السبت: 27/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

هذا وطن نحبه.. هذا وطن لا نحبه.. لا نعلم

نشر بتاريخ: 29/11/2017 ( آخر تحديث: 29/11/2017 الساعة: 15:52 )

الكاتب: عوني المشني

لا يوجد أسوأ من الفساد في الشرق الا طرق مكافحته، لدرجة ان بقاء الفساد قد يكون اقل شرورا من طرق مكافحته، لا بل ان طرق مكافحة الفساد في الشرق جزء اصيل من الفساد نفسه !!!
كلام صادم وغير مفهوم، أليس كذلك ؟؟؟!!!!
لنرى
لا يختلف احد ان الفساد قد تحول في الشرق من فعل جرمي شاذ ومعزول ليصبح احد سمات وميزات النظم السياسية والإدارية ، المحسوبية وانعدام الشفافية وانتقائية تطبيق القانون ، هذه الظروف تخلق بيئة خصبة للفساد ولكنها لا تجعله جزء من النظام . ما يجعل ما يجعل الفساد جزء من النظام هو توظيف النظام ذاته للفساد ومكافحته لشراء الولاء السياسي او محاربة الخصوم السياسيين ، وهذا بالضبط ما يميز نظم الشرق وما يجعلها نظم ليست فاسدة فقط بل ومفسدة ايضا وهذا هو الاخطر .
النظام في شرقنا يشجع الفساد ويحاربه
النظام يعلي شأن الفاسدين ثم يصرفهم
النظام يوفر لهم الفرص للفساد ثم يسد علي الفساد المنافذ
انها اللعبة التي يحترفها الشرق كما لا يحترف اي شيئ اخر
النظام يخلق حماية للفاسدين ما دام هؤلاء يقدمون الولاء والطاعة
النظام يزيل العقبات القانونية من أمامهم ليستطيعوا ممارسة فسادهم بدون عوائق
النظام يهدم البنية الإدارية التي تمنع الفساد ليجري بناء نظم ادارية فيها من الثغرات ما يكفي ليمارس الفاسدين فسادهم
هذا جميعه يحدث في ظل ضمان الولاء الكامل والمطلق
وعندما يهتز هذا الولاء او يتغير ماذا يحدث ؟؟!!!
تفعل القوانين دفعة واحدة ضد من تغير او اهتز ولاءه
تُمارس الشفافية في قضيته لتصبح قضية رأي عام
وتمارس كل أشكال المسائلة والتمحيص والتدقيق
لا يوجد ما هو ممنوع بالمطلق ، ولا ما هو مسموح بالمطلق
كل شيئ في ظل الولاء مسموح ،
وكل شيئ في ظل عدم الولاء ممنوع .
والاسوأ انه بالإطاحة برأس من رؤوس الفساد يحل مكانه فورا شخصا اخر ليبدأ رحلة الفساد من جديد وبنهم اكبر كونه يدرك ان فرصته قد لا تكون طويلة وليستغل كل دقيقة في جمع اكبر رصيد ، وهكذا تصبح عملية محاربة الفساد استبدال لأشخاص وليس إنهاء للفساد .
انها معادلة توظيف الفساد في ترسيخ الحكم ، انها معادلة تصنعها الأنظمة وتحرص على استمرارها بما يخدمها .
الأمثلة !!!!
كل الوطن العربي من الفساد شمالا الى الفساد جنوبا ومن الفساد غربا الى الفساد شرقا يصفعنا بالحقيقة الفاسدة هذه ، صباح مساء وما بين الصباح والمساء فساد وما بين المساء والصباح فساد وموسيقى وليالي حمراء .
لا عجب اذن ان يبحث المواطن العربي عن تغيير ، حتى وان كان عبر ربيع مشكوك فيه ، حتى وان كان عبر قوى ظلامية أشد قسوة واكثر دموية من الفساد ذاته ، حتى وان كان عبر التنجيم وقارئي الكف ، حتى وان كان عبر انتظار المهدي او المسيح عليه السلام او الحسين ، فكل الأشياء أصبحت افضل من حالة تدوير الفساد واستنساخه .
وطن يذبح المواطن من الوريد الى الوريد ، تارة باسم الدين وتارة باسم المصلحة الوطنية العليا وتارة باسم القانون
هذا وطن نحبه ، هذا وطن لا نحبك ، حقيقة لا اعلم .