الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

بحث علمي حول "Guevedoces"- "خلل في تحديد جنس المولد"

نشر بتاريخ: 12/06/2016 ( آخر تحديث: 12/06/2016 الساعة: 19:00 )
بحث علمي حول "Guevedoces"- "خلل في تحديد جنس المولد"
القدس - معا - لم تكن تعلم الفتاة سلوى، التي عاشت 10 سنوات من عمرها كأنثى، تلهو وتلعب مع صديقاتها وشقيقاتها، تدرس في مدرسة الإناث في مدينتها، تلبس ملابس الإناث. أنها كانت ذكراً، إلا بعد سن العاشرة حيث بدأت تظهر الأعضاء الذكرية الخارجية عليها.. حالة تستحق الوقوف عندها حول قصة حقيقية لنحاول أن نقدم المشورة والنصيحة للأهالي الذين قد يتعرضون لحالات مشابهة، بكيفية التشخيص المبكر وكيفية التعامل مع هذه الحالات، كي يسهل علاجها وايجاد الحل والعلاج اللازم والمناسب ليتمكن الطفل او الطفلة، المراهق او المراهقة من استكمال حياته الطبيعية، فهو لم يختر أن يحدث ذلك معه، ولكن إن حدث.. علينا جميعا أن نساعده أو نساعدها لتستمر الحياة، بحث علمي أعدته الدكتورة الصيدلانية نسرين فلنة لمشروع تخرجها من جامعة القدس باشراف الدكتور حسين الحلاق ستسرد لنا تفاصيل هذه الحالة.

كويفيدوسيس (( Guevedoces؛ حالة طبية نادرة حدثت ومازالت تحدث في عالمنا هذا، أساسها... خطأ طبي تشخيصي في تحديد جنس المولود.

هي حالة سببها نقص في إنزيم يسمى {5 ألفا ريدكتاز(5 Alpha Reductase) } حيث أن هذا الإنزيم لازم وضروري لتحويل الهرمون الذكري التستوستيرون ((Testosterone الذي بدوره يُفرز من الخصيتين والمسؤول عن الأعضاء الذكرية الداخلية، إلى هرمون الدايهايدروتستوستيرون ( (Dihydrotestosteroneالذي يعد مسؤولا وضروريا لظهور الأعضاء الذكرية الخارجية.

في الفترة التي يكون فيها الطفل الذكر(الحامل للكروموسومات الذكريةXY ) في رحم أمه يحتاج إلى هرمون التستوستيرون لبناء الأعضاء الذكرية الداخلية بينما يحتاج إلى هرمون الدايهايدروتستوستيرون لبناء الأعضاء الذكرية الخارجية، لهذا لظهور وتطور الأعضاء الذكرية الخارجية يلزمنا تحويل هرمون التستوستيرون إلى هرمون الدايهايدروتستوستيرون عن طريق إنزيم (5 ألفا ريدكتاز)، فعندما يكون هناك نقص في هذا الإنزيم، يفقد الجسم قدرته على تحويل هرمون التستوستيرون إلى هرمون الدايهايدروتستوستيرون ، مما يؤدي هذا إلى نقصٍ في هرمون الدايهيدروتستوستيرون وبالتالي عدم قدرة جسم الطفل الذكر بناء أعضائه الذكرية الخارجية بالشكل الطبيعي. فيولد الطفل الذكر بأعضاء داخلية ذكرية طبيعية وحاملا للكروموسومات الذكرية، بينما تكون أعضاءه الخارجية غير مكتملة وتكون غامضة قريبة إلى الأعضاء الأنثوية بسبب نقص في هرمون الدايهايدروتستوستيرون فيتم تصنيفه على أساس أعضاءه الخارجية أنه أنثى ويسجل أنثى ويمارس حياته كأنثى طبيعية إلى سن العاشرة تقريبا أو سن مرحلة المراهقة حيث تتصف هذه المرحلة بزيادة كبيرة في إفراز الهرمونات الجنسية سواء أكانت الذكرية أم الإنثوية وهذه الزيادة في الإفراز تتبعها بداية ظهور الصفات الذكورية على الطفل من صوت خشن إلى بناء العضلات وغيرها من الصفات الذكورية، كما تبدأ أيضا الأعضاء الخارجية في الظهور ولكن ليست بالشكل الصحيح.

وهنا تبدأ تساؤولات الأهل!!!! ما الذي يحدث لهذه الطفلة. بعد الاستعانة بالطبيب المختص. يكون جوابنا على هذه التساؤولات هو أن هذا شيء طبيعي، وببساطة هذا ابنكم وليست ابنتكم.

كشفنا المبكر عن هذه الحالة يسهم وبشكل أساسي في جعل حياة الشخص طبيعية وتنقذه هو وأهله من العيش في المتاهة بين الذكر والأنثى، حيث أنه إذا تم التعرف على الحالة في فترة الطفولة المبكرة فإن الأهل من البداية سوف يتعاملون مع الطفل كذكر وليس كأنثى وبالتالي سوف يكبر ويترعرع ويتعامل ويُعامل كذكر طبيعي، علاوة على ذلك في حالتنا هذه وللأسف فإن الخصيتين لا تكونان في مكانهما الصحيح (خارج الجسم) إنما في داخل الجسم، ومن المعروف أن درجة حرارة الخصيتين الطبيعية تقريبا 22 درجة مئوية أي أقل من درجة حرارة الجسم الداخلية 37 درجة حرارية، لهذا وجود الخصيتين داخل الجسم يؤدي إلى الموت التدريجي للخصيتين مما يُفقد هذا الذكر قدرته المستقبلية على الإنجاب. وهذا كله يمكننا تجنبه عن طريق الكشف المبكر، الذي يتم عن طريق عدة فحوصات وعمليات، من بينها الفحص الجيني للكروموسومات، والفحص الداخلي للأعضاء الباطنية الداخلية.

في بحثنا هذا علينا التنويه والتدقيق في مصطلحين مهمين ويجب علينا التفريق بينهما، التحويل الجنسي والتصحيح الجنسي.

بالنسبة للتحويل الجنسي، فهو أن يكون هناك أنثى كاملة وحاملة للكروموسومات الأنثوية ( XX ( وتريد التحويل الى ذكر أو العكس. وهنا أنوه إلى أن هذا التحويل لا يكون كاملا أبدا!!! ولا يمكن التحويل الكامل بين الجنسين.

أما التصحيح الجنسي فهو متمثل في حالتنا هذه، أي أن يكون هناك ذكر كامل ولكن بسبب نقص في هرموناته الذكرية بدت عليه الصفات الأنثوية في مرحلة ما من حياته، وهذه الحالة طبيعية مئة بالمئة وتعالج بشكل طبيعي مثلها مثل أي مرض اخر.

العلاج لحالتنا هذه يتمحور في ثلاث نقاط رئيسية: الهرمونات، والجراحة، والطبيب النفسي.

وبسبب أن حالتنا عبارة عن نقص في الهرمونات الذكرية فإن من أهم مراحل العلاج هو إعطاء الهرمونات وأهمها (هرمون التستوستيرون والدايهايدرو تستوستيرون).

أما الجراحة فهدفها هنا، إعطاء الأعضاء الذكرية شكلها الخارجي الطبيعي ( جراحة تجميلية ) ، وأيضا ارجاع الخصيتين إلى مكانهما الصحيح.

والأهم من هذا كله هو الطبيب النفسي، الذي عليه ان يكون متابع للحالة بأدق تفاصيلها، ليس فقط للشخص نفسه إنما أيضا للأشخاص من حوله وأهمهم الأهل، من خوف ان يعلم الناس وتساؤولات ماذا سنقول للناس وما الى ذلك.. فيضيع مستقبل الطفل او الطفل تفاديا لكلام الناس، فكثير من الحالات التي يتم التستر عنها فقط خوفا من كلام المجتمع، وهذا يعني أن ندمر حياة شخص بالكامل فقط لارضاء واسكات المجتمع. لهذا يجب على الأهل أن يكونوا على وعي وعلم وجرأة كافية لمنع هذا التستر، بل وعليهم التعامل مع الحالة بشكل طبيعي دون الخجل أو الخوف فهذا مرض كأي مرض آخر وليس عار او فضيحة.

التشخيص غير الدقيق وعدم معرفة العائلة صعّب من حياة سلوى، سلوى بدأت تتعالج واهلها باتوا على دراية كاملة بحالتها/ حالته المرضية، الاهل تقبلوا وواجهوا المجتمع بمرض ابنتهم وسلوى تتعالج الان لتتحول لذكر.. بدأت قصتها صعبة للغاية ولكن مع الايام بدأت تتحسن الامور مع قبول الواقع الجديد لها ولعائلتها، فعلى العائلات ان تراقب اطفالها وتراقب نموهم وتتابعهم.