناك أربعة ألوية في غزة متخصصة في الأنفاق لواء شمالي ولواء غزة وأخر للوسطى والأخير للجنوب، وكل لواء مسؤول عن جميع الأنفاق في المنطقة المخول عنها وفي حالة الاحتياج لدخول نفق للواء أخر يتم التنسيق ما بين اللوائين حتى لا يحدث هناك تضارب ما بين الأنفاق فأما أن يكمل الأول النفق أو أن يشاركه ألواء الأخر".

ويذكر انه يتم تسجل سبب أنشاء النفق والمنطقة المتواجد فيها ولكن لا يعرف من هو المسؤول عنها بشكل مباشر ومن سيحفر هذا النفق وأين يبدأ وينتهي فهذه المعلومات تبقي سرية لدي الأشخاص المتابعين والحافرين للنفق بشكل مباشر.

ويوضح أبو المعتصم أن جميع الفصائل بإمكانها أن تبنى أنفاق للسبب الذي تحتاجه وجميعها تبلغ اللواء التابع للمنطقة عن هذا النفق، أي انه لا يتم حكر هذا الأمر على فصيل دون فصيل آخر، ولكن الخوف من تداخل الأنفاق واكتشاف أنفاق الفصيل الأخر يحتم تسجيلها.

وعن اختيار الأماكن يقول "جميع الأماكن في غزة مسموح للمقاومة بناء أنفاق فيها ولا يأخذ الأذن من أي احد لذلك، ولكن عند حفر أنفاق تخص إطلاق الصواريخ على الحدود يتم تبليغ صاحب الأرض بان له ما على الأرض والمقاومة لها ما تحته وأنها مسؤوله بشكل كامل إذا حدث أي مكروه للأرض بتعويضه عن الخسائر".

ويستدرك أبو المعتصم لوكالة معا ويقول "طبعا ليس كل الأراضي نبلغ أصحابها فقبل أن نبلغ صاحب الأرض نجري بحثا أمنيا عنه، فما يبنى تحت أرضه يوجد بداخلها أرواح ويجب أن نحافظ عليها ونحميها بشكل كبير فإذا كان صاحب الأرض أهلا للثقة يتم اخذ الأذن منه، وإذا رفض لا يتم حفر النفق في الأرض وهذا أيضا يكون ضمن التسجيل وهو موافقة صاحب الأرض على وجود نفق في أرضة".

وعدد أيضا إشكاليات تواجههم عند اخذ الأذن ويقول "هناك أراض تكون مسجلة بأسماء عدة أشخاص وهنا نختار من هو المؤهل للحديث معه واخذ الأذن، كما يوجد أراض لأشخاص لا يمكن الوثوق بهم وتبليغهم, ويرفض التحدث معه أو بناء النفق على أرضة, لذلك يضطرون أحيانا إلى شراء الأرض إذا كان الاحتياج لها كبيرا جدا".

ويؤكد أن صاحب الأرض لا يعرف نهائيا سبب حفر النفق كما لا يعلم أين يبدأ وأين ينتهي هذا النفق ولكن في الغالب يفهم اصحاب الأراضي الحدودية أن أراضيهم تستخدم لإطلاق الصواريخ أما باقي أسباب حفر الأنفاق فيكون بعيدا عن الحدود.

ويوجد هناك ترابط بين كثير من الأنفاق ويضيف أبو المعتصم "الأنفاق المترابطة هي ما بين أنفاق إطلاق الصواريخ وتخزينها ولكن يوجد مسافات شاسعة ما بينها كما أن اغلب أنفاق الصواريخ تحدد بأنها تستخدم لمرات محدودة لان المقاومة لديها معرفة بأنه سيتم اكتشافها من قبل الرادار الإسرائيلي".

وعن عدم قدرة إسرائيل على منع إطلاق الصواريخ رغم أنها استهدفت عددا منها في الحرب الأخيرة على غزة قال "أنفاق إطلاق الصواريخ ليست خطا واحدا فقط بل هناك الأصل وهو مكان التحكم بإطلاق الصواريخ ومنها يتفرع أكثر من نفق وفي هذا النفق يوجد أكثر من عين لإطلاق الصواريخ فما كان يطلق من مكان كان الآخر يطلق من مكان مختلف لذلك لم تستطع إسرائيل منع إطلاق الصواريخ".

ويبين أن المقاومة استخدمت أساليب مختلفة للتمويه كي لاى يكون من السهل على جيش الاحتلال معرفة مكان إطلاق الصواريخ كما انه لم يستشهد أي مطلق للصواريخ تحت الأرض خلال الحرب الثانية فجميعهم خرجوا أحياء ومن استشهد كان خارج مهمته لإطلاق الصواريخ في ما بعد، أو أثناء تبديل المهام.

وأكد أن "من حفر النفق هو المسؤول عن إطلاق الصواريخ ولم يكن ينفذ التعليمات من رأسه فكل صاروخ خرج من غزة بقرار قيادي وكذلك المكان المستهدف أيضا فما كان يضرب على تل أبيب له عين مخصصة وما كان يطلق على أسدود له عين أخرى وهكذا".

وأشار إلى أن "تجربة الثمانية أيام أعطت المقاومة العديد من الدروس المستفادة والان هي أكثر قدرة وتطورا وتحديدا عما كانت عليه سابقا فكل رحى حرب تزيد المقاومة ولا تنقصها ويخطئ من يعتقد أن استشهاد مسؤولين عن إطلاق الصواريخ في غزة يضعف المقاومة بالعكس يعطيها قوة وقدرات مضاعفة".

وعن طريقة حفر الأنفاق قال أبو المعتصم "اغلب الأنفاق وخاصة أنفاق إطلاق الصواريخ تبنى باليد وبسواعد أفراد من المقاومة وأحيانا يمتد هذا البناء لأكثر من أربعة شهور، فبناء النفق ليس بالأمر السهل لأنه يمتد على مسافة طويلة تحت الأرض ومن ثم يصبح هناك انحراف ونعود إلى السطح مرة أخرى لعين إطلاق الصواريخ".

ويوضح انه يتم الاستعانة بأدوات لتحديد المكان فلا يتم حفر النفق عشوائيا فهي محسوبة بالسنتمتر, فالمجتمع الغزي لا يعلم مدى التعب والألم الذي يعانيه من يدافع عن أرضة.

ويبين أن ما تحت أرض غزة يختلف نهائيا عن سطحها فجميعهم متفاهمون ومتعاونون ومحبون لبعض ويتمنون الخير فيما بينهم وهذا ما يميزهم فمن يبدأ في حفر نفق تتغير حياته نهائيا ونفسيته أيضا، وهذا كان سبب تفوق المقاومة في الحرب الأخيرة على غزة، حسب قوله.