الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

الأعسم: "سكان قرى النقب يصارعون من أجل البقاء"

نشر بتاريخ: 09/04/2015 ( آخر تحديث: 13/04/2015 الساعة: 15:03 )
الأعسم: "سكان قرى النقب يصارعون من أجل البقاء"

بئر السبع - خاص معا - قال عطية الأعسم، رئيس المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها في النقب، في لقاء مع معا إنّ سكان القرى غير المعترف بها يصارعون من أجل البقاء، وأنهم يسطرون مواقفا بطولية في هذا المجال، بالرغم من التضييق المستمر عليهم من قبل المؤسسة الإسرائيلية، حيث بالنسبة للنقب كل يوم هو يوم الأرض.


وأردف الأعسم قائلا بأنّ قضية النقب بدأت بالفعل بالتحول إلى قضية عالمية، على خلفية النضال المستمر للأهل في الداخل الذين أفشلوا مخطط "برافر"، علما بأن عمليات هدم البيوت وحرث المزروعات مستمرة.


وقد كان لمراسل معا في الداخل هذا اللقاء مع رئيس المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها:

-يرى البعض أن يوم الأرض تحول إلى أسبوع أو شهر موسمي، يتم العودة إليه كل مرة من جديد في شهر مارس/آذار من كل العام. هل تتفق مع هذه الرؤية؟


"أنا لا أتفق مع هذه الرؤية، لأن قضية يوم الأرض هي ذكرى لهبة يوم الأرض عام 1976 في منطقة البطوف، والفعاليات والمهرجانات التي تتم كل عام هي للتذكير بالشهداء الستة الذين سقطوا في حينه. حول يوم الأرض تبرز فعاليات مختلفة، منها مهرجانات ومعسكر التواصل للحركة الإسلامية الشمالية ومعسكر الرباط والصمود للحركة الإسلامية الجنوبية، وهناك فعاليات أخرى تقوم بها بعض الأجسام أحياء لذكرى يوم الأرض وتكريما لشهداء هذا اليوم.


"وبالرغم من أن العمل يتم خلال فترة وجيزة، إلا أنه بكل ما يتعلق بالنقب فإن الدفاع عن الأرض هو على مدار العام كله. فهناك المظاهرات والفعاليات والنشاطات السياسية وإعادة بناء البيوت المهدومة، والنضال من خلال التواصل مع وسائل الإعلام، سواء المحلية أو القطرية أو العالمية، وهذا كله يأتي في إلإطار الدفاع عن الأرض وعن الوجود المواطن العربي النقباوي. هذه المخططات الحكومية لم تتوقف على مدار العام، وهدف كل المخططات هي مصادرة الأرض والاستيلاء عليها، ولذلك نحن في نضال على مدار العام في هذا الجانب".

المياه كعقاب
-يشكو سكان القرى مسلوبة الاعتراف ليس فقط من شحّ المياه، بل من الأسعار الباهظة للمياه التي تصل أحيانا إلى 11 شيكل أو حتى 20 شيكل للكوب الواحد. هل تعتقد أن هذه الأسعار تأتي في اطار محاولات تهجير السكان؟


"قضية أسعار المياه وشحّ المياه في القرى غير المعترف بها يأتي في إطار العقاب الذي تفرضه "دولة" اسرائيل على سكان هذه القرى، وهي تعلم جيدا أن الإنسان قد يتخلى عن الدواء والغذاء، ولكنه لا يستطيع أن يتخلى عن الماء، حيث تصل الأسعار من 11 شيكل في أضعف الأحوال إلى 80 شيكل للكوب الواحد حين يتم نقله بالصهاريج من مكان إلى آخر. أضف على ذلك، أن كمية المياه التي تستهلك بين عدادات سكان القرى وعدادات شركة المياه القطرية، دائما هناك من 20-30% أكثر لصالح شركة المياه القطرية، وهو ما يتحمله في نهاية الأمر المواطن نفسه. السكان يدفعون أثمان مياه ويتخلون في بعض الأحيان حتى عن الدواء والغذاء".


-بالرغم من الفقر المدقع والمشاكل في القرى غير المعترف بها، إلا أن السكان يسطرون قصصا بطولية في الصمود. كيف تفسر ذلك؟


"أولا، لأن المواطنين العرب يعيشون على أرضهم التي ارتبطوا بها، ولأن كل وعودات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة للتغيير نحو الأفضل كانت بمثابة سراب. إنّ سكان القرى في النقب يصارعون بالفعل من أجل البقاء وبالتالي يسطّرون قصصا بطولية. "الدولة" تخدع المواطنين في كل وقت، وهم يعرفون أنّ الانتقال إلى البلدات المعترف بها – هو انتقال إلى بلدات الفقر والبطالة. بكلمات أخرى كالمستجير من الرمضاء بالنار. حبّ الأرض وحبّ الوطن هو الذي يجعل الناس تحافظ على أرضها وتصمد، رغم الظروف القاسية. والإنسان حين يترك أرضه وينتقل إلى مكان آخر فهو كالمهاجر والغريب في وطنه".


55 قرية
-هل تستطيع اعطاءنا لمحة عن القرى غير المعترف بها؟


"في العام 1997 وصلت عدد القرى غير المعترف بها حسب احصاءات المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها إلى 46 قرية، يسكن فيها نحو 110 آلاف نسمة.

اليوم في العام 2015 يصل عدد القرى إلى 55 قرية. الفارق بين العدد يأتي على أساس أننا أخذنا بالحسبان أن كل قرية تبدأ من 500 شخص وما فوق، ومنذ تلك الفترة ازدادات عدد القرى بتسع قرى بعد أن اجتاز عدد السكان في التجمعات التي لم يبلغ عدد السكان فيها 500 نسمة في تلك الفترة.


"بالاضافة إلى مدينة رهط والبلدات الست الأخرى، اعترفت حكومة اسرائيل بعشر قرى هي: قصر السر (الهواشلة)، أبو قرينات (أم متنان)، أبو تلول (الأعسم)، بير هداج (العزازمة)، أم بطين (أبو كف)، السيد، مولداه (الأطرش)، مرعيت (دريجات وأبو ربيعة وأبو عيادة)، ترابين الصانع والفرعة. للأسف بالرغم من مرور 13 عاما على الاعتراف بهذه القرى، إلا أنها تشبه القرى غير المعترف بها من كافة النواحي، حيث لا تخطيط ولا بناء ولا ترخيص بناء بالإضافة الى عمليات هدم مستمرة في هذه القرى التي يوجد فيها ما يسمى "حدود الخط الأزرق" ولكن لا توجد لها خارطة تفصيلية".


-في نهاية مسيرة الاعتراف التي شاركتَ انتَ فيها مع رئيس القائمة المشتركة النائب أيمن عودة، سلمتم مكتب رئيس إسرائيل رؤوفين ريبلين، مخطط تمّ تحضيره من قبل مخططي المجلس، بينهم أيضا اساتذة جامعات وبمشاركة جمعيات مختصة في التخطيط. هل يوجد بارقة أمل تراها في قبول الحكومة الإسرائيلية لهذا المخطط، علما أن ريفلين وعد بالنهوض بهذه القضية؟


"إذا أرادت الحكومة الإسرائيلية حلّ المشكلة فعليها أن تتبنى مخطط المجلس الإقليمي الذي يعترف بجميع القرى على أرضها وفي مكانها ويعترف أيضا بالتجمعات الصغيرة كقرى رعوية، تماما كالمزارع الفردية لدى المواطنين اليهود. بتقديمنا لهذا المخطط لا نعبر عن رفضنا لمخطط الحكومة المسمى "مخطط برافر" فحسب، وإنما نطرح بديلا للحكومة للتعامل مع مطالبنا بصورة أكثر جدية، حيث تدعي الدولة أن العرب في النقب لا يعرفون ماذا يريدون ومن هنا وضعنا هذا المخطط الذي يبيّن مطالبنا وتصورنا للحل".

انتخابات عام 2017
-يرى الكثير من المواطنين أن المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها بحاجة إلى انتخابات جديدة واعادة بناء اللجان المحلية، خاصة في ظل فشل المظاهرات الأخيرة التي كانت "هزيلة" حتى في مسيرة يوم الأرض في مدينة رهط. ماذا تقول لهم؟


"الانتخابات في المجلس الإقليمي لها تاريخ ولها فترة معينة، حيث يتم انتخاب رئيس المجلس فيها بعد تكوين اللجان المحلية. تجرى الانتخابات كل خمس سنوات – وفقا لدستور المجلس – وبالتالي ستجرى الانتخابات القادمة في أواخر 2017.


"للأسف المظاهرات التي يتم الدعوة إليها ليست في إلإطار مسؤولية المجلس الإقليمي، إنما تقوم بها لجنة التوجيه لعرب النقب التي تشكلها الأحزاب والحركات الناشطة في النقب، إضافة إلى المجلس الإقليمي. لذلك كثير من الأحيان تكون هناك حالة من الاتكالية، حيث يعتمد جسم واحد على الآخر وفي النهاية يتم تسجيل عدد ضئيل من المشاركين. نحن لا نعتقد أن المظاهرات هي النضال – إنما نرى أن المظاهرات هي جزء من النضال. نحن نتوقع من كل الأهل والمنتقدين أن يبادروا إلى طرح أفكارهم لتحسين سبل النضال الجماهيري، فلا يكفي أن نلعن الظلام وعلينا أحيانا أن نبادر إلى ايقاد شمعة من أجل إنارة حلكة هذا الظلام".


"ترميم البوايك"

-كيف يتم تمويل فعاليات ونشاطات ومكاتب المجلس الإقليمي؟


"لدينا في المجلس الإقليمي جميعة "السراج" وهي جمعية مرخصة. رئيس المجلس والأعضاء متطوعون في العمل، وقد استطعنا خلال السنوات الأخيرة أن نجنّد مصاريف المكتب وكل مستلزمات المكتب بواسطة "الصندوق الجديد لإسرائيل" ولدينا مشاريع كثيرة جدا في المجلس من شق طرق ومد أنابيب مياه، ولدينا الآن مشروع "ترميم البوايك" وهي المباني القديمة التي كانت في قرى مهجرة قبل قيام إسرائيل، وتحويل هذه البوايك إلى مراكز فعالة للاستعمال لامنهجي للطلاب بعد المدارس وللنساء والشباب.

لدينا برامج توعية للسكان اليهود والعرب حيث نستقبل العديد من المجموعات ونقول بشرح مفصل لهم عن أوضاع القرى غير المعترف بها، ليكونوا جنودا في مجال الاعلام البديل، وكذلك ليروا عن كثب الحقيقة أمامهم. في هذا المجال لدينا مشروع سنوي حيث يأتي مواطنون من أوروبا ومن شتى أنحاء العالم ويجيبون القرى غير المعترف بها على الدراجات الهوائية، لينقلوا ما يشاهدونه في هذه القرى إلى دولهم ومجتمعاتهم. يوم الخميس القادم ستبدأ هذه المجموعة بالوصول إلى النقب لنقل ملاحظاتها. زد على ذلك اشتراكنا في مؤتمرات عديدة في العالم تتعلق بحقوق السكن والحقوق المدينة الأخرى وتعاملنا مع الجمعيات الحقوقية العالمية".


-هل تعتقد بعد مرور عشرات السنوات على الظلم لأهل القرى مسلوبة الاعتراف، بأن هناك حاجة لتدويل قضية عرب النقب؟
"نعم، اعتقد أن هناك حاجة ماسة لتدويل قضية القرى مسلوبة الاعتراف، ونحن بدأنا بالفعل من خلال النضال ضد مخطط "برافر" بلفت حتى الاتحاد الأوروبي، حيث اعتبرت منظمة "هيومان رايتس ووتش" هذا المخطط مخططا عنصريا. كما التقينا مع السفراء الأوروبيين في مكاتبهم وفي القرى غير المعترف بها أيضا لنشرح لهم الوضع".

أجرى اللقاء: مراسل معا في الداخل ياسر العُقبي